أحد الناجين من "رحلات الموت": لن أفكر في إعادة المحاولة مجدداً

أحد الناجين من "رحلات الموت": لن أفكر في إعادة المحاولة مجدداً

شرع أمادو جوبي، مثل العديد من الغامبيين الآخرين قبله، في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر شمال إفريقيا، في محاولة فاشلة للوصول إلى أوروبا، والآن، وبدعم من الأمم المتحدة، يصنع حياة لنفسه ولعائلته في الوطن.

يقول جوبي: "أنا من جارا، وهي منطقة ريفية في منطقة النهر السفلي في غامبيا، في وسط البلاد، انتقلت إلى العاصمة بانجول عندما كان عمري 15 عاما للعيش مع أخي والذهاب إلى المدرسة الثانوية.. ومع ذلك، لم أتخرج لأننا لم نتمكن من تحمل الرسوم".

وأضاف: "منذ نحو 5 سنوات، عندما كان عمري نحو 20 عاما، شجعني أصدقائي على مغادرة غامبيا.. هذا ليس بلدا غنيا، وسمعنا أن الناس قد غادروا، وأصبحوا ناجحين في أوروبا، وأرسلوا الأموال إلى عائلاتهم".

وتابع: "كنت أرغب في الذهاب إلى إيطاليا، لأنني اعتقدت أن هذه هي أسهل دولة أوروبية للوصول إليها.. كنت أعرف أن الكثير من الناس قد ماتوا وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا، لكنني اعتقدت أنني أستطيع ذلك".

يروي جوبي رحلته قائلا: “كانت الخطوة الأولى هي السنغال المجاورة، ومن هناك استقللنا حافلة إلى موريتانيا.. مكثت هناك، مع زوج أختي، لمدة خمسة أشهر، أقوم بأعمال البناء، وكل ما أستطيع، لكسب المال للمرحلة التالية من الرحلة”.

وتابع: "من موريتانيا ذهبت إلى مالي.. كانت هذه رحلة طويلة جدا بالحافلة، واستغرق الأمر نحو 12 ساعة للوصول إلى العاصمة باماكو.. كان هناك العديد من الغامبيين الآخرين في الحافلة.. ثم ذهبنا إلى أغاديز، في وسط النيجر، عبر بوركينا فاسو.. في كل مرحلة، كان علينا أن ندفع للسماح لنا بالاستمرار.. شعرنا بالخطر، ولكن بحلول تلك المرحلة، كان قد فات الأوان للعودة".

وأضاف: "كنا نحو 25 شخصا في شاحنة صغيرة مفتوحة، نسير عبر الصحراء، بلا ظل، كان الجو حارا جدا وغير مريح. سافرنا لمدة ثلاثة أيام، نائمين في الصحراء في الليل، كان الجو باردا جدا، واضطررنا إلى شراء بطانيات وسترات كبيرة لإبقائنا دافئين".

"في بعض الأحيان كان السائقون أشخاصا لطفاء، لكن آخرين كانوا قساة للغاية، وكانوا يضربوننا، عندما وصلنا إلى ليبيا، تعرضنا للضرب، وأخذت منا كل أموالنا.. لحسن الحظ، كنت قد خبأت بعض الطعام في الحافلة.. كان الناس الذين ضربونا يحملون بنادق، وكنت خائفا جدا من أن يطلقوا النار علينا"، وفق قوله.

وتابع: "كانت المرحلة التالية من الرحلة إلى سبها، في وسط ليبيا.. ولأنني لم أكن أملك المال، اضطررت للبقاء في سبها لمدة أربعة أشهر، للعثور على عمل لدفع ثمن أجرتي إلى طرابلس".

يتذكر جوبي: "عندما تسافر من سبها إلى طرابلس، يجب أن يتم تهريبك.. إذا شوهدت، فقد يقتلك الناس، لذلك اضطررت إلى الاختباء في غرفة مظلمة بدون أضواء لمدة ثلاثة أيام، كان هذا خلال الحرب الأهلية، وكان هناك الكثير من الخطر".

ويتابع جوبي: "اضطررت إلى الانتظار أكثر من عام في طرابلس قبل أن أتمكن من الوصول إلى الساحل وركوب قارب إلى إيطاليا.. وجد لي أحد إخوتي المال للحصول على مكان على متن القارب.. قبل أن ننطلق، كان هناك بعض إطلاق النار وسرعان ما أدركنا أن قاربنا كان يغرق في الماء".

يتذكر جوبي: "كان هناك رجال مسلحون لا يريدون أن نغادر إلى أوروبا، لذلك أطلقوا النار على القارب، غير مبالين إذا مات أي منا في الماء.. كان خيارنا الوحيد هو العودة إلى الساحل الليبي، وعندما غرق القارب في الكثير من المياه، سبحنا إلى الشاطئ".

يقول: "عندما وصلنا إلى الشاطئ، أخذونا إلى مركز احتجاز.. تعرضنا للضرب على أيدي الجنود الذين أمرونا بإعطائهم نقودا، لكن لم يبقَ لي شيء.. اضطررت للبقاء هناك لمدة شهرين في هذه الظروف القاسية..  أخذت هواتفنا منا حتى لا نتمكن من الاتصال بعائلاتنا".

البدء من جديد

"في نهاية المطاف، جاء أشخاص من الأمم المتحدة إلى المركز، أعطونا ملابس وبعض الطعام وعرضوا علينا رحلة طوعية إلى غامبيا".

يقول "كنت حزينا جدا: لقد فقدت كل شيء وسيتعين علي البدء من جديد من الصفر.. لم أكن أرغب في العودة إلى المنزل، لكن لم يكن لدي خيار آخر".

يكمل جوبي قصته قائلا: "عندما وصلت إلى غامبيا، عرضت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة مساعدتي في بدء عمل تجاري.. سألوني عما أريد أن أفعله، وبسبب خبرتي في العمل في مجال البناء، أخبرتهم أنه يمكنني بيع الإسمنت".

قدموا لي دعما عينيا مخصصا في شكل كمية من الإسمنت، لكن لسوء الحظ، لم يكن المكان الذي وجدته لتخزين أكياس الإسمنت محميا من الطقس، وموسم الأمطار، ووصلت المياه إلى كل الإسمنت.. "لقد دُمرت".

يقول جوبي: "عدت إلى الأمم المتحدة لطلب المزيد من المساعدة، وعرضوا علي التدريب على المهارات.. كان هذا مفيدا للغاية، وتمكنت من الحصول على شهادة لعمل في المصنوعات من الألومنيوم.. حصلت على وظيفة في متجر أحد الأصدقاء في بانجول، والذي يبيع إطارات النوافذ المصنوعة من الألومنيوم".

يقول جوبي: "في المستقبل، بمجرد أن أتمكن من جمع المال، أخطط لفتح متجري الخاص.. أنا متزوج الآن ولدي طفلان.. أريد أن أنجح هنا الآن، ولن أحاول إعادة محاولة تلك الرحلة إلى أوروبا.. إنه أمر محفوف بالمخاطر..إذا لم تنجح فستخسر كل شيء".

صندوق أممي للمشاريع الإنتاجية

تم توفير تدريب جوبي كجزء من برنامج الوظائف والمهارات والتمويل للنساء والشباب (JSF) في غامبيا، وهو البرنامج الرئيسي لصندوق الأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية (UNCDF)، بالتعاون مع مركز التجارة الدولية (ITC)، وتمويل من صندوق التنمية الأوروبي.

وتتصدى JSF للتحديات المستمرة في غامبيا والتي تشمل نقص فرص العمل للشباب والنساء، وانخفاض مستويات الشمول المالي والتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره.

ويدعم البرنامج الغاية 8-3 من الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة، التي تدعو إلى تعزيز السياسات الموجهة نحو التنمية التي تدعم الأنشطة الإنتاجية، وخلق فرص العمل اللائق، وريادة الأعمال، والإبداع والابتكار، وتشجيع إضفاء الطابع الرسمي على المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة الحجم ونموها، بما في ذلك من خلال الحصول على الخدمات المالية.


 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية