في ذكرى رحيلها.. أطوار بهجت صوت عراقي حر دفعت حياتها باحثة عن الحقيقة

في ذكرى رحيلها.. أطوار بهجت صوت عراقي حر دفعت حياتها باحثة عن الحقيقة

تمر اليوم الذكرى الـ18 لرحيل الإعلامية العراقية أطوار بهجت، والتي فقدت حياتها على أيدي عناصر إرهابية في عام 2006، عندما كانت تقوم بواجبها في التغطية الإعلامية.

كأنّ أطوار بهجت السامرائي المولودة لأب سنيّ وأم شيعية (1976-2006) قد لخصت بكتابتها هذه حياتها الفاجعة بكاملها؛ فنشرت مجموعتين شعريتين (غوايات البنفسج- على جناح ليلة) ونشرت رواية وحيدة هي (عزاء أبيض).

بهمة وعزيمة قويتين، وقفت مراسلة العربية على مشارف المدينة التي تنتمي إليها (سامراء) في محاولة أخيرة لنقل صورة بيضاء عن المدينة التي ارتدت الدم والرماد بعد حادثة تفجير (الإمامين العسكريين)، لكنّ القتلة كمنوا للحقيقة في جسدها فأردوها قتيلة وليتردد خبر مقتلها عبر كل وكالات الأنباء العالمية (نعت قناة العربية مراسلتها أطوار بهجت -30 عاما- والمصور خالد محمود الفلاحي -39 عاما- ومهندس البث عدنان خير الله -36 عاما- معتبرة أنهم دفعوا ضريبة البحث عن الحقيقة).

واعتبر مرصد الحريات الصحفية "قتل الزميلة أطوار بهجت مرحلة تحول في نوع الاستهداف ضد الصحفيين العراقيين". 

وقال رئيس المرصد هادي جلو، في تصريحات سابقة، إن "مقتل أطوار يمثل فاجعة غير مسبوقة بسبب الطريقة التي قتلت فيها، رغم أنها كانت تقوم بتغطية صحفية محايدة، وقد شكلت الحادثة تلك تحولا في طريقة الاستهداف ونوعه وطبيعة تأثيره السلبي على وجود الصحفيين ووسائل الإعلام في العراق".

قبل 3 أيام  من حادثة استهدافها تقدمت أطوار بمقترح وافق قسم برامج العربية عليه؛ وهو أن تشتغل قصة عن قلعة كركوك "الأثرية لبرنامج "مهمة خاصة"، ولأن المدينة حالها حال مدن العراق التي غرقت في العنف والاغتيالات، كان عليها –والفريق المساعد– أن تبيت الليل في مدينة السليمانية القريبة من مدينة كركوك ثم تعود لتصوير القلعة في نهار اليوم التالي.

في ذلك اليوم وردت أخبار تفيد بتفجير ضريح الإمامين علي الهادي وحسن العسكري في مدينة سامراء؛ اتصلت طالبة أن تقوم بالتغطية كون كركوك أقرب إلى سامراء من بغداد، وكونها ابنة المدينة وتعرف أهلها جيدا على عكس باقي زملائها في المكتب؛ وأمام إصرارها وسخونة الخبر تمت الموافقة مع التأكيد بأن سلامتها وسلامة الكادر أهم من أية قصة خبرية.

لم يُسمح لها بالدخول إلى المكان، فكان عليها أن تظهر على الشاشة من المناطق القريبة من مركز الحدث، وفي آخر بث مباشر على نشرة أخبار السابعة بتوقيت دبي اختتمت أطوار كلامها بقولها "رسالة يبدو العراقيون أحوج ما يكونون إلى تذكرها، سنياً كنت أو شيعياً، عربياً أو كردياً لا فرق بين عراقي وعراقي إلا بالخوف على هذا البلد، من مشارف مدينة سامراء العراقية.. أطوار بهجت– قناة العربية"، ولينقطع البث بعدها مرة واحدة وإلى الأبد.

وفي اعترافات أحد المشتركين في تنفيذ الجريمة، قال أثناء التحقيق الذي بثّته قناة عراقية رسمية وقتها، "كان مسؤول التنظيم يراقب ردود الأفعال على تفجيرنا للمرقدين لإثارة الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة؛ وكانت أطوار من شاشة العربية تؤكد أنه لا الشيعة ولا السنة لهم مصلحة في الحادثة؛ فأمرنا أن نذهب لقتلها؛ فركبنا سيارة بيك آب.. أنا ومعي اثنان برشاشات بي كي سي وكان المكان الذي تظهر منه معروف لدينا فقصدناه".

وأضاف: "كان بقرب سيارة البث مواطنون ما إن ترجلنا بأسلحتنا حتى لاذوا بالفرار؛ ومباشرة فتحنا النار على المذيعة وعلى الذين معها فقتلناهم وعدنا بعد تنفيذ ما جرى تكليفنا به".

نهاية عام 2003 أجرت جريدة "الوطن" العمانية حوارا مع أطوار باعتبارها صوتا شعريا يبرز بعد الاحتلال قالت فيه: "سقوط بغداد غيّر طريقتي في كتابة الشعر؛ وأمنياتي أن يبقى العراق عراقا.. أحتاج عراقا أبكي على صدره".

العراق الذي أرادت أن تبكي على صدره هو من يبكي على ذكرى "عذراء الصحافة" في كل 22 فبراير من كل عام، لتبقى عالقة في أذهان كل عراقي وعربي حر، ينادي بالحرية أو يبحث عنها.


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية