بعد 9 أشهر.. تحقيق يكشف "خطايا" الجيش الإسرائيلي في مواجهة حماس (صور)

بعد 9 أشهر.. تحقيق يكشف "خطايا" الجيش الإسرائيلي في مواجهة حماس (صور)

لا تزال تفاصيل ما حدث في مستوطنات غلاف غزة يوم 7 أكتوبر أحد أهم مطالب الإسرائيليين، الذين ينادون بمحاسبة المسؤول عن الفشل الأمني والاستخباراتي والعسكري في ذلك اليوم.

وبعد أكثر من 9 أشهر على هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حركة حماس على غلاف غزة، نشر الجيش الإسرائيلي نتائج أولى تحقيقاته، حول الإخفاقات الميدانية التي أدت للفشل في صد الهجوم.

ويتعلق التحقيق الأول بـ"كيبوتس بئيري" في منطقة غلاف غزة باعتباره أكثر البلدات المتضررة في ذلك اليوم بعد أن قُتل فيه 101 إسرائيلي وأُسر منه نحو 30 شخصا، ودُمر فيه 150 منزلا.

الإسرائيليون انتظروا على أحر من الجمر صدور نتائج التحقيق لمحاسبة قادة الجيش وحكومة نتنياهو على الفشل في "السبت الأسود".

خلال أشهر الانتظار التسعة، تسربت العديد من أوجه ذلك الفشل، والتي جاء منها قيام العميد باراك حيرام، بقصف منزل بالدبابات وقتل جميع من بداخله بما في ذلك 13 رهينة إسرائيلية، أو تأخر الجيش عن الوصول للكيبوتس لنحو 7 ساعات واختباء بعض القوات خارج البلدة بدلا من دخولها.

وجاءت نتائج التحقيق الذي أشرف عليه الجنرال ميكي إدلشتاين، ونشر مساء الخميس الماضي، مخيبة لآمال إسرائيليين، فاللجنة قامت بتبرئة العميد حيرام، من قتل الرهائن، وألقت بالمسؤولية على الجنود الشباب بحسب صحيفة معاريف، التي دعت لإقالة كامل هيئة الأركان العامة في الجيش وفتح تحقيق مستقل وشامل.

أبرز مخرجات تحقيق بئيري

"بئيري" كان أول الكيبوتسات التي تعرضت للهجوم في يوم السابع من أكتوبر، وذلك في تمام الساعة 6:42 صباحا، أي بعد بدء الهجوم بـ12 دقيقة تقريبا.

وبحسب التحقيق الإسرائيلي، فإن الفوج الأول الذي دخل "بئيري" من حركة حماس كان مكونا من 25 مسلحا من كتيبة النصيرات التابعة للحركة في وسط مدينة غزة.

وانضمت لهم قوات أخرى كانت في طريقها لبلدة "نيتيفوت"، لكن اضطروا إلى تغيير مسارهم بسبب اشتباكات ودخلوا لبئيري لدعم زملائهم.

وجاء في التحقيق أن تدفق المسلحين إلى بئيري استمر بشكل متواصل، خاصة مع انهيار فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي وفشل وصول القوات للكيبوتس واندلاع موجة ثانية عشوائية من الهجوم ضمت جميع الفصائل الفلسطينية في غزة.

وبحسب التحقيق الإسرائيلي، تراوح عدد المسلحين الفلسطينيين في بئيري بين 80 إلى 220 ووصل عددهم الإجمالي لـ340 مسلحا، منهم نحو 100 إلى 120 من النخبة و50 إلى 70 مسلحا من حركة حماس وحوالي 100 إلى 150 عناصر من حركة الجهاد الإسلامي.

وقتها، كان في البلدة التي يقطنها ما يقارب ألف شخص حوالي 13 إلى 26 جنديا إسرائيليا فقط على مدار 7 ساعات كاملة حتى تمكن الجيش من الوصول إلى المنطقة للتصدي للهجوم.

وكشف التحقيق عن أنه، بالتزامن مع اجتياح بئيري، هاجم مقاتلو القسام قاعدة رعيم للجيش الإسرائيلي التي كانت مسؤولة عن تنسيق التعزيزات العسكرية.

هروب قائد فرقة غزة

وكشف التحقيق عن أن الفشل الأول كان عدم وجود أي دعم من الجيش أو جهاز الشاباك للقوات المتواجدة في غلاف غزة وعدم استعدادهم لهجوم محتمل، على الرغم من تقارير أشارت لتلك الاحتمالية قبل السابع من أكتوبر.

وكان الفشل الثاني، متمثلا في عدم وجود قوات عسكرية كافية لمنع مقاتلي النخبة من الوصول لبئيري في المقام الأول، فإسرائيل في العادة تتفاخر بوضع عدد كبير من الخطوط الدفاعية المتتالية التي "لا تقهر" بين قطاع غزة ومستوطنات الغلاف.

وكان الأبرز من ذلك كله، هو فرار قائد فرقة غزة العميد "أفي رونزبيرغ" من موقعه، ما يعني أنه لم يبق أحد في مكان قريب من المستوطنة لتنسيق حشد تعزيزات عسكرية واسعة.

وتقدم "رونزبيرغ" باستقالته في شهر يونيو الماضي، وقال إنه "فشل في مهمة حياته" وأقر بتحمله المسؤولية وترك الجيش بعد خدمة 30 عاما.

وتمثل الفشل الرابع، في تواجد عدد من قوات الحراسة المسلحة في أوقات مختلفة بعد الظهر والمساء في مكان قريب من المستوطنة، ولكنها فشلت في دخول بئيري في وقت سابق.

وكشف التحقيق أن أولئك الجنود انتظروا وصول تعزيزات إضافية خوفا من أن يهزموا إذا دخلوا المستوطنة وحدهم، وبعضهم قالوا إنهم رأوا أن دورهم يقتصر على إخلاء سكان بئيري بعد هزيمة حركة حماس.

وانتقد تحقيق الجيش الإسرائيلي بشدة هذه القوات وألقى عليها باللوم بسبب سلبيتها، مشددا على الحاجة إلى "روح المخاطرة بحياة الفرد لمواجهة قوات العدو من أجل حماية المدنيين".

كيفية مواجهة الهجوم

وقال التحقيق، إن أول فوج من الأسرى تم نقله لغزة من "بئيري" كان في الساعة 8:00 صباحا وضم شخصين، ثم لحقهم 7 أسرى آخرين في الساعة 9:00، و12 في الساعة 10:00 دون أن يعترض الجيش طريقهم.

وكشف عن أن أول اشتباك بين الجيش الإسرائيلي والمسلحين في بئيري كان في الساعة 9:45 عندما وصلت وحدة شلداغ النخبوية للقوات الخاصة.

وقال الجنرال إدلشتاين، إن جنود وحدة الشلداغ كان عددهم أقل من مسلحي حماس في تلك اللحظة الذين وصل عددهم لـ80 شخصا.

وقتل في المواجهة 5 جنود من الشلداغ وأصيب نحو 15 آخرين، وانسحبوا من المنطقة، واعتبر التقرير ذلك الانسحاب الفشل الخامس في ذلك اليوم ووصفه بـ"الخطأ الفادح" من القوات الإسرائيلية.

وفي تمام الساعة 10:45 صباحا، حاولت قوات سيرات متكال النخبوية الخاصة الوصول لبئيري للمساعدة، لكن قوات حماس نصبوا كمينا على مفترق 232 الحساس، واشتبكوا مع القوة ما أدى لتأخير وصولهم إلى بئيري حتى الساعة 1:30 ظهرا.

وبحلول الساعة 12:00 ظهرا، تم نقل 11 أسيرا إلى قطاع غزة وكان ذلك الفوج الأخير من مستوطنة "بئيري".

الجيش يقصف المنازل

وبحسب التحقيق فقد كان الجيش الإسرائيلي في حالة صدمة وارتباك لفترة طويلة في السابع من أكتوبر، وبدء بتدارك الأمر في "بئيري" نحو الساعة 11 أي بعد مرور نحو 4 ساعات ونصف على الهجوم، حيث قام الجيش بتوجيه قادة عسكريين لاستعادته، وكان القائد المكلف بالسيطرة على بئيري هو العميد، باراك حيرام.

وفي تمام الساعة 1:00 ظهرا، تمكن الجيش الإسرائيلي من استعادة السيطرة على مفترق 232 الذي استعملته حماس ككمين للقوات طيلة اليوم، بحسب التحقيق.

وفي الساعة 1:30 أي بعد 7 ساعات، أمر العميد حيرام، عددا كبيرا من القوات باقتحام "بئيري" وانضمت لهم وحدة سريات متكال الخاصة، وعدد من جنود وحدة شلداغ، ووحدة مظليين، ووحدة يمام وعدد من ضباط جهاز الشاباك.

وبحسب لجنة التحقيق، فقد حاولت قوة من الشرطة الانضمام لهم، لكن وقعوا في كمين قبل وصولهم، وهرب عدد منهم من المكان.

وفي الساعة 2:30 بعد الظهر، وصل عدد المقاتلين الإسرائيليين في "بئيري" لنحو 230 جنديا مقابل 219 من مسلحي الفصائل في غزة، وهو ما أعطى الجيش تفوقا عسكريا في المنطقة، بالإضافة لمشاركة دبابتين في اجتياح المستوطنة.

وفي الساعة 4:15 مساء، تزايدت أعداد قوات الجيش الإسرائيلي لتصل إلى 350 مقاتلا، وفي وقت لاحق من المساء، وصلت إلى 730 مقاتلا.

ووفق التحقيق، لم ينجح الجيش في استعادة "بئيري" وإفراغها من مقاتلي حماس إلا في اليوم التالي، الأحد 8 أكتوبر، ولم يستعد السيطرة بالكامل على محيطها ويعلنها منطقة خالية تماما إلا يومي 11 و12 أكتوبر.

وكانت أبرز قرارات العميد حيرام، في ذلك اليوم إعطاء الأمر بقصف منزل في "بئيري" تحصن فيه عدد من مقاتلي حماس وأخذوا من فيه كرهائن وحاولوا التفاوض مع الجيش.

وقصفت القوات الإسرائيلية المنزل 4 مرات على رؤوس من فيه، ولم ينجُ منهم أحد، لكن مع ذلك التحقيق لم يقم بإدانة حيرام أو أي من الجنود في ذلك الحدث الذي قتل فيه رهائن إسرائيليون.

العميد باراك حيرام نفسه، يشارك حاليا في الحرب وتعرض للتوبيخ في الجيش بسبب قراره نسف جامعة الإسراء دون رجوع للقيادة ودون مبرر، حيث تنص قوانين الجيش أن تدمير المباني العامة الرئيسية يجب أن يكون بموافقة من القيادة العليا للجيش.

لكن حيرام لم يتعرض لأي عقوبات فعلية هو أو أي من الجنود الذين اشتركوا في تدمير الجامعة، وهو الآن على وشك ترقيته ليصبح قائد فرقة غزة.

دور سلاح الجو والمدفعية

ولم يذكر التحقيق أي تفاصيل عن دور سلاح الجو في يوم 7 أكتوبر، حيث اشتركت عدد من المروحيات الإسرائيلية في قصف عشوائي للمنطقة بسبب غياب التنسيق مع القيادة المركزية.

ولم يتطرق التقرير إلى قيام الجيش الإسرائيلي بقصف منطقة غلاف غزة بالمدفعيات وقذائف الهاون بشكل كبير لتحويلها لـ"منطقة موت" بما في ذلك مناطق محيطة بمستوطنة "بئيري"، بالإضافة إلى تفعيل بروتوكول هانيبال الذي يوجب على القوات الإسرائيلية قتل الخاطف والمخطوف في حال وقوع عملية أسر لشخص إسرائيلي.

وقالت صحيفة جيروزاليم بوست، إن طائرات المروحية قصفت "عددا لا يحصى" من مقاتلي حماس والفصائل الأخرى سواء الذين تنقلوا داخل مركبات أو سيرا على الأقدام.

وفي بعض الحالات، كان هناك أسرى مع أولئك الأفراد، لكن لم ينظر التحقيق في عدد من قُتل من الأسرى في تلك الضربات الجوية.

ونظرا لكل هذه الأمور، كانت نتائج تحقيق "بيئري" مخيبة لآمال الإسرائيليين ودفعهم للمطالبة بإنشاء لجنة حكومية شاملة لفحص مسؤولية الجميع بمن في ذلك نتنياهو.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية