مع تزايد الكراهية ضدهم.. السوريون في تركيا بين مخالب الغربة وأنياب العنصرية

مع تزايد الكراهية ضدهم.. السوريون في تركيا بين مخالب الغربة وأنياب العنصرية

لم تغب العنصرية تجاه اللاجئين السوريين المقيمين على الأراضي التركية منذ رحلوا عن بلادهم في عام 2011، عن المشهد السياسي في تركيا، حيث وجدت فيها الأحزاب السياسية مادة جاذبة شعبيا خصوصا خلال فترات الانتخابات.

وخلال السنوات الأخيرة تصاعد خطاب الكراهية وموجة العنصرية تجاه اللاجئين السوريين، حتى وصلت لاعتداءات جماعية في الشوارع، كما حدث في أنقرة أواخر عام 2022 وفي قيصري هذا الأسبوع.

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، كان أكثر المتحدثين عن مكافحة الهجرة غير الشرعية، ويستعرض بشكل دوري حملات الأجهزة الأمنية في البلاد لترحيل الأجانب الذين يعتبرهم مخالفين لقوانين الإقامة.

وتحت هذا البند تم ترحيل آلاف العراقيين والسوريين من تركيا وإعادتهم إلى بلادهم، حيث بدت الدوافع العنصرية واضحة في قصص الكثير ممن جرى ترحيلهم.

ترحيل عشوائي

في ولاية جناق قلعة التركية حيث مركز الترحيل، يُحتجز اللاجئون بطريقة عشوائية، حيث تضم الغرفة بعض الأشخاص من شتى الجنسيات، لكن مع التركمان يختلف الأمر كثيرا، فهم يتجمعون بغرف خاصة ويحصلون على امتيازات دون غيرهم.

وتعج مراكز ترحيل اللاجئين في تركيا بآلاف المحتجزين الذين انتهى بهم المطاف بين خيارين؛ إما البقاء في مراكز الاحتجاز، لعل أحدهم ينجح في الخروج، وإما الترحيل خارج البلاد سواء أكان قسرا أو طواعية.

هذه الخيارات تكون للاجئين العرب والأكراد فقط، لكن التركمان يجري استثنائهم منها، وتعني “التركمان” السوريين والعراقيين من أصل تركماني.

ورحلت السلطات التركية مئات العراقيين إلى بلادهم، بعضهم قد يواجه أحكاما بالمؤبد أو الإعدام بسبب تهم تقول منظمات حقوقية دولية إن معظمها لا يستند إلى حقائق على أرض الواقع.

وكثيرا ما ردد سياسيون أتراك، في معرض حديثهم عن اللاجئين والمهاجرين في البلاد، أن الأناضول وما حولها هي وطن للأتراك، ومن بين هؤلاء السياسيين رئيس حزب الظفر أوميد أوزداغ، الذي يوصف بأنه معادٍ للاجئين.

تسهيلات خاصة

وكما هي الحال للاجئين التركمان، فقد حظيت التنظيمات في سوريا مثل "الحزب الإسلامي التركستاني" في إدلب بتسهيلات خاصة في إطلاق السراح والحصول على الإقامة لمن يرغب في الانتقال إلى تركيا.

وفي الوقت الذي يتم دفع النازحين العرب المعتقلين للتوقيع على أوراق ترحيل طوعي، كان التركستان بعد إخلاء سبيلهم مع عائلاتهم يحصلون على بطاقة مؤقتة تسمح لهم بالإقامة في تركيا.

مظاهر العنصرية في تركيا لا تقتصر على العرب، وإن كانوا أكثر المستهدفين بها، لكنها تشمل في بعض الأحيان جميع الوافدين إلى البلاد من قاصدي اللجوء. 

ويتحدث حقوقيون عن ضرب وإهانات يتعرض لها الأفغان والأفارقة في مراكز الاحتجاز، فيما تتعامل السلطات الأمنية التركية على النقيض تماما مع التركستان والأذر وجميع القادمين من تركمانستان.

اللاجئون السوريون في تركيا

ويمثل السوريون العدد الأكبر من اللاجئين العرب في تركيا، التي تستقبل أيضا لاجئين عراقيين ومصريين ويمنيين وفلسطينيين. 

وتفيد الإحصاءات الرسمية بوجود نحو 3.7 مليون سوري في تركيا من الحاصلين على "الحماية المؤقتة"، وبلغ عدد السوريين الحاصلين على الجنسية التركية نحو 230 ألفا.

حسب بيانات إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية، تستقبل مدينة إسطنبول العدد الأكبر من اللاجئين، من بينهم أكثر من 530 ألف لاجئ سوري. 

في المرتبة الثانية تأتي غازي عنتاب التي تستقبل أكثر من 450 ألفا، كما تستقبل مدن أورفا وهاتاي ومرسين وبورصة وإزمير وأنقرة أعدادا كبيرة من اللاجئين.

الإعادة الطوعية

أطلقت السلطات التركية مؤخرا عملية لإعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم في إطار ما أسمته حينها "العودة الطوعية إلى المناطق الآمنة" بشمال سوريا. 

وبحسب تصريحات وزارة الداخلية في أكتوبر الماضي، عاد أكثر من نصف مليون سوري إلى بلادهم بشكل طوعي، بينما رحلت السلطات ما يقرب من 20 ألفا بسبب "قضايا أمنية".

منظمات إنسانية وحقوقية مثل هيومان رايتس ووتش اعتبرت تلك العمليات انتهاكا للقانون الدولي، إذ أوردت في سلسلة تقارير لها عن حصول "ترحيل قسري" لمئات السوريين في عام 2022.

وترتبط تركيا بعدة اتفاقيات دولية تلزمها بحماية اللاجئين، وتضعها أمام مسؤوليات قانونية دولية في حال أخلت بها، وهو ما يجعل من الصعب تنفيذ تعهدات بعض الأطراف السياسية بالترحيل الجماعي لكل اللاجئين.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية