دراسة: صحة المراهقين العقلية تزداد سوءاً.. وخبراء يضعون شروطاً للتعافي
دراسة: صحة المراهقين العقلية تزداد سوءاً.. وخبراء يضعون شروطاً للتعافي
تبدو مرحلة المراهقة حساسة وخطرة، وتُعرف بأنها المرحلة الأكثر خطورة في عمر الإنسان، نظرًا لما يمر به من تغيرات نفسية وجسمانية، فيها يواجه المراهق مشكلات وتحديات عدة، مكمن الخطورة في أن تلك التغيرات قد يقابلها تهاون من قِبل الأهل في هذه المرحلة لاعتبارهم أن الابن قد اكتسب سنًا وكذلك نضجًا.
ويعاني المراهقون من أزمة صحة عقلية، وتسعى المدارس في العديد من الدول لإيجاد طرق مختلفة تساعد الشباب كي يكونوا أكثر مرونة.
ويعتبر الخبراء المراهقة هي ثاني مرحلة من مراحل نمو الإنسان، وهي مرحلة انتقالية تبدأ من عمر 10 سنوات إلى 12 سنة، وتنتهي عند الوصول إلى سن الرشد، وتنقسم إلى 3 مراحل وهي المراهقة المبكرة، والمتوسطة، والمتأخرة.
وتتميز هذه الفترة بالتغيرات البيولوجية والفسيولوجية والاجتماعية التي تحدث خلالها، من أهمها تغير المظهر الخارجي بشكل ملحوظ كتغير الطول والوزن، بالإضافة إلى اكتمال الأعضاء التناسلية وتغير في الهرمونات، وعندما يشعر المراهق بهذه التغيرات يبدأ رحلة البحث عن شخصيته واكتشافها والتفكير في هويته ورغبته في الاستقلال.
التدريب الذهني طريق مسدود
ووفقًا لما نشرته تقارير صحفية، فقد توصّل مشروع بحثي يُعتبر الأكبر من نوعه حول هذا الموضوع، مقره في المملكة المتحدة، إلى أنّ التدريب الذهني في المدارس قد يكون أشبه بطريق مسدود، خاصة إذا اعتُمد كمقاربة عالمية تطبّق على الجميع.
ويتضمّن تدريب اليقظة تعلم كيفية الانتباه، وعيش اللحظة، وفهم وإدارة المشاعر والسلوكيات.
وبحثت الدراسة التي شملت 28 ألف طفل، و650 معلمًا، و100 مدرسة، في أثر التدريب الذهني مدة 8 سنوات، وتوصّلت إلى أن هذه التقنية لم تساعد بتحسين الصحة العقلية، وراحة المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و14 عامًا.
واقترح المؤلفون البحث عن خيارات أخرى لتحسين صحة المراهقين العقلية.

وقال ويليم كويكن، أستاذ اليقظة وعلم النفس لدى مؤسسة عائلة السير جون ريتبلات التابع لجامعة أكسفورد، وأحد الباحثين الرئيسيين المشاركين في المشروع: "تعتبر المراهقة مرحلة دقيقة خلال نمو الفرد"، موضحًا أنّ "الدماغ يمرّ بتغييرات مهمة وأساسية خلالها، تُحدّد مسار حياة الناس".
وتوصلت دراسات سابقة إلى أنّ البالغين المعرّضين لخطر الاكتئاب يفيدون من تعلّم مهارات اليقظة، وأمل الباحثون بأن اكتساب المراهقين الصغار هذه المهارة قد يحد من مشاكل الصحة العقلية في وقت مبكر، واعتُقد أنّ المدارس حيث يقضي الطلاب اليافعون معظم وقت صحوهم، المكان المثالي لتقديم هذه المهارات على نحو تلقائي.
التدريبات والأنشطة
ويتضمّن تدريب اليقظة تعلم كيفية الانتباه، وعيش اللحظة، وفهم وإدارة المشاعر والسلوكيات كي يتمكنوا من التعامل بشكل أفضل مع التوتر، وتعزيز الصحة العقلية الجيدة.
وأفاد مارك ويليامز، الأستاذ الفخري والمدير المؤسس لمركز أكسفورد لليقظة في جامعة أكسفورد، في بيان بأنّ "صانعي السياسات أبدوا اهتمامًا كبيرًا بهذا الأمر خلال السنوات العشر الماضية، والرسالة العامة التي قدمناها لصانعي السياسات هي: الانتباه، وتوخي الحذر، لأنّ الحماس يسبق الأدلة".
ونُشرت الدراسات الخمس في مجلة Evidence-Based Mental Health، الأسبوع الماضي.
عدم مشاركة الطلاب وفي تجربة عشوائية منتظمة تُعتبر المعيار الذهبي للبحث العلمي، استمرت 41 مدرسة بالتعليم الاجتماعي العاطفي الذي أدرج في المنهج الدراسي القياسي للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و14 عامًا، فيما تلقى المدرّسون في 41 مدرسة أخرى تدريبًا لتعليم تدريب اليقظة، وإعطاء التلاميذ 10 حصص تتراوح كل منها بين 30 و50 دقيقة، ورأى الباحثون أن البرنامج فعّال في بعض الدراسات الأصغر حجمًا.
لم يُكتشف دليل على أنّ تدريب اليقظة في المدرسة كان أفضل من التدريس المعتاد لجهة وضع حد لمشاكل الصحة العقلية بعد مرور عام واحد.
(3).jpg)
وبالنسبة لمن يعانون من تحديات الصحة العقلية الحالية، أشار البحث إلى أنه يمكن أن يعقّد الأمور أكثر، ما يشير إلى أن الأبحاث المستقبلية يجب أن تتمحور حول اكتشاف مقاربات مختلفة للأطفال المختلفين، رغم انتفاء وجود نتائج سلبية خطيرة.
بعد الدورة التدريبية الأولية، عزز برنامج اليقظة صحة المعلمين العقلية، وخفّف من شعورهم بالإرهاق، وكذلك حسّن بعض أبعاد الثقافة المدرسية مثل المشاركة القيادية، والأجواء المحترمة والمواقف الإيجابية من التدريس.
ورغم ذلك، زال مفعوله بعد مرور عام، لأن الدورة التدريبية مصمّمة كي تُدرّس للطلاب في السنة الأولى أو الثانية من المدرسة الثانوية، خلال فصل واحد.
تحليل النتائج
عند تحليل البيانات، وجد الباحثون أن هذه التقنية كانت نتائجها أفضل لدى الأطفال الأكبر سنًا المشاركين في الدراسة مقارنة مع الأصغر سنًا، ورغم ذلك، قال فريق الدراسة إن العديد من الأطفال المشاركين لم يستسيغوا تدريب اليقظة.
وأشار وليامز إلى أنّ "معظم الطلاب لم يشاركوا في البرنامج، وكمعدل وسطي، شاركوا مرة واحدة فقط خلال 10 أسابيع من الدورة التدريبية، لكن لماذا لم يرغبوا بالمشاركة؟ أجاب: “لأن معظمهم وجد الأمر مملا”، واقترح الباحثون أن مقاربات تعليم اليقظة القائمة على الأقران يمكن أن تكون بديلاً أفضل، كأن يعطي الطلاب الأكبر سنًا الدروس للأصغر منهم، بالإضافة إلى استخدام الرياضة، والفن، وألعاب الكمبيوتر، والموسيقى، كوسيلة لتعليم هذه المهارات.
وشدد الفريق أيضًا على ضرورة مراعاة القضايا المنهجية مثل الحرمان، وعدم المساواة عند السعي لتحسين صحة الشباب العقلية.

وأفاد كويكن في بيان بأنه "بدلاً من تقديم طرق للأطفال بهدف تحسين تدريبهم العقلي، ربما نحن بحاجة إلى تصميم المدارس، كي تصبح المدرسة بأكملها، وجوّها، وثقافتها داعمة لصحة الشباب العقلية، ورفاههم".
شروط التعافي
وقال استشاري الطب النفسي، جمال فرويز: "إن هذه مشكلة عالمية كما تعاني منها مصر أيضًا، فما تم إدخاله من هرمونات في زمن يوسف والي بكميات كبيرة، دمر أجيالا كبيرة، ثم جاءت ثورة يناير وأظهرت ما بنا من عيوب، وكان للسوشال ميديا نصيب الأسد في ذلك حيث يتعلق بها الأطفال والشباب مما يدمر خلايا المخ والوظائف الحركية، ولذا نجد أن نسبة كبيرة تعاني مشاكل في النظر، وكثير من المدارس تعاني ضعف تحصيل دراسي، نتيجة التصاقهم بالسوشيال ميديا أو على الأقل تقضيتهم وقتا كبيرا في الألعاب الإلكترونية، والآباء في غفلة عن ذلك".
.jpg)
وللتعافي أكد “فرويز”، ضرورة تحديد عدد ساعات للتعامل مع الموبايلات خاصة لمن دون العاشرة، ليس أكثر من ساعتين نهارًا ومثلهما مساء، لإعطاء الخلايا العصبية فرصة للتعافي، كذلك لا بد من شغلهم بأنشطة تساعد في تنمية مهاراتهم بعيدًا عن الإلكترونيات.
وعن أكثر المشاكل التي يعانيها المراهقون قال استشاري الطب النفسي: “إن نوبات الصرع مرض بدأ في الزيادة مؤخرًا، كما أن الوظائف المعرفية قلت ومن ثم تحصيلهم الدراسي، إلى جانب ضعف العصب البصري، والانطوائية والسمنة”.