وسط ترتيبات دولية.. مصر تدرب قوة شرطية فلسطينية لحفظ الأمن في غزة

وسط ترتيبات دولية.. مصر تدرب قوة شرطية فلسطينية لحفظ الأمن في غزة
خيام النازحين في قطاع غزة

يتلقّى مئات من عناصر الشرطة الفلسطينية المنحدرين من قطاع غزة تدريبات أمنية متخصصة داخل الأراضي المصرية، في إطار خطة يجري إعدادها لتشكيل قوة نظامية تتولّى مهام حفظ الأمن والنظام العام في القطاع بعد انتهاء الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023. 

وتأتي هذه الخطوة في لحظة سياسية وأمنية شديدة التعقيد، بالتوازي مع مساعٍ إقليمية ودولية لإعادة ترتيب إدارة غزة في مرحلة ما بعد الصراع، مع تصاعد المخاوف الإنسانية من انهيار كامل للبنى الأمنية والخدمية في القطاع، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد.

وأعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال زيارة أجراها في أغسطس الماضي إلى الجانب المصري من معبر رفح برفقة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، أن القاهرة تعمل على خطة لتدريب نحو 5 آلاف عنصر وضابط من قوى الأمن الفلسطينية، تمهيداً لنشرهم في غزة. 

وبحسب مسؤول فلسطيني تحدث لوكالة فرانس برس مشترطاً عدم الكشف عن هويته، فإن أكثر من 500 عنصر تلقّوا بالفعل تدريبات عملياتية ونظرية في القاهرة منذ مارس، في حين يواصل مئات آخرون تدريبات مماثلة بدأت منذ نهاية سبتمبر.

أمل بعودة الاستقرار

عدد من المتدربين عبّروا عن تطلّعهم لأن تكون هذه القوة نواة لاستعادة الأمان والحياة الطبيعية في القطاع. 

وقال ضابط فلسطيني يبلغ من العمر 26 عاماً، رفض الكشف عن اسمه، إنه يشعر بـ"سعادة كبيرة" للمشاركة في البرنامج، مؤكداً أن هدفه الأساسي يتمثّل في "وقف الحرب والعدوان بشكل دائم" وخدمة أبناء شعبه، والحد من الفوضى التي تفاقمت مع انهيار المؤسسات الأمنية خلال الحرب.

وأوضح المسؤول الفلسطيني أن القوة المزمع تشكيلها ستضم خمسة آلاف شرطي جميعهم من غزة، إلا أن رواتبهم ستُصرف من قبل السلطة الفلسطينية في رام الله، في محاولة لإعادة الربط بين غزة والضفة الغربية في إطار إداري وأمني موحّد.

اتفاق سياسي مبدئي 

وفي تطور لافت، أشار المصدر ذاته إلى أنه، وبناءً على اتفاق تم التوصل إليه نهاية عام 2024 برعاية مصرية بين حركتي حماس وفتح، سيتم دمج خمسة آلاف شرطي تابعين للسلطة الفلسطينية مع 5 آلاف عنصر من جهازي الشرطة والأمن التابعين لحماس في غزة. 

وستعمل هذه القوة المشتركة تحت إشراف لجنة مكوّنة من "كفاءات مستقلة" غير حزبية (تكنوقراط)، تتولى إدارة الشؤون الأمنية في القطاع خلال المرحلة الانتقالية.

ويعكس هذا الترتيب محاولة لتفادي الفراغ الأمني الذي تخشى منه المؤسسات الإنسانية، والذي يهدد بانتشار الفوضى والجريمة المنظمة ويزيد من معاناة السكان المدنيين الذين يعيشون أصلاً كارثة إنسانية غير مسبوقة.

البعد الدولي وخطة ترامب

تتزامن هذه الخطوات مع ما تضمنته الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة، والتي حظيت بتأييد قرار صدر حديثاً عن مجلس الأمن. 

وتنص الخطة على أن يُدار القطاع خلال مرحلة انتقالية من قبل لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير مسيّسة، تتولى تسيير الخدمات اليومية، على أن تعمل تحت إشراف هيئة انتقالية دولية.

كما تتضمن الخطة تشكيل "قوة استقرار دولية" لدعم الشرطة الفلسطينية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة والأردن ومصر. ويؤكد المسؤول الفلسطيني أن برنامج التدريب المصري يتم بشكل كامل بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية.

وفي السياق نفسه، كشف مسؤول أمني رفيع في السلطة، طلب عدم ذكر اسمه، أن الرئيس محمود عباس وجّه وزير الداخلية زياد هبّ الريح للتعاون مع القاهرة لتأهيل قوة الشرطة التي ستنتشر في غزة بعد الحرب.

تدريبات أمنية ومعرفية

يؤكد المشاركون في التدريب أن البرامج تستمر لمدة شهرين لكل دورة، وتشمل تدريبات بدنية، وتكتيكات ميدانية، ومحاضرات توعوية وأمنية وسياسية. 

وقال الملازم أول محمود (اسم مستعار) الذي شارك في إحدى الدورات، إنهم تلقوا تدريباً على التقنيات الحديثة لمراقبة الحدود وتعزيز الأمن في المعابر، إضافة إلى محاضرات تناولت تداعيات أحداث السابع من أكتوبر 2023 وتأثيرها في القضية الفلسطينية.

وتولي مصر أهمية خاصة لتأهيل عناصر فلسطينية قادرة على تولّي مسؤولية تأمين المعابر، ولا سيما معبر رفح الذي أغلقته إسرائيل بشكل كامل منذ سيطرتها عليه في مايو 2024، وهو المنفذ الوحيد لسكان غزة دون المرور عبر الأراضي الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي.

وفي بروكسل، أعلن مسؤول أوروبي أن الاتحاد الأوروبي يعتزم بدوره تدريب نحو ثلاثة آلاف شرطي فلسطيني من سكان غزة خارج القطاع، علماً بأن الاتحاد يمول منذ عام 2006 بعثة لتدريب الشرطة الفلسطينية في الضفة الغربية بميزانية تقارب 13 مليون يورو.

موقف حماس وإسرائيل

وأبدت حماس دعمها للتوافقات الوطنية المتعلقة بإدارة القطاع، مؤكدة على لسان أحد قيادييها أنها تدعم أي ترتيبات تضمن الاستقرار وتحفظ وحدة القرار الفلسطيني، إلا أن الحركة ما زالت ترفض حتى الآن نزع سلاحها، على الرغم من إعلانها أنها لا تنوي الاستمرار في حكم غزة بشكل مباشر.

وفي المقابل، ترفض إسرائيل أي دور لحماس في إدارة القطاع، وتشدد على ضرورة إقصائها بالكامل من أي صيغة حكم مستقبلية، ما يخلق واحدة من أعقد نقاط الخلاف في مشهد ما بعد الحرب.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية