تبعات هجوم واشنطن.. الحكومة الأمريكية تجمد قرارات اللجوء وتشدد سياسة الهجرة
تبعات هجوم واشنطن.. الحكومة الأمريكية تجمد قرارات اللجوء وتشدد سياسة الهجرة
تُسلّط الإجراءات الأمريكية الأخيرة الضوء على منعطف حادّ في سياسات الهجرة واللجوء داخل الولايات المتحدة، بعدما أعلنت الحكومة تجميد كل القرارات المتعلقة باللجوء في أعقاب هجوم مسلّح في واشنطن خلّف قتيلة ومصاباً بجروح خطيرة.
وبينما تبرّر الإدارة هذه الخطوات بضرورات الأمن القومي، يحذّر خبراء حقوق الإنسان من مخاطر توظيف حادث فردي لإحداث تغييرات واسعة قد تطال عشرات الآلاف من طالبي اللجوء، خصوصاً القادمين من دول تشهد نزاعات واضطرابات.
ويثير القرار كذلك تساؤلات حول التمييز، وتضييق إجراءات الحماية الدولية، وتداعياته على آلاف الأفغان الذين دخلوا الولايات المتحدة عقب الانسحاب الأمريكي من كابول عام 2021.
تجميد قرارات اللجوء
أعلنت الحكومة الأمريكية وقفاً شاملاً لكل القرارات المتعلقة باللجوء، بعد الهجوم الذي وقع قبل يومين وأودى بحياة جندية من الحرس الوطني، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم السبت.
وأوضح مدير دائرة الهجرة جوزف إدلو أن القرار يشمل "كل الملفات" إلى حين إخضاع جميع الأجانب لتدقيق أمني مشدد.
ويشكّل هذا التجميد ضربة مباشرة لنظام اللجوء، خاصة أنه يأتي بعد أسابيع من إعلان خفض عدد المقبولين سنوياً إلى 7500 فقط مقارنة بنحو مئة ألف في عهد الرئيس السابق جو بايدن.
واتخذت الإدارة الأمريكية سلسلة إجراءات متزامنة، منها تعليق إصدار التأشيرات لأي حامل جواز سفر أفغاني، ومراجعة شاملة لتصاريح الإقامة الدائمة الصادرة لمواطني 19 دولة تُعتبر "مصدر قلق".
وكتب وزير الخارجية ماركو روبيو أن حماية الأمن القومي هي "الأولوية القصوى".
وتأتي هذه السياسات في إطار منحى تشديدي بدأ يتصاعد بعد الحادث، مدفوعاً بتصريحات سياسية تتعهد بوقف الهجرة من "دول العالم الثالث".
الحادثة المحرّكة للقرارات
أشارت التحقيقات إلى أن المشتبه فيه رحمن الله لاكانوال، وهو أفغاني يبلغ من العمر 29 عاماً، وصل إلى الولايات المتحدة عام 2021 بعد خدمته ضمن وحدات كوماندوس أفغانية دعمت القوات الأمريكية خلال الحرب.
وتتهمه النيابة بقتل جندية شابة وإصابة آخر، وتعتزم المطالبة بعقوبة الإعدام. ورغم عدم معرفة دوافعه حتى الآن، إلا أن الواقعة أثارت موجة تصريحات سياسية قوية حمّلت ملف الهجرة مسؤولية ثغرات أمنية محتملة.
وعقب إعلان وفاة الجندية سارة بيكستروم، جدد الرئيس ترامب دعوته لمنع الهجرة من "دول العالم الثالث"، في خطاب يرى حقوقيون أنه يُحمّل جماعات كاملة مسؤولية جريمة فردية، ويهدد مبدأ عدم التمييز المنصوص عليه في القانون الدولي.
كما وصفت المدعية العامة بام بوندي المشتبه به بأنه "وحش"، في خطاب ذي طابع تحريضي أثار انتقادات واسعة.
انعكاسات على الجالية الأفغانية
بيّنت البيانات الرسمية أن أكثر من 116 ألف أفغاني يحملون بطاقات الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، ضمن أكثر من 190 ألف وصلوا منذ سيطرة طالبان على كابول.
ورغم خضوعهم لتدقيق أمني صارم بحسب منظمات غير حكومية مثل AfghanEvac، تخشى الجاليات الأفغانية أن تؤدي القرارات الجديدة إلى وصمٍ جماعي وتراجع فرص الاندماج والحماية.
ونقلت وسائل إعلام أمريكية أن المشتبه به قد يكون عانى من اضطرابات نفسية ناتجة عن أعماله العسكرية السابقة.
وقالت الإدارة الأمريكية إنها ستجري مراجعة دقيقة لتصاريح الإقامة الخاصة بمواطني الدول الـ19 الواردة في اللائحة الأمنية.
وقد يؤدي ذلك إلى إعادة النظر في وضع قانوني لأكثر من 1.6 مليون مقيم دائم، ما يفتح الباب لقرارات ترحيل أو تعليق مزايا الهجرة.
مخاوف حقوقية متصاعدة
تنظر المنظمات الحقوقية إلى هذا التوجه بقلق شديد، إذ إن ربط اللجوء والأمن القومي بشكل مباشر قد يؤدي إلى تراجع التزامات الولايات المتحدة في حماية الفارّين من الاضطهاد والحروب، في مخالفة لمبدأ عدم الإعادة القسرية.
ويخشى مراقبون من أن يتحول الحادث الفردي إلى ذريعة لتغيير معمّق في سياسات الهجرة، على نحو يمسّ قيم العدالة والحياد التي تمثلها منظومة اللجوء الأمريكية.
ويمثل القرار الأمريكي منعطفاً كبيراً في ملف اللجوء والهجرة، يضع حقوق مئات الآلاف على المحكّ.
وبينما تستند الحكومة إلى الضرورات الأمنية، تشير المعطيات الحقوقية إلى أنّ الإجراءات تحمل طابعاً عقابياً جماعياً قد يناقض المعايير الدولية، ما يجعل الأشهر المقبلة حاسمةً في تحديد مستقبل ملف اللجوء داخل الولايات المتحدة.











