في يوم التضامن العالمي.. دعوات حقوقية لوقف الانتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين
في يوم التضامن العالمي.. دعوات حقوقية لوقف الانتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين
في يومٍ يتجدد فيه نداء التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، رفعت مؤسسات الأسرى الفلسطينية صوتها مجدداً مطالبة شعوب العالم ومؤسساته الدولية، بإنهاء ما وصفته بحالة الاستثناء التي مُنحت لإسرائيل لعقود طويلة، بدعم مباشر من الولايات المتحدة.
ويأتي هذا النداء من قلب مشهد يشهد تصاعداً غير مسبوق في الانتهاكات التي تطول الأسرى والمعتقلين، وتحول السجون الإسرائيلية إلى ساحات يمارس فيها القمع بأشكال متعددة، تمتد من الحرمان والتهديد وصولا إلى القتل المتعمد.
في بيان صادر عنها، اليوم السبت، تزامنا مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والذي تحييه الأمم المتحدة كل عام في تاريخ ارتباطه بقرار التقسيم رقم 181، أكدت المؤسسات الفلسطينية أن ما يجري داخل السجون ليس سوى جزء من المشهد الأوسع من الجرائم المرتكبة خلال الحرب على غزة والضفة الغربية.
واعتبرت أن هذه الجرائم امتداد طبيعي لمسار طويل من النكبات المتتابعة التي عاشها الفلسطينيون منذ أكثر من سبعين عاما، وفق وكالة أنباء سند.
السجون كمرآة للعنف
تقول مؤسسات الأسرى في بيانها إن السجون تشهد وجها آخر للإبادة، وإن عمليات القتل والإعدام الميداني للمعتقلين لم تعد حوادث فردية، بل باتت سياسة ممنهجة.
وتشير إلى أن شهادات الناجين من المعتقلات، وتقارير المحامين، وروايات ذوي الأسرى، تكشف عن مستويات غير مسبوقة من العنف داخل السجون ومراكز الاحتجاز، حيث يتعرض المعتقلون للضرب المبرح، والحرمان من العلاج، والحبس الانفرادي، إضافة إلى ظروف اعتقال مهينة لا تتوافق مع أي معيار إنساني.
وتحتجز إسرائيل اليوم أكثر من 9300 فلسطيني من بينهم ما يزيد على 3300 آلاف معتقل إداري دون أي تهمة أو محاكمة، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 350 طفلا ونحو 50 سيدة، بالإضافة إلى ما يزيد على 1340 أسيرا من قطاع غزة، منهم 1205 يخضعون لقانون المقاتل غير الشرعي الذي يسمح باحتجاز الشخص لفترات طويلة دون محاكمة أو ضمانات قانونية.
ومنذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، سجلت المؤسسات ما يقرب من 21 ألف حالة اعتقال في الضفة الغربية والقدس، في واحدة من أكبر موجات الاعتقال منذ سنوات طويلة، وغالبا ما تتم هذه الاعتقالات خلال اقتحامات ليلية، وفي ظروف قاسية، وترافقها اعتداءات جسدية ونفسية.
نداء لوقف الدعم العسكري
دعت مؤسسات الأسرى جميع الدول الداعمة لإسرائيل إلى وقف توريد السلاح والتكنولوجيا العسكرية وأدوات المراقبة التي تستخدم في ملاحقة الفلسطينيين وقمعهم داخل السجون وخارجها، واعتبرت أن الاستمرار في تزويد إسرائيل بهذه الأدوات يمثل مشاركة مباشرة في الانتهاكات، ويمنح غطاء لإفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.
وأكدت المؤسسات أن الوقت قد حان لتفعيل الولاية القضائية العالمية، ومحاكمة كل من تورط في التعذيب والقتل والاعتقال التعسفي، باعتبار هذه الممارسات جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم.
وطالبت المؤسسات الحقوقية بوقف كل أشكال التعاون الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي مع إسرائيل إلى حين التزامها بالقانون الدولي، وإطلاق سراح جميع الأسرى السياسيين الفلسطينيين دون قيد أو شرط، وشددت على ضرورة إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، وإلغاء المحاكم العسكرية، والسماح بإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع حالات الوفاة داخل السجون.
رسالة إلى العالم
تقول المؤسسات إن التضامن الحقيقي لا يجب أن يكتفي بالبيانات الرمزية، بل يتطلب خطوات عملية توقف دوامة العنف، وتحمي الأسرى من سياسة الإبادة البطيئة، وتضيف أن العالم أمام اختبار حقيقي اليوم، وأن استمرار الصمت الدولي يمنح الاحتلال مساحة لممارسة مزيد من الانتهاكات.
تتعامل الأمم المتحدة منذ سنوات مع قضية الأسرى الفلسطينيين باعتبارها قضية حقوقية وسياسية معقدة، وتشدد مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان على أن سياسة الاعتقال الإداري التي تنتهجها إسرائيل تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، إذ يُحتجز المعتقلون دون توجيه تهم واضحة، ودون منحهم حق الدفاع أو الاطلاع على الأدلة، وأشارت تقارير الأمم المتحدة المتتابعة إلى وجود أنماط موثقة من التعذيب وسوء المعاملة داخل مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، تشمل الاعتداء الجسدي، والحرمان من النوم، والعزل الانفرادي لفترات طويلة، وهي ممارسات تندرج ضمن حظر التعذيب الوارد في اتفاقية مناهضة التعذيب التي تعد إسرائيل طرفا فيها.
أما المنظمات الحقوقية الدولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش فقد وصفت الاعتقال الإداري بأنه وسيلة لإسكات النشطاء والمدافعين عن الحقوق، ودعت مرارا إلى وقف هذه السياسة، والتحقيق في حالات الوفاة داخل السجون، وفتح ممرات حقيقية لمراقبة ظروف الاحتجاز، كما تؤكد هذه المنظمات أن استمرار الدعم العسكري الخارجي لإسرائيل يسهم بشكل مباشر في توسيع دائرة الانتهاكات ويقوض جهود المساءلة الدولية.
يذكر أن اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني مناسبة تعتمدها الأمم المتحدة سنويا لإحياء الذاكرة الجماعية لقضية ما تزال تشكل أحد أطول الصراعات وأكثرها تعقيدا في العالم، ويوافق هذا اليوم التاسع والعشرين من نوفمبر، وهو التاريخ نفسه الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة قرار التقسيم رقم 181 عام 1947، والذي أسس لمرحلة مفصلية في مسار القضية الفلسطينية وما تلاها من تهجير ونزاعات وانتهاكات مستمرة.
ويهدف هذا اليوم إلى تذكير العالم بمسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني، وإلى دعم حقوقه غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعودة اللاجئين، كما يشكل منصة للتأكيد على ضرورة توفير حماية دولية للفلسطينيين في ظل ما يواجهونه من انتهاكات، وإعادة التأكيد على أهمية تحريك الجهود الدبلوماسية لإنهاء الاحتلال وتحقيق العدالة والسلام.











