لن تمنح كييف سوى "مهلة مؤقتة"

"الإيكونوميست": تأخر المساعدات الأمريكية لأوكرانيا علامة على مشكلات في التمويل المستقبلي

"الإيكونوميست": تأخر المساعدات الأمريكية لأوكرانيا علامة على مشكلات في التمويل المستقبلي

 

برمي سترة نجاة لرجل يغرق ستُحل مشكلة فورية، ولكن إذا كان تم ذلك على بعد أميال من الشاطئ والمياه شديدة البرودة، فهو لا يزال في خطر.. يعد هذا بشكل أو بآخر مثالاً حول كيف نفكر في أوكرانيا بعد أن وقع الرئيس جو بايدن على مشروع القانون الذي طال انتظاره في 24 أبريل، والذي سيخصص ما قيمته 61 مليار دولار من المساعدات العسكرية والمالية لمساعدتها على القتال ضد روسيا، فضلا عن توفير الأموال لإسرائيل وتايوان.

ووفقا لمجلة "الإيكونوميست"، لو لم تصل الأموال، كما بدا ممكناً خلال ستة أشهر من الجمود في الكونغرس، لواجهت أوكرانيا احتمال خسارة المزيد من أراضيها أمام هجوم روسي جديد متوقع في أوائل الصيف، ولكن من المؤسف أنه على الرغم من أن مبلغ 61 مليار دولار يبقي أوكرانيا على قدميها، فإنها تظل بعيدة عن الأمان.

ويعد النبأ الطيب بالنسبة لأوكرانيا هو أن الحزمة الأمريكية الأخيرة سوف تظهر قريباً على الخطوط الأمامية، فمنذ أن بدأت الأموال تتضاءل في الخريف، أصبح نقص الإمدادات الحيوية، وخاصة القذائف، أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، حيث تطلق روسيا خمس قذائف أو أكثر مقابل كل صاروخ ترسله أوكرانيا في الاتجاه الآخر.

ومع تخزين الذخائر بالفعل في القواعد الأمريكية في بولندا، سيتم الآن تخفيف هذا القيد، ومع وصول القذائف، ستجد روسيا أن الأمر الأكثر خطورة هو حشد الرجال والدبابات لشن هجمات جديدة، وسوف يستغرق إدخال الطائرات بدون طيار والصواريخ الاعتراضية التي تشتد الحاجة إليها إلى أوكرانيا وقتاً أطول، ولكن في نهاية المطاف لن تتمكن روسيا من السيطرة على السماء، وخاصة على الخطوط الأمامية.

ومع ذلك، فإن هذه الأخبار تشوبها بعض الحقائق المثيرة للقلق: أولاً، على الرغم من أن الحزمة الجديدة ستعزز القدرات الدفاعية لأوكرانيا، فإنها لا تكفي لمساعدتها على استعادة المزيد من الأراضي التي فقدتها لصالح روسيا، والتي تبلغ الآن نحو 18% من كتلة أراضيها (تم الاستيلاء على نصفها في عام 2014، ونصفها الآخر بعد غزو 2022).  

والدرس المستفاد من الهجوم المضاد الفاشل في الصيف الماضي، والذي كلف أوكرانيا غالياً من حيث الرجال والعتاد، هو أن الاستيلاء على الأراضي أمر بالغ الصعوبة، لقد جعلت الطائرات بدون طيار والأقمار الصناعية ساحة المعركة شفافة، ما رفع ضباب الحرب وجعل من السهل تدمير تجمعات الرجال والمدرعات، والآن يشكل الجمود المستمر أملاً أكثر واقعية بالنسبة لأوكرانيا.

ثانياً، تعتبر المعركة في الكونغرس من أجل إقرار مشروع القانون علامة على وجود مشكلات في المستقبل، ويطابق مبلغ الـ61 مليار دولار تقريبًا ما أنفقته أمريكا على أوكرانيا في الأشهر العشرين الأولى أو نحو ذلك من الحرب، وبعد ذلك نفد تمويلها، وبالتالي، قد يتم استخدام الأموال الجديدة بحلول الجزء الأخير من عام 2025، وحتى لو بقيت الأموال، بحلول ذلك الوقت قد يقرر الرئيس المنتخب حديثا دونالد ترامب عدم استخدامها، إذا أعيد انتخاب بايدن فسيتعين خوض المعركة المحبطة التي خاضتها للتو مرة أخرى في العام المقبل، وبالتالي فإن هذه الحزمة الأمريكية الأخيرة قد تكون الأخيرة. 

ولهذا السبب فمن الخطأ أن ينظر الزعماء الأوروبيون إلى المساعدات الأمريكية باعتبارها أكثر من مجرد مهلة مؤقتة.

ومن المرجح أن تستمر هذه الحرب لسنوات عديدة، منذ أن طردت أوكرانيا الروس عبر نهر الدنيبر في نوفمبر  2022، قبل 18 شهرا تقريبا، لم يتغير خط المواجهة إلا بالكاد، على الرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح، وقد يحثها حلفاء أوكرانيا على مقايضة الأرض بالأمن، ولكن من الصعب أن نرى اتفاقاً يمكن أن يرضي كلاً من أوكرانيا وروسيا، وفي مرحلة ما قد يستسلم أحد الطرفين، لكن لا توجد علامة على ذلك حتى الآن. 

إن هدف الغرب، عن حق، هو تحقيق الاستقرار والأمن والازدهار في أوكرانيا التي تقع داخل حدود يمكن الدفاع عنها، وتتقدم نحو عضوية الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.. إن مرارة الصراع في واشنطن تعني أن الزعماء الأوروبيين يدركون أنه سيتعين عليهم تحمل المزيد من العبء لتحقيق ذلك، وسيحتاجون إلى صناعة دفاعية أكبر.

ورغم أن أوروبا هي أكبر جهة مانحة للمساعدات المالية والإنسانية لأوكرانيا، فإن الإنفاق الأوروبي والأمريكي كان متساوياً تقريباً فيما يتصل بالمساعدات العسكرية. 

وبفضل شريان الحياة الأمريكي، أصبح لدى زعماء أوروبا المزيد من الوقت للتفكير في كيفية مساعدة أوكرانيا على الفوز، ومع ذلك، فإن حجم المهمة يعني أن عملهم ليس أقل إلحاحا.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية