النكبة الثانية.. سكان غزة يواجهون التهجير بأيادٍ خاوية وصدور عارية

النكبة الثانية.. سكان غزة يواجهون التهجير بأيادٍ خاوية وصدور عارية

في كل حرب على قطاع غزة، تُدمّر إسرائيل عشرات المباني، لكن تترافق الحرب الحالية مع حركة نزوح واسعة، قدّرها الجيش الإسرائيلي في بيان له، السبت 21 أكتوبر، بـ700 ألف فلسطيني من شمال القطاع إلى جنوبه.

تعيد الغارات الإسرائيلية الجوية إلى ذاكرة أهالي غزة مشاهد النكبة الفلسطينية التي حدثت في عام 1948، حين تم تهجيرهم لأول مرة من أرضهم، وهذه المرة يواجه سكان غزة الرافضون للرحيل قصف الطيران الإسرائيلي بأيادٍ خالية وصدور عارية، يقفون عاجزين حتى عن الدفاع عن أنفسهم.

جزء كبير من سكان القطاع الحاليين، والبالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، هم لاجئون انتقلوا إليه خلال النكبة الأولى، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

عمر ورامي وأم أحمد وغيرهم تلقوا إنذارا أن حيّهم سيتم قصفه، لتبدأ رحلة عاجلة أولها نجاة من الموت وآخرها تهجير، وحتى سكان جنوب القطاع يواجهون ضربات جوية على منازلهم.

لجأ عمر عاشور الذي كان في الثامنة من عمره في عام 1948، مع عائلته إلى قطاع غزة، قادما من مدينة المجدل في المنطقة التي تقع فيها مدينة عسقلان حاليا.

تسوية الأبراج بالأرض

يروي عاشور ما يتذكره من تلك اللحظات العصيبة، قائلا: "أتذكر ما حصل خلال النكبة، لكن ما يحدث الآن أشد قسوة، نعم لقد كانت إسرائيل تطلق النار وتقتل حتى تدفع الناس للفرار، لكن ما يحدث حاليا أكثر صعوبة وشراسة".

يعيش عاشور في مدينة الزهراء جنوب غزة، حيث سوت الصواريخ الإسرائيلية، ليل الخميس، أكثر من 20 برجا سكنيا بالأرض، بعدما حذرت إسرائيل السكان الذين خرجوا منها ولا يعرفون إلى أين يتجهون.

في أنقاض مدينة الزهراء، ينظر رامي أبو وزنة، يمينا ويسارا إلى العمارات المدمرة على طول الشارع الذي يسكنه حيث سوي 24 مبنى بالأرض، ويقول "لم أتخيل حدوث ذلك في أسوأ كوابيسي".

في الثامنة من مساء الخميس، تلقى سكان الحي اتصالات من الجيش الإسرائيلي يأمرهم من خلالها بإخلاء كامل الحي لأنه سيقصف أبراجه السكنية بعد فترة وجيزة.

هرول آلاف السكان إلى الشوارع لا يعرفون إلى أين يذهبون بعائلاتهم وأطفالهم وسط الظلام الدامس، بينما هدير الطائرات الحربية المحلقة في سماء المنطقة يملأ المكان.

اضطر السكان لكسر الباب الرئيسي لجامعة قريبة ليمضوا الليلة بداخلها وهم يحاولون تهدئة أطفالهم المذعورين، عاجزين حتى عن تدفئتهم من البرد، بينما قضى آخرون ليلتهم في العراء.

جمع الملابس

كانت أم أحمد تحاول مع اثنين من أبنائها جمع بعض الملابس التي يغطيها الغبار لوضعها في أكياس بلاستيكية كبيرة.

تقول السيدة التي غطى الغبار ملابسها السوداء "قضينا ليلة في جهنم، السماء كانت حمراء، تدمر كل شيء، لم نأخذ معنا شيئا، أحاول جمع بعض الملابس الثقيلة للأطفال، لقد تجمدوا من البرد".. وتقول بكلمات متقطعة: "حسبنا الله ونعم الوكيل، يريدون تشريدنا".

يروي أحد سكان حي الزهراء، محمد أبو عبيدة، ما حدث، قائلا "نزلنا نركض إلى الشوارع، كان في شقتي 8 عائلات من النازحين من غزة، دقائق وبدأ القصف العنيف" الذي استمر حتى ساعات الفجر الأولى.

ويتابع: "قصفوا 31 عمارة في كل واحدة منها 20 شقة لكننا سنبني منازل جديدة كما أنشأنا هذه المدينة، لن نيأس".

وتفيد الأمم المتحدة بأن الحرب الراهنة أدت إلى نزوح ما لا يقل عن مليون شخص من سكان غزة، ويخضع القطاع لحصار إسرائيلي محكم بعد أن قطعت إسرائيل عنه إمدادات الحياة من مياه وكهرباء وطاقة ومواد غذائية وأدوية.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية