تفاقم مأساة المهاجرين في البحر المتوسط.. وسط مطالبات بإغلاق مراكز الاحتجاز الليبية

تفاقم مأساة المهاجرين في البحر المتوسط.. وسط مطالبات بإغلاق مراكز الاحتجاز الليبية
أحد مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا

رجحت المنظمة الدولية للهجرة، الأربعاء، أن يكون 42 شخصاً قضوا بعد غرق مركب كان يُقل عشرات المهاجرين قبالة السواحل الليبية في الثالث من نوفمبر الحالي، فيما تم إنقاذ سبعة أشخاص بعد أن أمضوا ستة أيام في البحر.

وأوضحت الوكالة الأممية في بيان أن القارب المطاطي كان ينقل 49 مهاجراً من بينهم امرأتان، وجرى تنفيذ عملية بحث وإنقاذ من قبل السلطات الليبية في الثامن من نوفمبر.

الإنقاذ الجزئي لا يقلل من حجم الكارثة الإنسانية التي تتكرر على طول السواحل الليبية، حيث يعتبر البحر الأبيض المتوسط أخطر طريق للهجرة في العالم، بسبب ممارسات الاتجار غير القانونية، والقيود على عمليات الإنقاذ، والقدرات المحدودة للسلطات المحلية.

البحث عن المفقودين

سجلت المنظمة الدولية للهجرة وفاة 456 مهاجراً منذ بداية العام قبالة سواحل ليبيا، بينهم نساء وأطفال، في محاولاتهم العبور إلى أوروبا.

وتشير الإحصاءات إلى اعتراض نحو 17 ألف شخص وإعادتهم إلى ليبيا، بينهم 1516 امرأة و586 طفلاً، وسط ظروف احتجاز قاسية، وقد لقي ما لا يقل عن 60 مهاجراً مصرعهم بعد غرق قاربين قبالة ليبيا منتصف هذا العام، ما يوضح استمرار خطورة طرق الهجرة البحرية.

تدعو هذه الأرقام إلى إلقاء الضوء على الهشاشة المتزايدة لللاجئين والمهاجرين في المنطقة، حيث يعاني الكثيرون من العنف، والابتزاز، والتعذيب في مراكز الاحتجاز، فضلاً عن تعرض بعض الجثث التي تم العثور عليها في مقابر جماعية لإصابات ناجمة عن طلقات نارية، وهو ما يبرز خطورة الوضع الإنساني في ليبيا.

طريق الموت إلى أوروبا

في تصريحات سابقة، أوضحت المديرة العامة لمنظمة الهجرة إيمي بوب أن الطريق نحو أوروبا عبر ليبيا يعد الأخطر بين جميع مسارات الهجرة التي تتعامل معها المنظمة الدولية، مشيرة إلى أن آلاف المهاجرين يواجهون ظروفاً إنسانية قاسية، في ظل انعدام الأمن وانتشار شبكات التهريب.

ووفق تقديرات السلطات الليبية، فإن ما بين ثلاثة وأربعة ملايين شخص دخلوا البلاد بشكل غير قانوني، وقد استفاد المهرّبون وتجار البشر من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها ليبيا لتوسيع نشاطهم وبناء شبكات تهريب أكثر تعقيداً.

وأضافت بوب أن أغلب الوفيات المسجلة بين المهاجرين تعود لأشخاص انطلقوا من السواحل الليبية وغرقوا في البحر الأبيض المتوسط، مشيرة إلى حوادث مأساوية متكررة خلفت العديد من الضحايا.

انتهاكات حقوق الإنسان

وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء، طالبت عدة دول، بينها بريطانيا وإسبانيا والنرويج وسيراليون، سلطات ليبيا بإغلاق مراكز الاحتجاز التي تتعرض فيها المهاجرون واللاجئون لسوء المعاملة والتعذيب بحسب وكالة فرانس برس، ودعت إلى تمكين الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية من الوصول دون قيود إلى المقابر الجماعية، وذكرت تقارير أن بعض المهاجرين يُحتجزون في مستودعات على يد مهربين، حيث يتعرضون للعنف والابتزاز.

وأشارت الوكالة الأممية إلى أن الفصائل المسلحة في ليبيا تفلت من العقاب وتعرقل عمل المحاكم، ما يفاقم الانتهاكات ويضع حياة المهاجرين في خطر دائم.

خلال اجتماع الأمم المتحدة في جنيف، دعت الدول المشاركة إلى حماية المهاجرين والحد من الاحتجاز التعسفي، مع توفير وصول كامل للمجتمع الدولي إلى مواقع الاحتجاز والمقابر الجماعية، وأكدت منظمات حقوقية دولية ضرورة فرض قيود صارمة على شبكات التهريب، ومحاسبة الفصائل المسلحة على الانتهاكات التي ترتكبها بحق المهاجرين واللاجئين.

وتعد هذه الدعوات جزءاً من الجهود العالمية للحد من الكوارث البحرية وحماية الحقوق الأساسية للمهاجرين، حيث يُنظر إلى التدخل الدولي الفعّال كخيار لإنقاذ الأرواح وتقليل الخسائر الإنسانية، مع مراعاة التحديات السياسية والأمنية في ليبيا.

ردود فعل السلطات الليبية

أكد الطاهر سالم الباعور، القائم بأعمال وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة المعترف بها دولياً في غرب ليبيا، أن الدولة تبذل جهوداً لضمان احترام حقوق الإنسان رغم التحديات خلال الفترة الانتقالية، مشيراً إلى خطوات تشمل قبول ولاية المحكمة الجنائية الدولية وإنشاء لجنة مشتركة للتعامل مع مراكز الاحتجاز، وأوضح أن مراجعة أوضاع ليبيا جزء من عملية تقييم دولي يشمل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بهدف توصية بتحسينات ملموسة.

منذ الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي عام 2011، شهدت ليبيا حالة من الانقسام والفوضى الأمنية، حيث تسيطر فصائل مسلحة متعددة على أراضي متفرقة، مما أدى إلى انتشار الاحتجاز التعسفي والاتجار بالبشر، وتعد ليبيا محطة رئيسية للمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء الفارين من النزاعات والفقر، في محاولة للوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

تشير تقارير حقوقية إلى أن المهاجرين في ليبيا يواجهون أخطاراً مضاعفة، حيث تتقاطع مشكلات الاحتجاز، والاتجار، وغياب القانون، والقيود على العمليات الإنسانية، ما يجعل حياتهم معرضة للتهديد المستمر، وتؤكد هذه المأساة الأخيرة الحاجة إلى استجابة عاجلة على المستوى الدولي لتعزيز الحماية الإنسانية وتقوية آليات البحث والإنقاذ.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية