ذهب السنغال يضعها في مواجهة نيران الإرهاب

ذهب السنغال يضعها في مواجهة نيران الإرهاب

باسم ثروت

 

 

منذ عقود اكتشفت كميات كبيرة من الذهب شرقي السنغال، فقد ظهر وجود احتياطي ضخم من المعدن النفيس في هذه المنطقة فتسابقت عدة شركات على التنقيب هناك كما تدفق عمال المناجم والباحثون عن الثروة إلى المنطقة التي تسكنها قبائل المالينغ أملاً في الثراء السريع.

 

كان لهذا الاكتشاف مساوئه فقد انتشرت الدعارة في منطقة شرق السنغال النائية، حيث يتم تهريب الفتيات من نيجيريا إلى مالي ثم عبر الحدود إلى شرق السنغال، عطفاً على انتشار الدعارة بسبب الذهب، هناك مساوئ أخرى، فالآلاف من عمال المناجم في مالي يتدفقون بشكل دوري على شرق السنغال للعمل بفرص التنقيب المتاحة،حيث إن مالي لها تاريخ كبير في التنقيب عن الذهب ويتمتع عمال المناجم فيها بخبرة كبيرة في هذا المجال.

 

كل هذه المساوئ في المتناول تستطيع السلطات في السنغال السيطرة عليها، لكن في الآونة الأخيرة كشف تقرير أعده مركز “أي إس إس” للدراسات الأمنية  ظهور تهديدات خطيرة حيث إن منطقتي كيدوغو وتامباكوندا بجنوب شرق السنغال، المتاخمتين لمنطقة كايس في مالي، تتعرضان لضغوط أمنية متزايدة، لوقوعهما في مرمى نشاط التنظيمات الإرهابية في مالي ومنطقة بحيرة تشاد، ما يشكل تطوراً أمنياً خطيراً كون السنغال لم تشهد أي هجمات إرهابية في فترة قريبة.

 

الأمر الذي جعل المسؤولين السنغاليين يتخذون تدابير أمنية لصد أي هجمات محتملة، لكن الخطر الذي تتعرض له السنغال يتجاوز الهجمات المحتملة، فهو يشمل احتمالية استخدام المتطرفين للبلد كمصدر أو نقطة عبور للتمويل والمشتريات والتجنيد، حيث يعد تعدين الذهب بالفعل مصدر تمويل للجماعات المتطرفة العنيفة العاملة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.

 

ويكمٌن الخطر هنا في حال اعتمدت الجماعات الإرهابية على الأوضاع الاقتصادية المتردية في منطقة شرق السنغال التي تجعل السكان في حالة من السخط على السلطات، فعلى الرغم من ودائع الذهب الكبيرة وإمكانات الاقتصاد، لم يُترجم تعدين الذهب كدعامة اقتصادية تؤدي إلى ظروف معيشية أفضل، حيث بلغ معدل الفقر في عام 2021 61.9%.

 

حصل مثل هذا التوسع من قبل في منطقة الساحل، حيث مكّنت العلاقات المتوترة بين الدولة والسكان المحليين المحبطين الجماعات المتطرفة العنيفة من الانغماس في مناطق محددة وبالمثل، يمكن لهذه الجماعات أن تستغل حالة الصراع في جنوب شرق السنغال كاستراتيجية توسع.

 

كما يمكن للمتطرفين العنيفين الاستفادة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود والاقتصاد غير الرسمي المرتبط بها في المنطقة، حيث يرافق تعدين الذهب في شرق السنغال انتشار واسع لأنواع مختلفة من التجارة (المخدرات والأدوية المزيفة والزئبق والسيانيد والمتفجرات والبشر)، تشكل هذه التجارة بيئة خصبة لمجموعات المجرمين والإرهاب لتجنيد أعضاء جدد والحصول على الأموال والموارد التشغيلية ونقلها.

 

على خطوط المواجهة لا بد أن تراعي السنغال العديد من النقاط المهمة، حيث تتطلب المعالجة الفعالة لمخاطر توسع المتطرفين العنيفين في السنغال استجابة متكاملة مصممة بطرق تعزز بعضها البعض لإحداث آثار قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لمنع حدوث أزمة أمنية في المنطقة الجنوبية الشرقية الغنية بالذهب في السنغال.

 

كما يجب أن تركز خطة السلطات في السنغال على منهجية متعدد الأبعاد، اولاً: التركيز على تحسين الظروف المعيشية للسكان المحليين، لا سيما في المناطق الحدودية المحتمل توغل الإرهاب فيها، فإن القيام بذلك يجعل المواطنين في شرق السنغال يشعرون برغبة الدولة والتزامها بتغيير الأوضاع الاجتماعية لهم.

 

ثانياً: لا بد أن تتعجل السطات السنغالية في إضفاء الطابع الرسمي على التعدين الحرفي والضيق النطاق وجعله مشمولاً في استراتيجية الدولة للتعدين،حيث إن إضفاء الطابع الرسمي على التعدين الحرفي سيمكن السكان المحليين من المشاركة والاستفادة من الموارد الطبيعية، كما سيكون لهم رأي في استغلال وتسويق الذهب وبالتالي يحد من الخسائر المالية للسنغال ويقلل من أخطار تمويل الإرهاب وغسيل الأموال.

 

إجمالاً، لا بد أن تتدارك الحكومة السنغالية الخطر بشكل سريع وعاجل قبل أن تسقط ضحية في مرمى نيران الإرهاب، وبخاصة تواجدها في منطقة يعيد فيها تنظيم داعش انتشاره فقد أشارت بعض التقارير إلى أن داعش يعيد انتشاره بشكل واسع في شمال وغرب إفريقيا، مستغلاً جنوب ليبيا كأهم محطة لتحرك مقاتليه، فقد أنشأ له أربعة ولايات في منطقة بحيرة تشاد لخلافته في القارة تحت قيادة مركزية بولاية بورنو في نيجيريا، ما يجعل السنغال الغنية بالذهب محطته التالية.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية