أرقام مفزعة.. أبرز الانتهاكات الحقوقية في غزة خلال 100 يوم من الحرب

أرقام مفزعة.. أبرز الانتهاكات الحقوقية في غزة خلال 100 يوم من الحرب
الحرب في غزة

مئة يوم من العزلة، اسم رواية للروائي العالمي ماركيز، لكنها في غزة تمثل واقعا وحياة، ونزيد على العزلة الجبرية حربا ودمارا وقتلا وسط خذلان وصمت العالم.

100 يوم تتواصل فيها المأساة الإنسانية في قطاع غزة بلا هوادة، حيث يعيش السكان في ظل ظروف قاسية، تعرض خلالها الإنسان وحقوقه في غزة لتحديات واجهتها نسب وإحصاءات مروعة.

ومن الحقوق المهدرة في قطاع غزة الحق في الحياة، حيث يواجه الأهالي في غزة خطر الموت الدائم نتيجة للهجمات العنيفة والقصف المستمر.

وفقًا للإحصاءات، فإن عدد القتلى يتزايد يومًا بعد يوم، ما يدل على أن حق الحياة في غزة يعاني من انتهاك مروع، ويعيش الأطفال في غزة في ظروف قاسية ومروعة، حيث يتعرضون للقتل والجرح والتشريد بشكل يومي. 

وأعلنت وزارة الصحة في غزة مقتل 9 آلاف طفل منذ بدء الحرب، والأونروا تقول إن 90 بالمئة من سكان القطاع تعرضوا لتهجير قسري.

وقالت منظمة "أنقذوا الأطفال" الخيرية، إن أكثر من 10 أطفال في المتوسط يفقدون أحد أطرافهم كل يوم في غزة، حيث تتم العديد من عمليات البتر دون تخدير. 

وقال مدير منظمة "أنقذوا الأطفال" في الأراضي الفلسطينية جيسون لي، في بيان، إن "معاناة الأطفال في هذا الصراع غير ضرورية ويمكن تجنبها بالكامل"، مؤكداً أن "قتل الأطفال وتشويههم أمر مدان باعتباره جريمة خطيرة... ويجب محاسبة مرتكبيها". 

وأشارت المنظمة إلى تصريحات المتحدث باسم اليونيسف، والذي قال بعد عودته من غزة في 19 ديسمبر الماضي، إن "حوالي 1000 طفل في غزة فقدوا إحدى ساقيهم أو كلتيهما منذ 7 أكتوبر، وتكتظ المستشفيات بالأطفال"، معتبرة أن الأطفال أكثر عرضة للوفاة بسبب إصابات القصف بنحو 7 مرات مقارنة بالبالغين.

وقال القيادي في حركة حماس، أسامة حمدان، إن نحو 4% من سكان قطاع غزة قتلوا أو جرحوا أو فقدوا، بعد 93 يوماً من الحرب، بالإضافة إلى أن أكثر من 1.9 مليون فلسطيني في قطاع غزة مشردون من بيوتهم، فيما قتل 109 صحفيين.

من ناحية أخرى، هناك الجرائم المتواصلة التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق الصحفيين، التي تهدف إلى ترهيب وتخويف الصحفيين ومحاولة لطمس الحقيقة ومنعهم من التغطية الإعلامية. 

وفي هذا الصدد أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ارتفاع عدد الضحايا من الصحفيين إلى (109 صحفيين) منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، بعد ارتقاء الزميلين الصحفيين الصحفي الشهيد حمزة وائل الدحدوح، والصحفي الشهيد مصطفى ثريا، حيث قتلا بقصف الجيش الإسرائيلي لسيارة كانا يستقلانها خلال تغطيتهما الصحفية. 

وقال تقرير لمؤسسات الأسرى الفلسطينيين إن عدد المعتقلين الإداريين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال العام المنصرم 2023 هو الأعلى منذ سنوات انتفاضة عام 1987. 

وأوضح التقرير، الذي نشره نادي الأسير الفلسطيني عبر صفحته على فيسبوك، أن مجمل عدد أوامر الاعتقال الإداري منذ بداية العام بلغ 5,500 أمر اعتقال بين أوامر جديدة وتجديد للأوامر السابقة. 

وبلغ مجمل عدد أوامر الاعتقال الإداري 2,670 أمرا خلال أقل من 3 أشهر منذ بدء الحرب على غزة، "وهو الرقم الأعلى منذ عشرات السنوات، ولا مثيل له منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى"، وفق التقرير. 

وبحسب مؤسسات الأسرى الفلسطينيين فإن عدد المعتقلين الإداريين ارتفع بعد 7 أكتوبر من 1,320 إلى 3,291 معتقلا إداريا، منهم نحو 20 طفلا في الاعتقال الإداري، و7 نساء، و25 صحفيا، و16 نائبا. 

ويقول التقرير إن “إسرائيل تستخدم الاعتقال الإداري باحتجاز الفلسطينيين دون تقديم تهم أو لوائح اتهام تحت بند (الملف السري)، لتحرمهم من حقهم في الدفاع عن أنفسهم ومن أدنى ضمانات المحاكمات العادلة".

من ناحية أخرى، تعرضت المنازل والمرافق الحيوية والبنية التحتية في غزة لدمار هائل خلال هذه الحرب. 

"جسور بوست"، تناقش في هذا التقرير كيف أُهدرت حقوق الإنسان خلال 100 يوم من الحرب في غزة.

وكأنه سطح القمر.. صور تكشف حجم الدمار في غزة | سكاي نيوز عربية

انتهاك بشهادة القانون

قالت البرلمانية السابقة والحقوقية التونسية، ليلى حداد، تم توثيق تقارير متعددة من قبل منظمات حقوق الإنسان وغيرها من الجهات المستقلة التي تشير إلى انتهاك حقوق الإنسان خلال هذه الحرب، ويتطلب تقييم تلك الانتهاكات تحليلًا شاملاً ومتعدد الأبعاد، وتنتهك حقوق الإنسان عندما يتعرض المدنيون للقتل أو الإصابة بشكل غير متناسب أثناء النزاعات المسلحة، ويهدف القانون الإنساني الدولي إلى حماية الأشخاص الذين لا يشاركون في النزاع وتقييد استخدام القوة وحماية الأشخاص المحتجزين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

ورغم ذلك لم تتم حماية المدنيين في غزة، وينتهك القانون الإنساني الدولي عندما يُستهدف المدنيون بصورة غير مشروعة أو يتعرضون للتعذيب أو يُمنع عنهم الوصول إلى المساعدات الإنسانية وبالفعل هذا ما حدث مع أهل غزة.

وأضافت في تصريحات لـ"جسور بوست"، ينص القانون الدولي على أن اللاجئين والنازحين داخليًا يجب أن يحموا ويُعامَلوا بكرامة وتكريم، ويُعتبر تهجير السكان من منازلهم وتدمير الممتلكات الخاصة بهم خلال النزاعات انتهاكًا لحقوق الإنسان، وسنكرر لقد انتهكت حقوق الإنسان في غزة من خلال ذلك أيضًا، كما يشمل ذلك الحق في الحصول على الماء والغذاء والرعاية الصحية والإسكان والتعليم والثقافة، وقد تتعرض حقوق الإنسان لانتهاكات خلال الحرب في غزة عندما يتعذر على السكان الحصول على الاحتياجات الأساسية وتدمير البنية التحتية والمرافق العامة، أليس هذا ما حدث في غزة؟

وأتمت، من المهم أن يتم توثيق وتحقيق أي ادعاءات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب في غزة بشكل مستقل وموضوعي، وتعمل المؤسسات والمنظمات الدولية والمحلية المعنية بحقوق الإنسان على مراقبة الوضع وتوثيق الانتهاكات المحتملة والعمل على تعزيز حماية حقوق الإنسان في جميع الأوقات وفي جميع الأماكن، ولكن ما نراه أنه ليس لهذا أي تأثير في الردع أو إدانة الجانب الإسرائيلي.

ليلى حداد

إدانة غير رادعة

وانتقد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبدالكبير منظمات حقوق الإنسان الدولية، مؤكدًا أنها توثق الانتهاكات على استحياء ولا تشارك في ردع الجانب الإسرائيلي المتسبب في تلك الانتهاكات وسط صمت العالم، إن ما يحدث جريمة تخالف الأعراف والقوانين الدولية.

وأضاف عبدالكبير، في تصريحات لـ"جسور بوست"، تم تبني العديد من المواثيق الدولية والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان والحد من انتهاكاتها في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في غزة، هناك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي تم اعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 ويعتبر إطارًا أساسيًا لحقوق الإنسان على مستوى العالم، يشمل العديد من الحقوق المعترف بها، مثل حق الحياة، وحقوق الأشخاص المحتجزين، وحقوق الطفل، وحق اللاجئين، يطبق هذا على أي مكان فيه حرب إلا أهل غزة.

أيضًا هناك جريمة ترتكب في حق أطفال غزة، تتعارض تمامًا مع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والتي تم اعتمادها في عام 1989 وتحدد حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك حق الحياة وحقوق الرعاية الصحية والتعليم وحماية الأطفال خلال النزاعات المسلحة، هل تطبق تلك الاتفاقية على أهل غزة؟

واستكمل، كثيرة هي المواثيق الدولية التي من المفترض أن تحمي حقوق الإنسان في غزة ورغم ذلك لا تطبق، منها الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وتهدف إلى القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وضمان المساواة في الحقوق الأساسية للجميع، الأمر متروك ومهم، وكان يمكن أن تصدر قرارات من مجلس الأمن الدولي بشأن ما يحدث في غزة، تنص على حماية المدنيين وضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني في غزة وحماية أهلها إلا أن الجميع في سبات. 

جريدة الصباح نيوز - مصطفى عبد الكبير لرئيس الجمهورية: يجب إعادة النظر في  الفريق العامل معكم ابتداء من العمدة وصولا للمستشارين والوزراء

مصطفى عبد الكبير 

وأتم، هذه المواثيق والقرارات هي إطارات قانونية والتزامات دولية، وإن كانت لا تحمل قوة قانونية مباشرة لوقف النزيف إلا أنها كان يمكنها فعل ما هو أقوى مما قدمته.

آثار إنسانية كارثية

قال الأكاديمي والمستشار النفسي، الدكتور طه أبوحسين، إن انتهاك حقوق الإنسان في غزة خلال الحروب يمكن أن يؤدي إلى آثار إنسانية ونفسية كارثية على السكان المدنيين والمجتمع بشكل عام، تشمل القتلى والجرحى والمعاقين بشكل دائم، ويتضرر خاصة الأطفال والنساء وكبار السن الذين يكونون أكثر عرضة للإصابة والتأثر بالأوضاع القاسية، كذلك يجبر السكان على النزوح من منازلهم وممتلكاتهم للهروب من المناطق المتضررة، ما يفرض عبئًا كبيرًا على البنية التحتية ويؤدي إلى زيادة عدد اللاجئين الداخليين واللاجئين الذين يفرون إلى دول أخرى، ولهذا مشاكله الاجتماعية طويلة الأمد.

كما يتسبب القصف والهجمات العسكرية في تدمير البنية التحتية للمدارس والمستشفيات والمنشآت الحيوية الأخرى، ما يعرقل توفير الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والرعاية الصحية والتعليم.

وأضاف أبوحسين في تصريحات لـ"جسور بوست"، يؤدي انقطاع الخدمات الأساسية والحصار والقيود على حركة السلع والأفراد إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ويزيد من نسبة الفقر والتجويع والاعتماد على المساعدات الإنسانية، كما تؤثر الأوضاع القاسية التي يتعرض لها السكان في الحالة النفسية، وترتفع مستويات القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة، ويؤثر ذلك أيضًا على العلاقات الاجتماعية والأسرية والتعليمية، ويزيد من التوتر والانقسامات في المجتمع، ويمكن أن تشمل الانتهاكات الأخرى القتل التعسفي، والاعتقال التعسفي، وتعذيب المعتقلين، والتهجير القسري، والاستيلاء على الأراضي والممتلكات، وتقييد حرية التعبير والتجمع. 

المواطن: تدخين المرأة .. موضة أم مزاج أم أن هناك أسباب أخرى ؟

الدكتور طه أبو حسين

واستطرد، يجب أن نلاحظ أن هذه الآثار تكون مأساوية وتستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الحروب، وتتطلب جهودًا كبيرة لإعادة بناء البنية التحتية وإعادة تأهيل السكان المتضررين وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم، ويجب أن يتم التركيز على حماية حقوق الإنسان وتطبيق القانون الدولي الإنساني لمنع حدوث مثل هذه الآثار الكارثية في المستقبل.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية