نائبة المبعوث الخاص: سوريا في أزمة خطيرة ويجب الإصغاء إلى أصوات السوريين

نائبة المبعوث الخاص: سوريا في أزمة خطيرة ويجب الإصغاء إلى أصوات السوريين
نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي

قالت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي إن سوريا في أزمة خطيرة ولا يمكن معالجة أي من مشاكلها العديدة، بشكل مستدام، دون حل سياسي. 

وفي إحاطتها أمام اجتماع لمجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا، الثلاثاء، أكدت رشدي أنه "لا ينبغي سماع أصوات السوريين في الداخل والخارج فحسب، بل يجب الإصغاء إليها أيضا" وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

ونبهت المسؤولة الأممية إلى أن العديد من السوريين يعيشون في مناخ من الخوف بسبب الوضع الأمني الذي لا يزال متوترا وعنيفا. وقالت إن السوريين ربما يختلفون في كثير من الأمور، "لكنهم متحدون بحبهم لبلادهم، وبشعور مشترك بأن السوريين أنفسهم يجب أن يقرروا مستقبلهم، وبإدراك عملي بأن التسوية ضرورة أخلاقية وسياسية".

وأكدت أن السوريين يتفقون كذلك على الحاجة الملحة للحفاظ على سيادة بلادهم ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها واستعادتها، خاصة وأن الانقسامات راسخة وتواجه سوريا خطر الانجراف إلى الانقسام.

وذكرت رشدي أن السوريين يتقاسمون أولويات ملموسة وفورية أيضا، بما في ذلك الحاجة إلى حماية المدنيين والمساحة المدنية والمجتمع المدني، ومعالجة ملف المعتقلين، وتعزيز الظروف للعودة الآمنة والكريمة والطوعية، وتوفير فرص التعليم للأطفال والشباب، والحد من اقتصاديات الحرب وتعزيز الاقتصاد الشامل.

قضية اللاجئين

وتطرقت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى عدد من القضايا بما فيها النازحون واللاجئون السوريون، قائلة "يتعين علينا أن ندرك حجم وخطورة محنة البلدان المضيفة في المنطقة وأن ندعمها، مع التأكيد أيضا على الحاجة إلى حماية السوريين ووقف الخطابات والإجراءات المناهضة للاجئين".

ودعت كذلك إلى مضاعفة الجهود لمساعدة الراغبين في العودة، مضيفة "نحن بحاجة إلى تكثيف جهودنا لإيجاد حل مستدام. وهذا يعني معالجة القضايا التي تمنع العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين". وأشارت أيضا إلى الظروف الخطيرة التي تواجه النساء السوريات، حيث تبلغ الناشطات عن المزيد من التهديدات لأمنهن الشخصي، فضلا عن تزايد معدلات العنف ضد النساء والفتيات بشكل هائل.

وعن ملف المفقودين والاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري في سوريا، قالت رشدي إن حجم هذا الملف "يذكرنا بأن أي حل سياسي مستدام لا يمكن أن يتقدم إلى الأمام دون إشراك جميع الأطراف الفاعلة في الصراع للبدء في معالجة هذه المأساة بشكل جوهري، ولا يمكن تحقيق مصالحة دائمة دون معالجة الحزن المجمد لأسر المفقودين".

وأعربت كذلك عن القلق إزاء الظروف اللاإنسانية وانعدام الأمن الخطير والعنف المستمر في مخيم الهول وأماكن الاحتجاز الأخرى في شمال شرق سوريا، مما يؤثر في المقام الأول على آلاف النساء والأطفال.

إشراك الشعب السوري

وقالت المسؤولة الأممية إنه لا يمكن معالجة أي من تلك التحديات بشكل مستدام دون عملية سياسية هادفة تيسرها الأمم المتحدة لتنفيذ القرار رقم 2254 الذي يحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري ويستعيد سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها.

وشددت على ضرورة خفض التصعيد بشكل مستدام والحفاظ على الهدوء، نحو وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني، فضلا عن نهج تعاوني لمكافحة الإرهاب بما يتماشى مع القانون الدولي. وأكدت مواصلة الضغط من أجل استئناف انعقاد اللجنة الدستورية.

وأشارت كذلك إلى أن هناك مقترحات بشأن تدابير بناء الثقة مطروحة على الطاولة، مضيفة: "نواصل استكشاف الأفكار في هذا الصدد ونسعى إلى المشاركة البناءة للأطراف السورية وأصحاب المصلحة الرئيسيين". وقالت رشدي: "سنواصل إشراك الشعب السوري فبدونهم، لن تكون العملية السياسية ممكنة".

وضع متدهور

وفي إحاطته أمام مجلس الأمن، قال مدير التنسيق بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) راميش راجاسينغهام، إن سوريا تواجه أعلى مستويات الاحتياجات الإنسانية منذ بداية هذه الأزمة التي دامت 13 عاما، "ولا يزال الوضع يتدهور مع مرور كل شهر".

وأضاف أن الحاجة إلى ظروف أكثر ملاءمة للاستجابة الإنسانية الفعالة أصبحت الآن أكبر من أي وقت مضى، وهو ما يتطلب الاحترام المطلق للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين والوصول الإنساني دون عوائق.

وأوضح أنه من أجل عكس مسار الاحتياجات المتزايدة في سوريا، فلا بد أن تشمل الظروف من أجل ذلك توسيع الاستثمار في جهود التعافي المبكر في جميع أنحاء البلاد، للمساعدة في بناء القدرة على الصمود وإرساء الأساس للناس لإعادة بناء حياتهم وسبل عيشهم، واستعادة بعض القدرة على الصمود.

مساعدات تنقذ الأرواح

وعن الوضع الاقتصادي في سوريا، قال راجاسينغهام إنه من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة 1.5 في المائة إضافية هذا العام، بعد أن تقلص بنسبة 1.2 في المائة خلال العام الماضي. وذكر بأن ما يقرب من 13 مليون شخص، أي أكثر من نصف السكان، يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، كما يظهر أكثر من 650 ألف طفل دون سن الخامسة علامات التقزم بسبب سوء التغذية الحاد، ويعيش ثلث أطفال البلاد في فقر غذائي.

وقال المسؤول في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إنه "في حين أن المساعدات الإنسانية لا يمكنها عكس هذه الأزمة، إلا أنها يمكن أن تنقذ الأرواح وتخفف بعض أسوأ المعاناة". وأضاف أنه بعد مرور نصف العام، لا يزال تمويل النداء الإنساني للأمم المتحدة أقل من 13%، وهو أدنى مستوى تمويل بين جميع النداءات الإنسانية العشرة الأكبر على مستوى العالم.

وقال راجاسينغهام إن عملية إيصال المساعدات عبر الحدود من تركيا وفرت شريان حياة لملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غرب سوريا، حيث تمكنت الوكالات الإنسانية من إدخال 98 شاحنة من المواد الغذائية الأساسية والصحية والمأوى وغيرها من الإمدادات. وأشار كذلك إلى أن الحاجة إلى توصيل المساعدات عبر خطوط النزاع لا تقل أهمية.

نزاع دامٍ

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ عام 2011، حيث أودت الحرب التي اندلعت في البلاد بحياة نحو 500 ألف شخص، وما زال الآلاف في عداد المفقودين، ولا تزال عائلاتهم بانتظار أخبار عن مصيرهم.

ودمرت البنية التحتية والقطاعات المنتجة في البلاد وشرد الملايين من الأشخاص الذين فروا إلى دول الجوار العربية والغربية، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، فضلاً عن أزمة اقتصادية واجتماعية كبيرة سيعاني منها الشعب السوري لسنوات خاصة مع تزايد الاحتياجات الإنسانية.

وبات غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر ويعاني أكثر من 12,4 مليون شخص منهم من انعدام الأمن الغذائي ومن ظروف معيشية قاسية، في ظل اقتصاد منهك.

ولم تسفر الجهود الدبلوماسية عن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سوريا، أو وقف جرائم انتهاكات حقوق الإنسان، رغم جولات تفاوض عدة عقدت منذ 2014 بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة برعاية الأمم المتحدة في جنيف.

وبعد مرور ثلاثة عشر عاما على اندلاع الأزمة، لا تزال سوريا تواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث نزح 6.6 مليون شخص داخل البلاد وهناك ما لا يقل عن 5.3 مليون لاجئ مسجل في البلدان المجاورة.

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية