وسط مخاوف حقوقية.. دعوات لحماية النساء الصحفيات في إيران

وسط مخاوف حقوقية.. دعوات لحماية النساء الصحفيات في إيران
دعوات لحماية الصحفيات- أرشيف

دعت منظمة “الدفاع عن تدفق المعلومات الحرة في إيران” إلى إنهاء القمع الإعلامي ضد النساء الصحفيات، محذّرة من أن النظام الإيراني يواصل استخدام الرقابة والترهيب كأداة لإسكات الأصوات النسائية المستقلة، لا سيما في المناطق الكردية مثل كرماشان، حيث يتقاطع القمع السياسي مع التمييز الجنسي بشكل صارخ.

جاء ذلك في تقريرها السنوي لعام 2024 الذي استعرضته وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الأربعاء، والذي وثّق اتساع نطاق القمع الإعلامي في البلاد، مسلطًا الضوء على معاناة الصحفيات الإيرانيات اللواتي يواجهن تهديدات مستمرة، واستدعاءات أمنية متكررة، وأحكامًا قاسية بالسجن والجلد والمنع من العمل.

القمع واستهداف الصحفيات

أوضحت المنظمة في تقريرها أن نحو 256 صحفياً ومؤسسة إعلامية في إيران خضعوا لإجراءات قضائية قاسية خلال العام الماضي، تضمنت أحكامًا بلغت 70 عامًا من السجن و110 جلدات، في حين جاءت تهم “نشر الأكاذيب” و“الإضرار بالأمن القومي” على رأس الاتهامات التي استخدمتها السلطات لقمع الصحفيين.

وأكد التقرير أن الصحفيات يتعرضن لاستهداف مضاعف بسبب التمييز الجنسي البنيوي داخل مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن كثيرات منهن اضطررن لاستخدام أسماء مستعارة أو ترك العمل نهائيًا بعد تلقي تهديدات بالاعتقال أو الأذى الجسدي.

وكشفت الصحفية شلير. هـ من مدينة كرماشان – التي حُكم عليها عام 2019 بالمنع من مزاولة المهنة – أن قرار المحكمة “قلب حياتها رأسًا على عقب”. 

وقالت: “لم أدفع الثمن وحدي، بل عائلتي كلها. مكالمات وتهديدات واستدعاءات لا تنتهي.. صمتي لم يكن اختيارًا بل خوفًا على أحبّائي".

وتُظهر شهادتها أن سياسة الترهيب في إيران لا تقتصر على الصحفيين أنفسهم، بل تمتد لتطال أسرهم، في إطار استراتيجية ترمي إلى خلق مناخ من الرعب النفسي والاجتماعي لمنع الأصوات المعارضة من الظهور.

قمع يتجاوز الحدود

أما شيرين أحمدي (اسم مستعار)، وهي صحفية من كرماشان اضطرت لمغادرة البلاد قبل أكثر من 15 عامًا، فقد روت أنها حتى بعد الهجرة ووقف نشاطها الإعلامي، واصلت السلطات الإيرانية الضغط على عائلتها في الداخل، ما أجبرها على الصمت. 

وقالت: “كنت أتلقى تهديدات غير مباشرة عبر مكالمات من عائلتي، يهمس فيها رجل مجهول: عائلتك ضيوفنا، نريد التحدث عن نشاطك.”

ويعكس ذلك، بحسب التقرير، أن القمع الإيراني يتجاوز الجغرافيا، حيث تلجأ السلطات إلى المضايقات العابرة للحدود لملاحقة الصحفيات في المهجر، عبر التهديدات الإلكترونية وتشويه السمعة في الفضاء الرقمي.

عنف إلكتروني ممنهج

قالت الصحفية فرناز. ق، التي اعتُقلت في نوفمبر 2019 أثناء الاحتجاجات، إنها بعد الإفراج عنها واجهت “حملة تشويه متعمدة”، تضمنت نشر صورها القديمة وتعليقات مهينة. 

وأضافت: “كان الهدف واضحًا: إذلالي ودفعِي للتراجع عن العمل الإعلامي".

وتؤكد تقارير اليونسكو والاتحاد الدولي للصحفيين أن أكثر من 70% من الصحفيات حول العالم يتعرضن لهجمات رقمية وتهديدات عبر الإنترنت، وأن النساء في الإعلام يواجهن مستويات أعلى من العنف الرقمي مقارنة بالرجال، في حين تأتي إيران ضمن أكثر الدول التي تُستخدم فيها هذه الأساليب كأداة للرقابة والتخويف.

بنية ذكورية وخنق للحرية

قالت سارا منشي، طالبة علم الاجتماع، إن جذور قمع الصحفيات في إيران تعود إلى “البنية الذكورية للسلطة”، التي تعتبر المرأة المستقلة تهديدًا مزدوجًا بوصفها صحفية تكشف التمييز، وامرأة ترفض الأدوار التقليدية المفروضة عليها. 

وأضافت أن النظام يستخدم أدوات متعددة مثل التشهير الإلكتروني والرقابة الأمنية لتقييد حرية النساء في المجال العام.

ورغم القمع المستمر، تؤكد تقارير المنظمات الحقوقية أن محاولات النظام لإسكات الصحفيات تواجه مقاومة متزايدة، داخل إيران وخارجها، فالأصوات التي تُجبر على الصمت لا تختفي، بل تعود بأشكال جديدة عبر الإعلام الرقمي والمهجر. 

وكما قالت إحدى الصحفيات الإيرانيات: "كل رسالة تهديد كانت محاولة لإذلالي، لكنها أيضًا كانت تذكيرًا بأن كلمتنا ما زالت تُخيفهم".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية