عاملة إغاثة أممية تروي ما شهدته من معاناة المدنيين في قطاع غزة

عاملة إغاثة أممية تروي ما شهدته من معاناة المدنيين في قطاع غزة

روت عاملة في المجال الإنساني تابعة للأمم المتحدة، المعاناة التي شهدتها في قطاع غزة، حيث رأت أطفالاً بُترت أطرافهم وأسراً دفعها القصف للفرار من منازلها.

وأدلت الموظفة الإسبانية في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ياسمينة غيردا، بشهادة مؤثرة أمام صحفيين في جنيف بعدما أمضت 3 أشهر في القطاع، وفق وكالة فرانس برس. 

وتحدّثت غيردا، عن معاناة مدنيين يتملّكهم اليأس في ظل شن الجيش الإسرائيلي قصفا متواصلا وهجمات برية ردا على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر من غزة.

وقالت غيردا، "أمامك ما بين 10 و15 دقيقة لإخلاء المبنى حيث تقطن لأنه سيُقصف. أطفالك الصغار نائمون... توقظهم. تلقي نظرة أخيرة على غرفتك وتقول وداعًا إلى الأبد، لأنك تعلم أنها ستتحوّل إلى غبار".

وبقدر ما يبدو الأمر مرعبا، شدّدت على أن هذا هو "أفضل سيناريو"، حيث لم يُحذّر عدد كبير من سكان القطاع  قبل وقوع هجوم.

أطفال فقدوا أطرافهم

وأسفر هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر عن مقتل 1195 شخصاً، معظمهم مدنيون، بحسب حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وتردّ إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرّية أدّت إلى مقتل ما لا يقلّ 37658 شخصا معظمهم من المدنيين في قطاع غزة، حسب وزارة الصحة التابعة لحماس.

والتقت غيردا أشخاصا دُمّرت منازلهم جراء عملية إسرائيلية في مخيم النصيرات للاجئين أفضت إلى إطلاق سراح 4 رهائن في وقت سابق من هذا الشهر.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن 274 فلسطينيا على الأقل قتلوا خلال هذه العملية وأصيب 698 آخرون بجروح.

وغداة العملية، التقت غيردا في مستشفى أطفالا فقدوا أطرافهم جراء الهجوم.

وقالت "ذكّرني العديد منهم بطفليّ الصغيرين. كانوا يحدّقون في الفراغ، تحت تأثير صدمة شديدة تحول دون إصدارهم صوتا أو دمعة".

"بالكاد على قيد الحياة"

وأدى استمرار الحرب لنحو 9 أشهر في القطاع الفلسطيني المحاصر إلى أوضاع إنسانية كارثية وتحذيرات متكررة من الأمم المتحدة من خطر حدوث مجاعة.

وأكدت غيردا، أنه لا توجد "ظروف معيشية" هناك، وقالت "ما لديهم.. هي ظروف للبقاء على قيد الحياة، وبالكاد إنهم يتمسّكون بخيط".

ولفتت إلى أنّ عمال الإغاثة يحاولون "قياس المعاناة بالأرقام" من خلال النظر إلى العدد الإجمالي للنازحين أو لترات المياه التي يحصلون عليها يومياً أو شاحنات المساعدات التي تعبر الحدود.

وأضافت "لكن هذا لا يهم، هذه الأرقام، ليست قريبة أبدًا مما هو كاف.. (بالنسبة) لسكان فقدوا كل شيء تقريبًا".

وأدّت الحرب إلى نزوح أعداد كبيرة من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، وبعضهم نزح مرات عدة ولكن مع أمل ضئيل في الوصول إلى بر الأمان.

وقالت غيردا "لم يعد هناك أي شبر آمن في غزة".

عوائق أمام المساعدات

وتحدّثت غيردا عن صعوبة إيصال المساعدات إلى المحتاجين أثناء الحرب الدائرة، مؤكدة أنّ أعمال العنف أسفرت عن مقتل أكثر من 200 عامل في مجال الإغاثة منذ بدء الحرب.

وتعاني الوكالات الإنسانية من عوائق وقيود إدارية مفروضة، ومن سوء خدمة الاتصالات عبر الإنترنت، وسوء حال الطرق، والنقص الحاد في الوقود للتنقل، وخطر التعرّض للنهب بسبب انهيار الأمن.

وأضافت أنه منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح الجنوبية الشهر الماضي والذي أدى إلى نزوح حوالي مليون شخص مرة أخرى "تقلص مجال العمل الإنساني بشكل كبير".

وأشادت غيردا بقدرة الناس على الصمود في غزة، معربة عن دهشتها لرؤية "الأمل ما زال ينبض بقوة" هناك.

وشدّدت على أن الناس يحتاجون إلى "فترة راحة".

وأضافت "إنهم يحتاجون إلى أن يتخذ صنّاع القرار أخيرًا مبادرة حاسمة تضع حدا للطريقة القاسية التي يتم بها إسقاطهم بعد كل محاولة للنهوض".


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية