في يومها العالمي.. الصحافة الاستقصائية سلاح فعال ضد الفساد

في يومها العالمي.. الصحافة الاستقصائية سلاح فعال ضد الفساد

تعد الصحافة الاستقصائية أداة فعالة في كشف الفساد والكشف عن حقائق مهمة تؤثر في المجتمعات، كما أن للصحافة الاستقصائية دورا بارزا في إلقاء الضوء على الممارسات الفاسدة وتعزيز الشفافية في الأنظمة السياسية والاقتصادية.

ومن خلال هذا التقرير تقدم "جسور بوست"، نظرة مفصلة على دور الصحافة وصحافة الاستقصاء في الكشف عن الفساد على صعيد العالم العربي والعالمي.

وتعاني العديد من البلدان العربية من مشكلات الفساد واسعة النطاق، ومع ذلك، نجد أن الصحافة الاستقصائية قد قامت بجهود جبارة في كشف تلك الممارسات غير الأخلاقية. 

وفقًا لتقرير صادر عن منظمة "كمالو كان" للصحفيين الاستقصائيين، كان للصحافة الاستقصائية دور هام في توجيه الضوء على قضايا الفساد في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة. 

ففي السعودية، قادت التحقيقات الصحفية إلى الكشف عن ممارسات خاطئة، ووفقًا لتقرير "كمالو كان"، زاد عدد القضايا المكتشفة في السعودية بواقع 40% خلال السنوات الأخيرة. 

وفي مصر، استخدمت الصحافة الاستقصائية وسائل التواصل الاجتماعي للكشف عن قضايا فساد، ووفقًا لتقرير "كمالو كان"، زادت القضايا المكتشفة في مصر بواقع 60% خلال السنوات الأخيرة. 

وعلى المستوى العالمي تعمل الصحافة الاستقصائية في جميع أنحاء العالم على كشف الفساد وتعزيز الشفافية، وقد أظهرت الأرقام والنسب تحقيقات ناجحة في هذا الصدد.. وفقًا لتقرير صادر عن منظمة "كمالو كان"، ارتفعت نسبة القضايا المكتشفة بواسطة الصحافة الاستقصائية عالميًا بنسبة 25% خلال السنوات العشر الماضية.

وفي البرازيل شهدنا جهودًا استثنائية من قبل الصحافة الاستقصائية في الكشف عن فضائح فساد كبرى. حملة "سيارة الغسيل" التي قادتها صحيفة "فولها دي ساو باولو"، أدت إلى اكتشاف شبكة واسعة من الفساد في القطاع العام والخاص، والتي أثرت بشكل كبير على السياسة البرازيلية والاقتصاد.

وفي الولايات المتحدة، أدت التحقيقات الصحفية إلى الكشف عن عدة فضائح كبرى، بما في ذلك فضيحة ووترغيت التي كشفت عن فساد في النظام السياسي وتجارب الفساد المالي والاقتصادي، وتأثرت السياسة الأمريكية والثقة العامة بشكل كبير نتيجة لهذه التحقيقات. 

ويؤكد خبراء أهمية الصحافة المهنية والاستقصائية في الكشف عن الفساد، من خلال جهودها المستمرة، فتساهم الصحافة في تحقيق المساءلة وتعزيز الشفافية في المجتمعات، ومع زيادة القضايا المكتشفة وتأثيرها على السياسة والاقتصاد، يصبح من الضروري دعم وحماية حرية الصحافة وضمان سلامة الصحفيين. 

وتعد الصحافة الاستقصائية أداة قوية لمكافحة الفساد وتعزيز الديمقراطية، داعين الحكومات والمجتمع الدولي إلى دعم وتشجيع هذا النوع من الصحافة ويسعون لتوفير بيئة آمنة وحرة للصحفيين للعمل والتحقيقات، فالاستقصاء خطوة أساسية نحو بناء مجتمعات أكثر شفافية وعدالة. 

الصحافة الإستقصائية | GMT الأكاديمية الدّولية للتدريب الاعلامي

دور الصحافة الاستقصائية في المجتمعات

في البداية، علق الكاتب الصحفي، ياسر الزيات بقوله، إن الصحافة الاستقصائية تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الشفافية في المجتمعات، وبالطبع تقابلها تحديات كبيرة، ويعتبر الفساد من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات، حيث يؤدي إلى تدهور الثقة العامة وتفشي الظلم والاستغلال، وتعمل الصحافة الاستقصائية على كشف الفساد وتوثيق حالات الفساد وإظهارها للعلن من خلال التحقيقات العميقة والتوثيق الدقيق.

تتمكن الصحافة الاستقصائية من تسليط الضوء على المسؤولين الفاسدين وتوجيه الاتهامات المناسبة، أيضًا من أسباب استقرار الدول الحساب والمساءلة فهما عنصران أساسيان في الديمقراطية والحكم الجيد، وتقوم الصحافة الاستقصائية بمراقبة السلطة وتحقيق التوازن بين الأطراف المختلفة في المجتمع من خلال تسليط الضوء على الممارسات غير الأخلاقية وتوثيقها، ويتم تعزيز المساءلة وضمان أن يكون المسؤولون مسؤولين عن أفعالهم أمام الجمهور.

وأضاف “الزيات”، في تصريحات لـ"جسور بوست"، تساهم الصحافة الاستقصائية في خلق بيئة أكثر شفافية في المجتمعات، ومن خلال إفشاء المعلومات والتحقيقات الموثوقة، يتمكن الجمهور من الوصول إلى المعلومات الهامة وفهم العمليات والقرارات التي تؤثر في حياتهم، وبهذه الطريقة، يتم تعزيز الشفافية والحق في المعرفة والمشاركة الفعالة في العملية الديمقراطية، وتلعب الصحافة الاستقصائية دورًا هامًا في تعزيز الثقافة الديمقراطية في المجتمعات، فمثلا إذا تمكن الناس من الوصول إلى المعلومات وتعريضهم لوجهات نظر متعددة، يتعلم الأفراد كيفية التحليل النقدي واتخاذ القرارات المستنيرة، وعليه تفعيل دور المشاركة المدنية وتعزيز الوعي والمسؤولية الفردية في العملية الديمقراطية.

هل كنت حيّا؟ – ياسر الزيات | نص خبر

ياسر الزيات

وأتم، باختصار تعتبر الصحافة الاستقصائية ركيزة أساسية في تعزيز الشفافية والمساءلة والديمقراطية في المجتمعات من خلال توثيق الفساد وكشف الحقائق المهمة، وتلعب الصحافة دورا حاسمًا في تعزيز ثقة الجمهور وتحفيز المسؤولين على اتخاذ إجراءات واضحة وأخلاقية.

تحديات قاتلة

وعن الصعوبات التي تواجهها الصحافة الاستقصائية، قال الصحفي الاستقصائي الأردني، هيثم الشريف، إن هذا النوع من الصحافة على أهميته فإنه يواجه العديد من الصعوبات التي تعيق أداء دوره بشكل فعال ومن بين هذه الصعوبات التهديدات والضغوط، حيث يتعرض الصحفيون الاستقصائيون للتهديدات والضغوط المادية والمعنوية من قبل الأطراف المعنية بالتحقيقات الاستقصائية، وقد يتعرضون للتشهير والتهديد بالعنف، وقد يواجهون قضايا قانونية مثل دعاوى التشهير والافتراء، هذه التهديدات والضغوط تقيد حرية الصحافة وتجعل من الصعب على الصحفيين الوصول إلى المعلومات وكشف الفساد.

وأضاف “الشريف”، في تصريحات لـ"جسور بوست"، من تلك التحديات أيضًا قلة الموارد المالية، حيث يتطلب العمل الاستقصائي العميق والمتواصل موارد مالية كبيرة، بما في ذلك تكاليف التحقيقات والتوثيق والبحث، ومع ذلك، يعاني العديد من وسائل الإعلام من قلة الموارد المالية، مما يقيد قدرتهم على تنفيذ التحقيقات الاستقصائية بشكل كامل وفعال، كذلك فإننا في مجتمعاتنا العربية أمامنا مشكلة مختلفة نتيجة صعوبة الوصول إلى المعلومات، قد يكون من الصعب الحصول على المعلومات الحساسة والمهمة التي تكشف الفساد أو الممارسات غير الأخلاقية، وقد تعرقل الحكومات أو الشركات أو المؤسسات الأخرى الوصول إلى الوثائق والبيانات الضرورية للتحقيقات الاستقصائية، وقد يتطلب الأمر الاعتماد على مصادر سرية أو معلومات مسربة للكشف عن الحقائق المخفية.

واستكمل، قد لا يحظى الصحفيون الاستقصائيون بالتقدير الكافي أو الدعم اللازم من المؤسسات الإعلامية أو الجمهور، وقد لا يتم تقدير قيمة الصحافة الاستقصائية ودورها الحاسم في تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه الصحفيون الاستقصائيون انتقادات من أطراف معنية بالتحقيقات والتوثيقات التي يقومون بها، وفي زماننا هذا هناك تحدٍ من نوع جديد وهو التحديات التكنولوجية، فمع التطور التكنولوجي، زادت التحديات المرتبطة بالتحقيقات الاستقصائية، يجب على الصحفيين الاستقصائيين أن يتعاملوا مع تقنيات التجسس الإلكتروني والتشويش على الاتصالات والتهديدات السابقة للخصوصية الرقمية، قد يحتاجون إلى استخدام أدوات تقنية متقدمة والتعاون.No photo description available.

هيثم الشريف

وأتم، على الرغم من هذه التحديات، فإن الصحافة الاستقصائية لا تزال تلعب دورًا حاسمًا في كشف الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في المجتمعات.

قوانين وتشريعات تحمي الصحفيين

انتقد خبير القانون الدولي، الدكتور نبيل حلمي، ضعف التشريعات والقوانين الخاصة بحماية الصحفيين الاستقصائيين، قائلًا، إن الصحافة الاستقصائية تلعب دورًا هامًا في حفظ حقوق الجمهور والكشف عن الفساد والظلم في المجتمع ومع تزايد أهمية دور الصحفيين الاستقصائيين، ورغم ظهور حاجة ملحة لتوفير الحماية القانونية لهم ولأعمالهم، فليس هناك قوانين تخصهم بشكل خاص، بل تم إدراجهم ضمنيًا مع الصحفيين إجمالًا، منها قانون حق التعبير وحرية الصحافة، وتعتبر حرية التعبير وحرية الصحافة حقوقًا أساسية مضمونة في العديد من الدساتير والمواثيق الدولية، وتقوم هذه الحقوق بحماية الصحفيين الاستقصائيين وتمكنهم من الكشف عن الفساد والظلم دون تعرضهم للمساءلة القانونية غير المبررة.

وأضاف “حلمي”، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أيضا من القوانين التي تحمي الصحفيين بشكل عام، قوانين حماية مصادر الصحفيين وهو أمر هام لاستمرارية الصحافة، ويجب أن تتضمن التشريعات القانونية حماية للمصادر التي يعتمد عليها الصحفيون الاستقصائيون للحصول على المعلومات الحساسة والمهمة، كذلك قوانين حماية المعلومات السرية، في كل بلدان العالم توجد قوانين تهدف إلى حماية المعلومات السرية والحساسة التي يتعامل معها الصحفيون الاستقصائيون، فيجب أن تحظى هذه القوانين بحماية تكفل سرية المصادر وتمنع الكشف عن المعلومات المهمة التي قد تضر بالصحفيين أو بمصادرهم.

نبيل حلمي أستاذ القانون الدولي:‏سد النهضة غير مشروع - الأهرام اليومي

الدكتور نبيل حلمي

واستكمل، كثيرة هي القوانين ولكن تحتاج إلى تفعيل وعدم تجاهل، خاصة في مجتمعاتنا العربية، ويجب أن تتبنى الدول قوانين وتشريعات توفر حماية خاصة للصحفيين الذين يعملون في هذه المناطق وتعزز سلامتهم وأمانهم، تحتاج الدول إلى تعزيز القوانين والتشريعات التي تحمي حرية الصحافة وتعزز حقوق الصحفيين الاستقصائيين، وأن تحميهم من التشهير والقدح وتوفر لهم الدفاع القانوني.

اليوم العالمي لحرية الصحافة

يحتفل العالم في الثالث من مايو من كل عام بـ"اليوم العالمي لحرية الصحافة"، وهو يوم حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، لتحيي عبره ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي الذي تم في اجتماع للصحفيين الأفارقة في 3 مايو 1991.

كان هدف هذا الإعلان تذكير الحكومات بضرورة احترامها حرية الصحافة، كما نصَّ هذا الإعلان على ضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحفيين، وكذلك يعتبر الثالث من مايو يوماً لتأمل الصحفيين والإعلاميين قضايا حرية الصحافة وأخلاقياتها.

وتخصص الأمم المتحدة هذا اليوم للاحتفاء بالمبادئ الأساسية، وتقييم حال الصحافة في العالم، وتعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية في التعبير، والتذكير بالعديد من الصحفيين الذين واجهوا الموت أو السجن في سبيل القيام بمهماتهم في تزويد وسائل الإعلام بالأخبار اليومية.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية