وسط سياسات متشددة للهجرة.. تحذيرات حقوقية من تخلي بريطانيا عن الفارين من هونغ كونغ
وسط سياسات متشددة للهجرة.. تحذيرات حقوقية من تخلي بريطانيا عن الفارين من هونغ كونغ
أطلق السياسي المنفي من هونغ كونغ، ناثان لو، سلسلة تحذيرات من مغبة تغييرات حكومية بريطانية قد تضر بفئة واسعة من الفارّين من الاضطهاد السياسي، حيث يؤكّد وهو أحد أبرز قادة الحركة المؤيدة للديمقراطية، أن خطط الهجرة البريطانية الجديدة "قد تُخون لاجئي هونغ كونغ"، محذرًا من أن الالتزام الأخلاقي للمملكة المتحدة ينبغي ألا يقتصر على حملة صفة "المواطن البريطاني في الخارج" (BNO).
ونقلت صحيفة "الغارديان" عن السياسي السابق رؤيته، والتي استشهد فيها بتاريخ العلاقات بين بريطانيا وهونغ كونغ، ومشيرًا إلى أن الاضطرابات السياسية التي شهدها الإقليم خلال السنوات الأخيرة فرضت موجات هجرة واسعة، ولا سيما منذ تسليم الإقليم للصين عام 1997.
ويقول ناثان لو، إن مئات الأشخاص أُجبروا على الفرار من منازلهم بسبب الاضطهاد السياسي، وإن أي تغيير في شروط الإقامة الدائمة داخل المملكة المتحدة سيؤثر بشكل بالغ في حياة هؤلاء.
تُظهر شهادة السياسي المنفي قلقًا واسعًا بين مجموعات مختلفة من النازحين من الإقليم، خصوصًا أولئك الذين لا يحملون صفة BNO، والذين يواجهون مصيرًا أكثر هشاشة في ظل أي تغييرات متعلقة بفترات الانتظار أو الشروط القانونية للتسوية.
قلق حقوقي
تُعدّ تغييرات الهجرة المقترحة جزءًا من مسار أوسع لإعادة هيكلة مسارات الهجرة القانونية داخل المملكة المتحدة، وتكشف وزيرة الداخلية شابانة محمود أن القواعد الجديدة تهدف إلى جعل سياسة التوطين البريطانية "الأكثر تحكمًا وانتقائية في أوروبا".
تشمل هذه التغييرات، رفع فترة التأهيل القياسية للحصول على الإقامة الدائمة من خمس سنوات إلى عشر سنوات.
ويُشير السياسي المنفي إلى أن هذا التغيير المقترح يخلق حالة جديدة من الريبة بين الهونغ كونغيين الذين هاجروا بسبب القمع السياسي، ويضيف أن الانتظار لسنوات إضافية سيزيد من الضغط النفسي الذي يعيشه اللاجئون الفارون من التهديدات، مؤكدًا أن الإقامة الدائمة ليست مجرد ورقة قانونية، بل "خط الدفاع الأول" لمن يفرون من العنف السياسي.
وتوضّح الغارديان أن الانتظار الحالي لخمس سنوات لن يتأثر بالنسبة لمن وُلدوا قبل الأول من يوليو 1997 والمسجلين كحاملي BNO لكن هذا الاستثناء لا يشمل جميع الفارّين من الاضطهاد السياسي، ما يعمّق الفجوة بين فئات مختلفة من مجتمع اللاجئين من هونغ كونغ.
زيادة عدم اليقين
تُبرز شهادة السياسي المنفي مستويات متزايدة من عدم اليقين، خصوصًا في ظل ملاحقة هوياتهم من قبل سلطات هونغ كونغ، وتذكر "الغارديان" أن السلطات في الإقليم خصصت مكافأة مالية قدرها مليون دولار هونغ كونغي (100,581 جنيهًا إسترلينيًا- 127,637 دولارًا أمريكيًا) لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على السياسي المنفي.
ويؤكد السياسي السابق أنه اطّلع على أدلة تتعلق بوجود تكليفات بالمراقبة تستهدف نشطاء منفيين آخرين، ويشير إلى أنه لا يشعر بالأمان الكامل، ولا يزال غير متأكد من الخطوة التالية في حياته، رغم إقامته داخل المملكة المتحدة.
وتبيّن تغطية الغارديان أن التغيير في فترة التأهيل سيطيل حالة عدم اليقين في حياة العديد من اللاجئين، الذين يناضلون من أجل الاستقرار والاندماج والقدرة على بناء حياة جديدة بعيدًا عن التهديدات السياسية والملاحقات الأمنية.
صوت اللاجئين في بريطانيا
وعلى صعيد متصل، تعرض صحيفة "يونغ بوست" وجهة نظر مجموعة من سكان هونغ كونغ الذين انتقلوا إلى المملكة المتحدة باستخدام مسار BNO، أو يخططون لذلك، وتكشف الشهادات الواردة في الصحيفة عن مستويات مرتفعة من القلق بين الأسر التي وضعت خططًا حياتية اعتمادًا على فترة التأهيل الحالية البالغة خمس سنوات.
ينقل التقرير شهادة الأب المقيم في المنزل كليمنت لاي، البالغ من العمر 42 عامًا، الذي يخطط للانتقال إلى مانشستر مع أسرته، ويقول إن حالة عدم اليقين التي أحدثها الكتاب الأبيض "الغامض" الذي أصدرته الحكومة البريطانية وضعت أسرته في "مأزق حقيقي".
ويضيف أن ابنته الصغيرة بحاجة إلى بدء الدراسة الابتدائية قريبًا، وأن الأسرة باعت بالفعل شقتها وأصولها في هونغ كونغ استعدادًا للانتقال.
ويخشى الأب أن تستلزم قاعدة "10+1" - أي عشر سنوات وبعدها سنة إضافية للحصول على الجنسية - تخصيص مبلغ إضافي يتراوح بين 200 ألف و300 ألف دولار هونغ كونغي لتغطية نفقات المعيشة، نظرًا لأن خطتهم المالية الحالية تغطي خمس سنوات فقط.
قلق واسع بين المهاجرين
ويشير التقرير إلى قلق واسع بين أعضاء مجموعات الهجرة على فيسبوك، والذين يرون أن الإقامة لمدة عشر سنوات فترة طويلة مقارنة بدول أخرى.
ويستعرض تقرير "يونغ بوست" شهادة العامل والنادل ومصمم الجرافيك كيت تشونغ، 34 عامًا، الذي انتقل إلى شيفيلد في مارس 2022، حيث يصف تشونغ شعوره بـ"العجز" بسبب عدم معرفة موعد حصوله على الإقامة الدائمة في ظل التغييرات المقترحة، ويشير إلى أنه كان بإمكانه اختيار كندا أو أستراليا، وهما توفران أيضًا مسارات مشابهة للحصول على الجنسية.
وتنقل الصحيفة رأي مدير الهجرة في شركة غولدماكس أسوشيتس ويليس فو ييو واي، الذي يرى أن مقترح إلزام المهاجرين بإكمال عشر سنوات في المملكة المتحدة سيقوّض ثقة سكان هونغ كونغ في الاستقرار هناك، ويشير إلى أن المسار الاستثماري من الفئة الأولى كان خيارًا مفضلًا سابقًا لدى المهاجرين، لكنه أصبح أقل جاذبية بسبب تعديلاته المالية.
ويعتبر مدير الهجرة أن اختبار اللغة الإنجليزية "عادل"، مع الإشارة إلى أن الكتاب الأبيض اقترح جعل اختبار "الحياة في المملكة المتحدة" شرطًا إلزاميًا للتجنس أو الاستقرار.
من جانبها، تنقل "أسوشيتد برس" تطورًا إضافيًا يسلط الضوء على مستوى التهديدات التي يواجهها ناشطو "هونغ كونغ" خارج الإقليم، وتوضح أن الناشط المطلوب من قبل حكومة هونغ كونغ ناثان لو مُنع من دخول سنغافورة خلال عطلة نهاية الأسبوع، رغم امتلاكه تأشيرة صالحة للزيارة.
رفض دون تفاصيل
تذكر الوكالة أن السلطات احتجزت الناشط في مطار سنغافورة لأربع ساعات قبل إخباره برفض دخوله، ثم بقي عشر ساعات أخرى قبل أن يستقل طائرة عائدًا إلى سان فرانسيسكو، ويشير الناشط إلى أنه كان سيحضر فعالية مغلقة، دون أن يقدّم تفاصيل.
ويرى الناشط أن قرار منعه من الدخول كان "سياسيًا على ما يبدو"، مشيرًا إلى احتمالية - دون تأكيد - أن تكون قوى خارجية مثل جمهورية الصين الشعبية متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتذكر الوكالة أن الناشط احتُجز في منشأة مخصصة لمن سيتم ترحيلهم، ثم رفض الإدلاء بتعليقات إضافية.
وتؤكد "أسوشيتد برس" أن قرار السلطات السنغافورية برفض دخول الناشط جاء استنادًا إلى أن دخوله "لن يكون في المصلحة الوطنية لسنغافورة"، ووتشير الوكالة إلى اتهامات موجهة ضد الناشط بالتواطؤ مع جهات أجنبية والتحريض على الانفصال، وأن هذه الاتهامات تستند إلى اجتماعات مع مسؤولين أجانب، وعرائض، ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتوضح الوكالة أن حكومة هونغ كونغ حثت الناشط على العودة وتسليم نفسه للسلطات، مؤكدة أنه "سيُلاحق مدى الحياة ما لم يسلّم نفسه".
الرد البريطاني
تنقل الغارديان تصريح المتحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية، الذي شدد على أن المملكة المتحدة "لا تزال ثابتة في التزامها بتوفير اللجوء والدعم لسكان هونغ كونغ".
ويضيف المتحدث أن من يُكتشف أنه معرض لخطر الاضطهاد أو الأذى الجسيم "لن يُتوقع منه العودة إلى هونغ كونغ".











