بيرو تعلن الطوارئ بسبب ردود فعل عنيفة من المهاجرين المغادرين لتشيلي

بيرو تعلن الطوارئ بسبب ردود فعل عنيفة من المهاجرين المغادرين لتشيلي
مهاجرون في بيرو - أرشيف

أعلن الرئيس البيروفي خوسيه جيري أن حكومته ستفرض حالة طوارئ على طول الحدود الجنوبية للبلاد، بالتزامن مع تدفق متزايد للمهاجرين الفنزويليين المغادرين شمالًا من تشيلي في ظل أجواء سياسية محتقنة. 

وجاء قرار جيري بعد تصاعد التوتر الحدودي وتنامي خطاب معاداة المهاجرين في تشيلي خلال حملة رئاسية توصف بأنها من الأكثر حساسية في تاريخ البلاد الحديث، حيث يخشى المراقبون من انعكاساتها المباشرة على الاستقرار الإقليمي وعلى أوضاع آلاف الأسر الباحثة عن موطئ قدم آمن.

وذكرت وكالة أسوشييتد برس، اليوم السبت، أن السلطات البيروفية تعتزم نشر مزيد من القوات المسلحة على الحدود لتعزيز نقاط التفتيش ومراقبة الممرات غير الشرعية التي يعبر منها المهاجرون. 

وأشار التقرير إلى أن الجسر البشري المتنقل من المهاجرين الفنزويليين يتزايد بوتيرة لافتة، بعد أن وجد كثير منهم أنفسهم بين تضييق تشيلي وقلق بيرو، في حين تتفاقم الحملات السياسية التي تستخدم ملف الهجرة بوصفه ورقة انتخابية حساسة.

تحولات حركة الهجرة

شهدت الحدود التشيلية–البيروفية حركة معاكسة نادرة، إذ عاد عشرات المهاجرين -ومعظمهم من الفنزويليين الذين فروا سابقًا من الانهيار الاقتصادي والحكم الاستبدادي في بلدهم- إلى الشمال باتجاه بيرو، بعدما بدأت تشيلي في تشديد موقفها من الهجرة غير القانونية. 

وعبرت مئات الآلاف من الأسر الفنزويلية خلال السنوات الماضية إلى تشيلي باعتبارها دولة أكثر استقرارًا في أمريكا اللاتينية، مستفيدة من سوق العمل المزدهر والخدمات العامة المتقدمة نسبيًا، لكن تغيّر المناخ السياسي دفع كثيرين لإعادة حساباتهم.

وبنى المرشح الرئاسي اليميني المتشدد خوسيه أنطونيو كاست حملته الانتخابية على مخاوف السكان من الهجرة والجريمة المنظمة، وصوّر قبل أيام إعلانًا سياسيًا من قلب الحدود الصحراوية المتداخلة بين تشيلي وبيرو، محذرًا المهاجرين غير المسجلين بضرورة الرحيل "قبل فوات الأوان". 

وقال المرشح المحافظ الذي تُشير استطلاعات الرأي إلى تقدمه في سباق الإعادة المقرر في 14 ديسمبر، إن أمام المهاجرين "111 يومًا لمغادرة تشيلي طوعًا" قبل أن تبدأ حكومته -إن فاز- في تنفيذ عمليات توقيف واسعة.

تداعيات خطاب كاست

أظهرت وسائل الإعلام البيروفية خلال الأيام الأخيرة صورًا لعائلات تحمل حقائب سفر وأكياس قمامة، وتتحرك شمالًا بعد مغادرة المدن التشيلية دون تصاريح رسمية. 

ودفع المشهد الرئيس جيري إلى الانتقال بنفسه إلى المنطقة الحدودية لتفقد الإجراءات الأمنية، قبل أن يرسل وحدات من الجيش لتعزيز السيطرة على المعابر. 

واشتكى سكان المدن التشيلية الحدودية من فوضى متزايدة نتيجة تجمع المئات من العابرين العالقين بين تصعيد الخطاب السياسي وصعوبة الدخول إلى بيرو.

خلاف دبلوماسي مكتوم

أثار تسجيل كاست الجديد الذي كرر فيه تحذيراته للمهاجرين وحثّ فيه الرئيس التشيلي غابرييل بوريك على اتخاذ خطوات فورية، ردود فعل متباينة. 

ورفض وزير الخارجية البيروفي هوغو دي زيلا تصريحات كاست واعتبر أن مرشحًا رئاسيًا "لا يمكنه التحدث باسم حكومة تشيلي". 

واعتبر مراقبون أن مواقف كاست قد تخلق توترًا دبلوماسيًا مكتومًا بين الجارتين إذا ازدادت ضغوط الهجرة عند نقاط العبور.

تحذيرات حقوقية من أزمة

أكد وزير الأمن التشيلي لويس كورديرو أن الخطاب السياسي يؤدي أحيانًا إلى "نتائج خطيرة"، موضحًا أن الحكومة تحاول تجنب تحول الوضع إلى أزمة إنسانية معقدة. 

وحذّر ناشطون من أن استخدام المهاجرين أداة انتخابية قد يُفاقم المخاطر على الأطفال والنساء الذين يعبرون الحدود سيرًا على الأقدام في ظروف صعبة، وسط نقص في الرعاية والخدمات.

وتشكل الهجرة الفنزويلية واحدة من كبرى موجات النزوح في العالم، حيث غادر أكثر من 7 ملايين فنزويلي بلادهم خلال السنوات الأخيرة بحثًا عن الأمن الغذائي والاستقرار. 

وتُعد تشيلي وجهة جذابة اقتصاديًا، لكن السنوات الثلاث الماضية شهدت تحولًا سياسيًا واجتماعيًا واضحًا، مع تصاعد الجريمة المنظمة وزيادة الضغط على الخدمات العامة. 

وأدى هذا التقلُّب إلى صعود خطاب شعبوي يصور المهاجرين كأنهم سبب للأزمة، وهو ما يدفع الآلاف الآن للهروب عكس الاتجاه، عابرين الحدود في ظروف غير قانونية محفوفة بالخطر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية