حملة "راجعات".. نداء نسوي يعيد صوت الحرية إلى شوارع تونس
حملة "راجعات".. نداء نسوي يعيد صوت الحرية إلى شوارع تونس
في مشهد يعكس عودة الروح إلى الحراك النسوي التونسي، أطلقت ناشطات من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات حملة “راجعات” التي تحولت سريعاً إلى رمز مقاومة ضد التضييق وغلق الفضاءات المدنية، وإلى صرخة مفتوحة في وجه القمع والصمت المفروض على النساء والإعلاميات والحقوقيات في تونس.
وتصدّت الناشطة نائلة الزغلامي، وهي من أبرز وجوه الحركة النسوية في تونس، لمحاولات إسكات أصوات النساء، مؤكدة أن الحملة تعبّر عن "عودة نساء الجمعية إلى ساحات النضال المدني والسياسي رغم محاولات تكميم الأفواه وغلق المقرات"، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأربعاء.
وقالت في تصريحات صحفية، إنّ "راجعات هي رسالة مفتوحة: أنه لن تُغلق أفواهنا، ولن تُطفأ أصواتنا، سنعود لاستقبال النساء المعنفات، وسنواصل وجودنا في الحياة العامة مهما اشتدت القيود، لأن الحرية لا تتجزأ، وكرامة النساء لا تتجزأ".
رسائل تضامن قوية
شهدت الحملة انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً عبر فيسبوك، حيث تفاعلت نساء من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية مع الوسم #راجعات، في موجة تضامن إلكترونية أعادت للأذهان بدايات الحراك النسوي في تسعينيات القرن الماضي.
ونشرت الناشطة يسرى فراوس تدوينة مؤثرة قالت فيها: "اليوم صرّحت سنية الدهماني في المحكمة: لقد تعبت وأريد أن أعود إلى منزلي. ومن أجل سنية وكل سنية في البلاد، نحن راجعات".
أما جليلة زنايدي فكتبت: "راجعات متضامنات ضد كل الرجعيات، راجعات من أجل المساواة والحقوق والحريات"، في حين عبّرت منيرة بلغوثي عن المعنى الأعمق للحملة بقولها: "راجعات ليس من غياب بل من حضور أطول من كل تجميد".
وأكدت خولة بوكريم في منشورها أن "أصوات الحرية لا تُخمد، ولا النساء"، داعيةً إلى تفعيل الهاشتاق دعماً للحملة، في حين قالت حياة عطار: "الحرية لا تُعطى على جرعات، إما أن تكون أو لا تكون حراً".
نضال يتحدى الصمت
أوضحت الزغلامي أن الجمعية التي كانت سبّاقة في مناهضة العنف ضد النساء، أصبحت اليوم ضحية للعنف نفسه.
وقالت: "وجدنا أنفسنا نواجه عنفاً من نوع آخر، عنف الدولة التي تغلق مقراتنا وتكمم أفواهنا وتحد من حرية الفكر والتعبير والضمير، لكننا نؤمن أن الحرية تُنتزع ولا تُمنح، وسنفتكها بتحركاتنا في الشارع وبتضامننا مع النساء في كل مكان".
وأكدت أن الجمعية تعمل على تفعيل القوانين والتشريعات التي تحمي النساء، مثل القانون عدد 58 لمناهضة العنف ضد النساء، واتفاقية عدد 37 لسنة 2021 الخاصة بالعاملات المنزليات، مضيفة أن نشاط الجمعية خلال حملة "16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة" سيكون فرصة جديدة للعودة إلى الشارع رغم التضييقات.
صوت في مواجهة القمع
تحدثت الزغلامي أيضاً عن وجود معتقلات من بين المحاميات والإعلاميات والناشطات في السجو اللواتي يخضن إضرابات عن الطعام احتجاجاً على أوضاعهن المزرية. وقالت إن "حياتهن مهددة لأنهن تجرأن على قول الحقيقة".
ووجّهت رسالة إلى النساء التونسيات والعربيات: "نحن راجعات ولو بعد التجميد، راجعات ولن نستسلم، وسنظل سنداً لكل النساء والسجينات والمهجرات قسراً مثل بشرى بلحاج حميدة. لن تثنينا أي عقوبة عن نضالنا المستمر والمستميت من أجل الحرية والمساواة".
وتمثل حملة "راجعات" اليوم أكثر من مجرد مبادرة نسوية؛ إنها إعلان تحدٍّ ضد محاولات طمس الوعي المدني في تونس، ورسالة بأن صوت النساء لا يمكن حجبه مهما ضاقت الساحات، فالحملة تُعيد التذكير بأن النضال النسوي لم يكن يوماً ترفاً، بل ضرورة للحفاظ على مكتسبات الثورة وحقوق الإنسان.










