في حوار مع جسور بوست..

رئيس المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين: القاهرة تتحمل ضغوطاً كبيرة في استضافة اللاجئين.. ودعوات الكراهية ضد السودانيين تتنافى مع طبيعة المصريين

رئيس المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين: القاهرة تتحمل ضغوطاً كبيرة في استضافة اللاجئين.. ودعوات الكراهية ضد السودانيين تتنافى مع طبيعة المصريين

جهود مفوضية اللاجئين لا تتناسب مع ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة

أحمد بدوي: مصر تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في تاريخها

 

الدولة المصرية تتعامل بإنسانية مع اللاجئين وتحترم التزاماتها الدولية

 

أجرى الحوار: سلمان إسماعيل

عرف المصريون منذ آلاف السنين، استقبال اللاجئين والمهاجرين من مناطق النزاعات أو المجاعات والكوارث الإنسانية، فقد فتحت مصر أبوابها أمام شعوب الدول المجاورة التي ضربتها المجاعة الشهيرة في عهد نبي الله يوسف، واحتضنت السيدة العذراء مريم والسيد المسيح، ما يجعلها واحدة من أقدم الدول التي استقبلت اللاجئين.

وخلال الحروب التي شهدتها المنطقة العربية والقارة الإفريقية، استقبلت مصر آلاف اللاجئين، وارتفعت هذه الأعداد بعد موجة الربيع العربي، وموجات اللجوء القادمة من سوريا والتي شكلت ضغطا على دول المنطقة وحتى الدول الأوروبية، انتهاء بالحرب الأهلية الدائرة في السودان منذ ما يزيد على عام، والتي صاحبها انتقال ملايين السودانيين إلى مختلف محافظات الجمهورية المصرية.

وتنتشر على منصات التواصل الاجتماعي دعوات تحض على كراهية السودانيين وتطالب بترحيلهم بسبب الضغط الكبير على البنية التحتية والخدمات، وكذلك ارتفاع متوسط إيجارات الوحدات السكنية، فيما تخلو مصر من أي مخيمات للاجئين، وتسمح بحرية الحركة باعتبارها من حقوق الإنسان المنصوص عليها في اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.

رئيس مجلس أمناء المؤسسة المصرية لدعم اللاجئين، أحمد بدوي، تحدث إلى «جسور بوست»، حول الوضع القانوني، والإحصاءات الموجودة لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، والتزامات مصر، والتحديات التي تواجهها في استيعاب الأعداد الكبيرة من الفارين من مناطق النزاعات المسلحة، فضلا عن دعوات الكراهية ضد اللاجئين المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتقييمه لدور المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المعنية، في ما يتعلق بتقديم الدعم للحكومة المصرية لامتصاص صدمة الارتفاع الكبير في أعداد اللاجئين خلال العام الماضي.

هل لديكم إحصائية بعدد اللاجئين في مصر؟ 

تستضيف مصر أكثر من 670 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من 62 جنسية مختلفة، ومع نهاية أكتوبر 2023، أصبحت الجنسية السودانية هي الأكثر عددا تليها الجنسية السورية، تليها أعداد أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق.

وتدعم المفوضية أيضا اللاجئين السوريين الذين فروا من بلادهم التي مزقتها الحرب وبدؤوا في طلب اللجوء إلى مصر منذ عام 2012.

وارتفع عدد السوريين المسجلين مع المفوضية في مصر بشكل كبير من 12,800 في نهاية عام 2012 إلى أكثر من 153,000 شخص في نهاية عام 2023، ممثلين خلفيات اجتماعية واقتصادية ودينية مختلفة.

ونتيجة للأزمة في سوريا والسودان، فإن مصر تستضيف الآن أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في تاريخها.

وما أسباب ارتفاع أعداد اللاجئين القادمين إلى مصر بهذا الشكل؟

الحرب في السودان، وتجدد الصراعات وانعدام الاستقرار السياسي في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، وكذلك الاضطرابات في العراق واليمن، دفع آلاف الأشخاص من جنوب السودان وإثيوبيا والعراق واليمن إلى اللجوء إلى مصر.

وحتى 20 يونيو 2024، وصل عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية إلى 387,071 لاجئا من السودان و156,444 من سوريا و43,031 من جنوب السودان و36,813 من إريتريا و18,419 من إثيوبيا و8,677 من اليمن و8,046 من الصومال و5,683 من العراق وأكثر من 54 جنسية أخرى.

وذلك بخلاف الوافدين والمهاجرين من دول وجنسيات أخرى والذين بلغ عددهم بعد الأزمات الأخرى ما يزيد على 12 مليونا، قادمين من دول نزاع وصراع ومقيمين بشكل دائم أو مغادرين.

أحمد بدوي

وكيف يمكن التفريق بين اللاجئين والمهاجرين؟

اللاجئون وطالبو اللجوء هم المقيدون بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أما المهاجرون والوافدون فهم المقيمون بوضع مختلف، إقامة سياحية أو دراسية، أو إقامة عمل.

وما تقييمك لدور مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في التعامل مع الأعداد الكبيرة التي دخلت مصر من السودان؟

تحاول المفوضية تقديم الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للمسجلين لديها فقط، من خلال الشركاء لتقديم الخدمات الصحية والدعم المالي والاجتماعي والقانوني والتعليمي، ولكنه لا يناسب الاحتياجات الأساسية في ظل ارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في الأعداد بسبب الصراعات المختلفة في دول الجوار.

وما التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية التي صاحبت لجوء ملايين السودانيين إلى مصر منذ بداية الحرب؟

تمثل الأعداد الكبيرة من اللاجئين والمهاجرين عبئا على الخدمات العامة بسبب الأوضاع الاقتصادية في مصر، وليس من السودانيين فقط، فهناك أعداد من جنسيات أخرى، كما أنه يوجد قصور واضح من الدول الكبرى والمنظمات الدولية في دعم الحكومة المصرية، لاحتواء الأزمة، حيث إن الدولة لديها تحديات كبيرة على صعيد المنظومة التعليمية والصحية، ورغم عدم التزام الدولة بشكل مباشر تجاه اللاجئين، ولكنها لا تضع أية شروط إضافية حتى الآن على تواجد اللاجئين والمهاجرين، وهو ما يزيد من أعباء الدولة.

وكيف تتعامل الحكومة المصرية مع اللاجئين على أراضيها؟

تاريخيا، الدولة المصرية تتعامل مع ملف اللاجئين والمهاجرين بشكل إنساني، ولكن في الفترة الأخيرة وبعد زيادة الأعداد، والأحداث في دول الجوار، وأزمة السودان، بدأت الدولة في العمل ببرنامج تعداد للاجئين، للوقوف على تحليل الموقف، والفصل من حيث الأعداد، والتزامات الدولة، ودور المنظمات.

ولماذا لا توجد مخيمات لاجئين في مصر؟

إذا قررت الدولة المصرية عمل معسكرات في مصر سيكون التزاما كبيرا، وضغطا عليها لتوفير خدمات صحية وتعليمية وأمنية تتناسب مع المعسكر، وهو عبء على الدولة ومؤسساتها، ولم نر دولا كبرى تبنت مثل هذه الفكرة، كما أن مصر تتعامل مع ملف اللجوء بشكل إنساني، ووفقا للاتفاقية الدولية الخاصة باللاجئين، والتزامات الدولة في حرية التنقل، كما أن مصر تعتبر دولة عبور أو ترانزيت في كثير من الأحيان، وليست دولة لجوء.

وكيف ترى حملات خطاب الكراهية ضد اللاجئين عبر منصات التواصل الاجتماعي في مصر؟

في تقديري، ومن خلال متابعتنا في الجمعية لهذا الأمر، فهي مجرد هجمات غير منظمة، ولا تمثل الدولة المصرية، ولا الشعب المصري المعروف بالكرم والترحيب، وفي ظني أن هذه الحملات وراءها أطراف متعددة، منها المصرية أو من الجنسيات الأخرى، وفي كل الحالات تتنافى مع طبيعة وتاريخ الشعب المصري.

هناك مخاوف من تأثير الأعداد الكبيرة للاجئين على الهوية في مصر.. ما تعليقك؟

هذه مخاوف لا محل لها، فقد تعرضت الدولة المصرية على مدار تاريخها لفترات طويلة من الاحتلال الأجنبي، ولم تتغير هويتها، فما بالنا باستقبال ضيوف يعانون ظروفا إنسانية صعبة في بلدانهم.

وهل تتلقى مصر الدعم الكافي من الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية للتعامل مع الأعداد المليونية للاجئين؟

قولا واحدا، الدعم المقدم للدولة المصرية لا يتناسب مع حجم الأزمات والصراعات في الدول المجاورة، كما أنه لا يتسم بالطابع الاستقراري والدائم، وهو ما يمثل عبئا على الدولة المصرية في أن يكون لديها خطط وبرامج مستمرة تساهم في الحد من أزمة اللجوء والهجرة، وتساعد في رفع معاناة اللاجئين والمهاجرين، ولا بد من التنسيق بين المنظمات الدولية ومؤسسات الدولة للبحث عن آليات تساهم في رفع المعاناة عن اللاجئين والمهاجرين، وتساعد الدولة في تطوير وتحسين المنظومة الخدمية، وخصوصا على مستوى الإقامات والإجراءات الإدارية.


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية