دعوات لتغيير النهج الدولي لاحتواء أزمة المناخ في أفغانستان

دعوات لتغيير النهج الدولي لاحتواء أزمة المناخ في أفغانستان

وسط تحذيرات متزايدة من أن أفغانستان باتت بصدد مواجهة موجة جديدة من حالات الطوارئ الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي، بعدما كانت مسرحاً على مدى الأعوام الماضية لموجات متتالية من الجفاف والفيضانات، تتعالى الأصوات المُطالبة، بأن يتبنى المجتمع الدولي، سياسة أكثر فاعلية، من شأنها مد يد العون للأفغان، على هذا الصعيد.

فبدلاً من التمسك بالنهج الحالي القائم على تجنب التعامل مع حركة طالبان الحاكمة في كابول منذ صيف 2021، يدعو خبراء ومحللون، القوى الدولية الكبرى والأمم المتحدة، إلى بلورة سياسة أكثر توازناً، تتيح مد جسور التعاون بشكل أكبر، بين الحركة والجهات الخارجية المانحة والوكالات الأممية، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع ملف ملح مثل أزمة المناخ، مع مواصلة الضغط في الوقت نفسه، لحماية حقوق المرأة والأقليات.

وأشار الخبراء إلى أن التشبث بالسياسة الحالية، ربما يشكل إجحافاً بالاحتياجات الإنسانية للشعب الأفغاني، الذي سبق أن كانت بلاده في موسم 2021/2022، فريسة لأسوأ موجة جفاف تتعرض لها منذ نحو 30 عاماً، ما أثر في ذلك الوقت على الوضع في 80% من أراضيها، وذلك بالتزامن مع تغير نمط هطول الأمطار عليها.

وفي يونيو 2021، أعلنت الحكومة الأفغانية آنذاك، حالة الجفاف رسمياً، وقالت إنها تتوقع انخفاض إنتاجية محصول القمح، بواقع نحو مليونيْ طن، بالإضافة إلى تعرض أكثر من ثلاثة ملايين من رؤوس الماشية لخطر الهلاك، وهو ما جاء بعد بضع سنوات من حدوث موجة مماثلة ضربت أفغانستان عام 2018، وأثرت وقتذاك بشكل مباشر على 22 مقاطعة من أصل 34، وأجبرت ما لا يقل عن 300 ألف شخص، على النزوح من ديارهم.

وفقا لموقع "ذا ديبلومات" الإخباري الإلكتروني، شدد الخبراء على أن مساعدة السلطات الأفغانية على احتواء التبعات الكارثية للأزمة المناخية، ستسهم على المدى البعيد في مواجهة حالة عدم الاستقرار المستمرة منذ عقود في البلاد، ومعالجة بعض دوافع الصراعات السياسية والعسكرية والأمنية التي لا تنتهي تقريباً في أراضيها.

فالتقاعس عن التعامل مع تلك التبعات، وفي مقدمتها انعدام الأمن الغذائي، سيقود بالتبعية إلى استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق الأفغانية، ويغذي مشكلة تصاعد معدلات البطالة، وما يرتبط بذلك من إشاعة الاضطراب السياسي والاقتصادي، بما يدفع مزيداً من مواطني أفغانستان لمغادرتها، والتحول إلى لاجئين في مختلف أنحاء العالم.

وتكتسب الدعوات الأخيرة لتغيير طبيعة التعاون الدولي الأفغاني في مجال مواجهة أزمة المناخ أهميتها، في ظل التحذيرات التي أطلقها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أواخر الشهر الماضي، من أن حالة الجفاف والدفء التي تسود فصل الشتاء الحالي في أفغانستان، قد يكون لها تبعات مدمرة، خاصة أن متوسط هطول الأمطار على البلاد، في فترة ذروة هذا الفصل ما بين أكتوبر 2023 ومنتصف يناير 2024، تراوح بين 45% و60% من معدلاته في السنوات السابقة.

وكشفت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، عن أن المعاناة من الجفاف على نحو سنوي، قد تصبح هي القاعدة في كثير من مناطق أفغانستان بحلول عام 2030، ما سيؤثر بشدة على الأنشطة الزراعية المُعتمدة على مياه الأمطار، وعلى رأسها زراعة المحاصيل الموسمية، بما يهدد الأمن الغذائي المتداعي من الأصل، ويُنذر بحدوث مزيد من حركات النزوح صوب المدن والبلدات التي لا تزال تنعم بموارد وفيرة نسبياً.

التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة التطرف، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية  وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

اتفاق تاريخي

وفي ديسمبر 2023، تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري -بما يشمل الفحم والنفط والغاز- الذي يعد مسؤولاً عن الاحترار العالمي.

وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي عقد في دبي بالإمارات، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.

ودعا النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية