في اجتماعات برعاية أممية لإعداد التوصية العامة رقم 40 لاتفاقية "سيداو"

"جسور بوست" تكشف مضامين مشاورة الدول العربية لمساواة الجنسين في صنع القرار

"جسور بوست" تكشف مضامين مشاورة الدول العربية لمساواة الجنسين في صنع القرار
من أشغال مشاورة الدول العربية لإعداد التوصية العامة رقم 40 لاتفاقية "سيداو" بشأن التمثيل المتساوي والشامل للمرأة في نظم صنع القرار

-مديرة جمعية مغربية: من أهداف المشاورة مساواة بنسبة 50% للرجال و50% للنساء في صنع القرار

-أشغال المشاورة سجلت حضوراً متنوعاً عربيّاً وأجنبيّاً ومن خلفيات مختلفة

-لجنة "سيداو": مشاركة المرأة وقيادتها على قدم المساواة في أنظمة صنع القرار ضرورتان لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030

-النساء لا يمثلن سوى 22.8% من الوزراء و26.9% من أعضاء البرلمان و35.5% من المسؤولين المنتخبين محليّاً ويرأسن 26 دولة فقط

-لجنة "سيداو": تمثيل المرأة على قدم المساواة في الحياة السياسية والعامة وفي القطاعات الأخرى تعوقه المعايير القديمة وأسباب أخرى

سامي جولال

احتضنت القاهرة أشغال "المشاورة الإقليمية للدول العربية لإعداد التوصية العامة رقم 40 لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشأن التمثيل المتساوي والشامل للمرأة في نظم صنع القرار"، في وقت يشهد تمثيل المرأة تمثيلاً ناقصاً على جميع مستويات صنع القرار في جميع أنحاء العالم، على الرغم من الإطار المعياري القائم، ويعد تحقيق التكافؤ بين الجنسين في صنع القرار أمراً بعيد المنال، بحسب اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة.

ونظمت هذه المشاورة الإقليمية للدول العربية، التي تكشف "جسور بوست" مضامينها في هذا التقرير، من قِبل اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، بدعم من المفوضية السامية لحقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، يومي 15 و16 أبريل الجاري في أحد فنادق القاهرة، وعرفت مشاركة متدخلين من عدد من الدول العربية وغير العربية، ومن خلفيات مختلفة، من بينها المجتمع المدني، والحقلين الأكاديمي والدبلوماسي، ومسؤولين إقليميين وأمميين، الذين اجتمعوا في إطار إعداد التوصية العامة رقم 40 لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشأن التمثيل المتساوي والشامل للمرأة في نظم صنع القرار، التي ستصدر أكتوبر المقبل، وتكشف "جسور بوست" مضمونها العام وأهدافها في هذا التقرير.

توصية عامة جديدة

تعد مشاركة المرأة وقيادتها على قدم المساواة في أنظمة صنع القرار، بما في ذلك في الحياة السياسية، والعامة، والقطاع الاقتصادي، أمرين ضروريين لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، ولضمان تنفيذ حق المرأة المتساوي في المشاركة بموجب الاتفاقية، شرعت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في وضع توصية عامة جديدة (التوصية العامة رقم 40)، والتي من شأنها أن تدعم الإطار المعياري القائم، وتساعد على توضيح التزامات الأطراف بموجب الاتفاقية، مع تحديد التدابير اللازمة لتحدي الوضع الراهن وفقاً لذلك، وإحداث نقلة نوعية لتنمية عقلية التكافؤ، وتحقيق التكافؤ والحفاظ عليه، وفق ما جاء في الجانب الخاص بالخلفية والأهداف في وثيقة جدول أعمال "المشاورة الإقليمية للدول العربية بشأن إعداد التوصية العامة رقم 40 لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشأن التمثيل المتساوي والشامل للمرأة في نظم صنع القرار"، التي توصلت "جسور بوست" بنسخة منها.

وتنظم اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، بدعم من المفوضية السامية لحقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، اجتماعات إقليمية لتيسير تبادل المعارف والأفكار والممارسات الجيدة، والمساعدة في تحديد حلول مبتكرة وتحويلية، لمعالجة نقص تمثيل المرأة في عملية صنع القرار.

وتهدف المشاورات الإقليمية إلى توفير منتدى تفاعلي لمنظمات المجتمع المدني، ووكالات الأمم المتحدة، والخبراء الآخرين، لإثراء مسودة نص المعيار 40 من القواعد العامة (المسودة الأولية المنشورة في فبراير 2024)، وضمان استجابتها لأولويات واحتياجات كل منطقة، في ما يتعلق بالتغلب على التحديات، وتمهيد الطريق لتمثيل المرأة المتساوي والشامل في أنظمة صنع القرار والحفاظ عليه، ويشارك المشاركون في سلسلة من المناقشات المدارة بهدف النهوض بالتوصيات الخاصة بكل منطقة.

%50 للرجال و50% للنساء

قالت مديرة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" المغربية، بشرى عبدو، التي شاركت في أشغال "المشاورة الإقليمية للدول العربية بشأن إعداد التوصية العامة رقم 40 لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشأن التمثيل المتساوي والشامل للمرأة في نظم صنع القرار"، إن أهداف هذه المشاورة الإقليمية هي تحقيق المساواة بين الجنسين في السلطة ونُظُمِ صنع القرار بنسبة 50% للرجال و50% للنساء، والمساواة المتعددة الجوانب، وإشراك جميع النساء في نظم صنع القرار، والتحول الهيكلي لنظم صنع القرار المتساوية والشاملة، ومشاركة المجتمع المدني في نظم صنع القرار.

وأضافت “عبدو”، في حديث مع "جسور بوست"، أن هذا اللقاء كان من أجل تحديد كيفية التمثيلية المتساوية للنساء والرجال في صنع القرار السياسي والاقتصادي، وكذلك في الحياة العامة والخاصة، والوقوف على التحديات والمعوقات، التي تعوق الوصول إلى هذا المستوى من المساواة.

نقاش مستفيض ومهم

تابعت “عبدو” أن النقاش كان مستفيضاً، بحكم أن أغلب المتدخلات والمتدخلين كانوا من المجتمع المدني في الوطن العربي، وكذلك ذوو القرار في لجنة "سِيدَاوْ" (اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة) ولجنة الأمم المتحدة، الذين وقفوا جميعهم -بحسب عبدو- على التحديات والمشكلات التي تعوق الوصول إلى المساواة بين الجنسين في صنع القرار، ومشكل السلام والأمن الذي يعيق كذلك حضور النساء، اللائي يحضرن باعتبارهن شاهدات، ولسن قائدات من أجل تغيير الوضعيات السياسية.

وأردفت أنه على الرغم من أن هناك تمثيلية للنساء في البرلمانات الوطنية والمحلية، فإنهن غائبات في ما يتعلق بقوة الحضور في السلطة التقريرية، وأن عائق التمييز والعنف، سواء العنف السياسي أو جميع أشكال العنف الأخرى، يعيق كذلك الوصول إلى التمثيلية المتساوية.

وأفادت “عبدو” بأن هذا النقاش، الذي تم في إطار أشغال "المشاورة الإقليمية للدول العربية بشأن إعداد التوصية العامة رقم 40 لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشأن التمثيل المتساوي والشامل للمرأة في نظم صنع القرار"، مهم جدّاً، ويهدف إلى إغناء التوصية العامة رقم 40، التي ستصدر في بداية أو أواسط شهر أكتوبر المقبل.

لقاءات مستقبلية

أوضحت “عبدو”، أن هذا أول لقاء تم مع المجتمع المدني في الدول العربية بخصوص التوصية العامة رقم 40، وأن الأسابيع المقبلة ستشهد عدة لقاءات في أوروبا، وإفريقيا، وفي دول أخرى، بهدف التشاور وإغناء التوصية، من أجل عرضها للموافقة والاعتماد، لتكون جاهزة في أكتوبر، ويتم إلزام الدول بتطبيقها بشكل فوري، مبرزة أن دور المجتمع المدني هو الترافع عن هذه التوصية، والتحسيس والتوعية والتعريف بها، من أجل إيصالها لصناع القرار السياسي في البلدان.

حضور متنوع

قالت عبدو إن الحضور في أشغال هذه المشاورة الإقليمية كان متنوعاً، إذ شمل، بحسبها، ممثلين عن المجتمع مدني، وأعضاء وعضوات فاعلين داخل لجنة "سيداو" على صعيد الأمم المتحدة، مبينة أن من بين الحاضرين كانت هناك رئيسة جمعية سيدات الأعمال المصريات، ورئيسة اللجنة التجارية لمجلس أعمال السوق المشتركة لشرق إفريقيا والجنوب الإفريقي، واستشارية التوصية رقم 40 من التوصيات العامة لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وعضوة لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، ورئيسة الفريق العامل المعني بالتوصية رقم 40 من التوصيات العامة للجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة.

وبخصوص الدول العربية، التي شاركت في أشغال هذه المشاورة الإقليمية، ذكرت عبدو دول مصر وفلسطين وتونس والمغرب ولبنان، موضحة أن التظاهرة لم تشهد حضور ممثلين عن جميع الدول العربية، نظراً لإلغاء بعض الرحلات، بسبب أحوال الطقس، والتطورات الإقليمية الأخيرة المتعلقة بالهجوم الإيراني على إسرائيل.

تمثيلية مهنية نسائية ضعيفة

لا تشكل النساء سوى 26.9% من أعضاء البرلمان، و35.5% من المسؤولين المنتخبين محليّاً، وترأس النساء 26 دولة فقط في العالم، ويشكلن 22.8% من الوزراء، ومثلت النساء 31% فقط من الإدارة العليا في القطاع الاقتصادي على الصعيد العالمي في عام 2021، وتركزن في المستويات الدنيا من التسلسل الهرمي للشركات، حيث شغلن 47% من مناصب موظفي الدعم، و23% فقط من المناصب التنفيذية، وفي النقابات العمالية تشكل النساء 42% من الأعضاء، لكنهن يشغلن 7% فقط من المناصب القيادية، وفق ما جاء في الجانب الخاص بالخلفية والأهداف في وثيقة جدول أعمال "المشاورة الإقليمية للدول العربية بشأن إعداد التوصية العامة رقم 40".

وأوردت الوثيقة أن تمثيل المرأة على قدم المساواة في الحياة السياسية والعامة وفي القطاعات الأخرى، تعوقه المعايير القديمة، والقوالب النمطية الجنسانية، والعنف القائم على نوع الجنس، والحواجز الهيكلية المستمرة، والافتقار إلى الإرادة السياسية بين القادة الرجال، لتحدي الوضع الراهن، وأن النساء اللاتي يواجهن أشكالاً متداخلة من التمييز يكن هن الأقل تمثيلاً.

وتوفر التوصية العامة رقم 40 لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بشأن التمثيل المتساوي والشامل للمرأة في نظم صنع القرار إرشادات للدول الأطراف بشأن التدابير التشريعية، والسياسية، والبرنامجية، وغيرها من التدابير ذات الصلة، لضمان تنفيذ التزاماتها في ما يتعلق بالتمثيل المتساوي والشامل للمرأة مع الرجل في نظم صنع القرار، بحسب مسودة التوصية، التي توصلت "جسور بوست" بنسخة منها.

وأوضحت المسودة أن "التمثيل المتساوي والشامل" يعرَّف بأنه التكافؤ بين المرأة والرجل من حيث المساواة في الوصول إلى نظم صنع القرار والسلطة المتساوية فيها، مع مراعاة التنوع بين النساء على أساس العرق والانتماء العرقي، والدين، والإعاقة، والعمر، والطبقة الاجتماعية، والهجرة، والتوجه الجنسي والهوية الجنسية، من بين معايير أخرى، وأن التوصية العامة تعرِّف "نظم صنع القرار" لتشمل عملية صنع القرار، الذي يتم في المجالات السياسية، والعامة، والاقتصادية، والخاصة، وأنه لا يمكن تحقيق التكافؤ دون النظر في مجالات متعددة لصنع القرار، وكيفية تشكيلها وتفاعلها مع بعضها بعضاً، أو دون معالجة العقبات الكامنة، التي تمنع المرأة من الوصول إلى نظم صنع القرار على قدم المساواة مع الرجل.

 


 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية