حكايات من وسط الجالية.. قلق بين اللاجئين الأفغان بالولايات المتحدة بعد هجوم واشنطن
حكايات من وسط الجالية.. قلق بين اللاجئين الأفغان بالولايات المتحدة بعد هجوم واشنطن
أدخل الهجوم الذي نفّذه مهاجر أفغاني على اثنين من عناصر الحرس الوطني الأمريكي في واشنطن، مجتمع المهاجرين الأفغان في الولايات المتحدة في حالة من الصدمة والخوف والقلق، وأكد لاجئون أن الحادثة أثرت بشكل مباشر في حياتهم اليومية، وجعلتهم يشعرون بانعدام الأمن والتهديد والخجل، بسبب تصرف فردي تحول إلى أزمة جماعية لهم.
وقالت بعض الأصوات في الجالية الأفغانية في مقابلة أوردها موقع قناة "أفغانستان إنترناشيونال"، اليوم السبت، إنهم يعيشون لحظات من القلق المستمر، إذ أصبحوا يخشون نظرة المجتمع الأمريكي إليهم، ويخشون أن تتغير الصورة النمطية عنهم وأن يصبحوا عرضة للتمييز والضغط النفسي والجسدي، رغم تاريخهم الطويل من المعاناة بسبب قمع حركة طالبان وتجارب النزوح والهجرة القسرية.
وقع الهجوم يوم الأربعاء الماضي وأسفر عن إصابة اثنين من عناصر الحرس الوطني بجروح بالغة، توفي أحدهما لاحقًا، ونتيجة مباشرة لهذه الحادثة أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمراً بوقف جميع ملفات الهجرة الخاصة بالأفغان، مشيراً إلى أن جميع الملفات التي قُبلت في عهد الإدارة السابقة ستخضع لمراجعة جديدة، كما شملت المراجعة بطاقات الإقامة الدائمة، ما قد يعرض الوضع القانوني لعدد كبير من الأفغان للخطر ويضعهم في حالة من عدم اليقين.
ويعكس هذا القرار حالة من الهلع بين اللاجئين الذين أصبحوا يشعرون بالخجل وعدم القدرة على مواجهة الجيران أو زملاء العمل، ويخشون خسارة وظائفهم أو احتمال الترحيل إلى أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان، وتؤكد شهادات المهاجرين أن نتيجة هذه الإجراءات هي حالة عامة من الحيرة واليأس والإحباط، وأن أفراد الجالية يعيشون في توتر دائم بسبب ما قد يترتب على تصرف فرد واحد.
قلق داخل الجالية
أكد صحفي أفغاني نُقل إلى الولايات المتحدة بعد سقوط كابل في عام 2021 أن قلقه الأكبر يكمن في تغير النظرة المجتمعية تجاه الأفغان، واعتبر أن هذا التحول في الانطباع العام قد يؤدي إلى مزيد من الصعوبات القانونية والاجتماعية ويجعل اللاجئين عرضة لسوء الفهم والملاحقة غير العادلة.
وأشار أحد اللاجئين إلى أن الحادثة الأخيرة عرضت جميع ملفات اللجوء للخطر، بغض النظر عن المرحلة التي وصلت إليها، مؤكدًا أن هذا التغيير خلق شعوراً بالريبة واليأس، وأن الكثيرين باتوا يعيشون في حالة من الخوف المستمر والاضطراب النفسي.
وحذر الكاتب مجيب مهرداد من أن الحادثة الأخيرة في واشنطن قضت تقريباً على أمل الذين ينتظرون الإجلاء من أفغانستان أو من دول المنطقة.
وأوضح أن الإدارة الحالية ربما كانت تبحث عن ذريعة لإعادة فتح ملفات جميع الأفغان الموجودين داخل الولايات المتحدة، وأضاف أن هذا النهج سيؤدي إلى تصعيد الضغط على المهاجرين الأفغان وزيادة المشاعر المعادية لهم، سواء على منصات التواصل الاجتماعي أو في بعض المؤسسات الرسمية، حيث بدأ البعض الحديث عن ترحيل جماعي أو قيود أكثر صرامة.
ومن الأمثلة على هذا التحول تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين، حيث دعا السيناتور الجمهوري تومي تابرويل إلى منع دخول جميع المهاجرين المسلمين ردًا على الهجوم، ما يعكس تصاعد الكراهية وسوء الظن تجاه الجالية الأفغانية.
تهديد قانوني وخطر شخصي
أفغانستان تصنف ضمن قائمة الدول المثيرة للقلق في الولايات المتحدة، ما يعني أن ملفات المهاجرين والإقامة الدائمة للأفغان في البلاد باتت تحت مراجعة جديدة قد تهدد وضعهم القانوني.
وأكد المحامي المتخصص في الهجرة آصف إحسان أن آلاف الأفغان الذين نُقلوا إلى الولايات المتحدة بعد سيطرة طالبان كانوا في وضع تهديد حقيقي، وأن طالبان كانت تبحث عن كل من تعاون مع الحكومة السابقة أو القوات الأمريكية، مشيراً إلى أن كثيراً من الذين تم إجلاؤهم كانوا مهددين بخطر وشيك على حياتهم.
وأوضح إحسان أن قصص اللاجئين مؤلمة للغاية، فالبعض فقد أفراد عائلته، وآخرون ما زالوا يحملون آثار الهجمات السابقة، في حين عانى آخرون من تهديدات وعنف وخسائر يصعب تصورها، ورغم أن التدقيق الأمني ضروري، شدد على أن أغلب الأفغان هم ضحايا للإرهاب وليسوا مجرمين، وقد قدموا إلى الولايات المتحدة بحثاً عن الأمان والكرامة وفرصة لبداية جديدة.
التحويل السياسي للحدث
انتقد المسؤول الأفغاني السابق وليد تميم بشدة تسييس الحادثة، مؤكدًا أن حوادث مماثلة تحدث في دول كثيرة وتُناقش عادة من زاوية شخصية ونفسية، لكن هذه المرة تحولت الحادثة إلى قضية سياسية، وقال إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استغل الحادثة لإثارة المشاعر العامة وتحويل الانتباه عن قضاياه الداخلية، محوّلًا اللاجئ الأفغاني من ضحية سنوات الحرب والعنف والصدمات إلى مادة في صراع سياسي داخلي.
وأضاف تميم أن الولايات المتحدة بلد كبير ومتعدد الثقافات، لكن السياسات الحادة والمنقسمة، خاصة خلال فترة ترامب، تدفع المجتمع نحو انقسامات خطيرة، وتهدد التعايش بين الجماعات المختلفة، وتزيد من صعوبة اندماج اللاجئين الأفغان الذين جاؤوا طلبًا للحماية والأمان.
شهدت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة موجة كبيرة من استقبال اللاجئين الأفغان بعد سيطرة حركة طالبان على أفغانستان عام 2021، وتم نقل آلاف اللاجئين الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية أو الحكومة السابقة، ضمن برامج الإجلاء الخاصة، بهدف حمايتهم من الانتقام أو الاعتداءات.
تواجه هذه الفئة تحديات كبيرة، منها التعامل مع الصدمات النفسية الناتجة عن النزوح والخسائر الشخصية، فضلاً عن التكيف مع المجتمع الجديد وظروف العيش المعقدة. القانون الأمريكي يوفر حماية للمهاجرين، لكن الأحداث الفردية التي تقع أحياناً تُستغل سياسياً أو تُحوّل إلى أداة للضغط على جميع أفراد الجالية، ما يزيد من المخاطر القانونية والاجتماعية عليهم.
يؤكد خبراء الهجرة وحقوق الإنسان أن التعامل مع اللاجئين يجب أن يكون فرديًا، بعيدًا عن التعميمات، مع حماية حقوقهم الإنسانية والنفسية، وضمان فرص اندماجهم في المجتمع دون خوف من التمييز أو الترحيل غير المبرر، ويعد أي استهداف سياسي لمجتمع بأكمله نتيجة فعل فردي خطراً على قيم التعددية والتعايش، ويعكس تراجعاً في حماية حقوق المهاجرين واللاجئين في الولايات المتحدة.











