"النورو" يضرب المملكة المتحدة.. تزايد مقلق للإصابات لأول مرة منذ 5 سنوات

"النورو" يضرب المملكة المتحدة.. تزايد مقلق للإصابات لأول مرة منذ 5 سنوات

في ظل أجواء قاسية، يجد سكان المملكة المتحدة أنفسهم أمام خطر صحي يهدد سلامتهم، وهذا الوقت يشهد موسمًا استثنائيًا لفيروس "النورو"، والذي يُعدّ الأكثر خطورة منذ 5 سنوات. 

وتشير الإحصائيات إلى أن حالات الإصابة بفيروس "النورو" ارتفعت بشكل كبير في المملكة المتحدة، حيث سجلت مستويات قياسية لم تُرصَد منذ عام 2019. 

ويؤكد هذا الارتفاع مخاوف الخبراء من موسم صعب يهدد صحة المواطنين، خاصةً مع ازدياد حالات الإصابة في شهر أبريل، وهو وقت عادةً ما يكون فيه انتشار الفيروس في أدنى مستوياته. 

ويُعدّ "النوروفيروس" من الفيروسات المُعدية التي تُسبب أعراضًا مزعجة مثل الإسهال والقيء والغثيان وآلام البطن والحمى، يمكن أن يصبح هذا الفيروس خطيرًا على بعض الفئات مثل الأطفال وكبار السن والمرضى المُصابين بضعف المناعة، إذ قد يؤدي إلى الجفاف الشديد والموت في بعض الحالات النادرة. 

يعتبر "النوروفيروس" أحد أكثر الفيروسات المعدية شيوعًا ويسبب سنويًا مئات الآلاف من حالات التسمم الغذائي في جميع أنحاء العالم، وانتقال الفيروس يكون سريعًا، خاصة في بيئات مغلقة مثل المدارس والمستشفيات ودور الرعاية، مما يجعله تحديًا كبيرًا للصحة العامة، ويمكن أن تؤدي الإصابة به إلى تعطيل الحياة اليومية بشكل كبير، حيث يضطر المصابون إلى البقاء في المنزل للتعافي ولمنع انتشار العدوى. 

وتُظهر بيانات الصحة العامة أن فيروسات المعدة مثل "النورو" تكلف النظام الصحي الكثير من الموارد كل عام، ومع تزايد الإصابات، يتعرض النظام الصحي لضغوط كبيرة، حيث تحتاج المستشفيات والمراكز الصحية إلى التعامل مع أعداد متزايدة من المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة مثل الجفاف، ما يستلزم تلقي العلاج الوريدي في بعض الحالات. 

حتى الآن، لا يوجد علاج محدد لهذا الفيروس، ويعتمد العلاج بشكل رئيسي على إدارة الأعراض والوقاية من الجفاف.

 يُعدّ "النورو" عدوًا صامتًا يهدد صحة المجتمع خاصةً في فصل الشتاء، ولكن باتخاذ الإجراءات الوقائية والوعي بمخاطره والتعامل معه بشكل صحيح، يمكننا الحد من انتشاره وحماية أنفسنا وعائلاتنا من مخاطره. 

تتطلب مواجهة هذا الفيروس تعاونًا جماعيًا من الأفراد والمؤسسات والحكومات لتعزيز الصحة العامة والحد من تأثيراته السلبية على المجتمع. 

يؤكد خبراء الصحة العامة أهمية دور المجتمع في مكافحة انتشار "النورو" من خلال اتباع الإرشادات الصحية والنظافة الشخصية، كما ينصحون بضرورة التطعيم ضد الفيروسات الأخرى الموسمية مثل الإنفلونزا، حيث يمكن أن يؤدي إصابة الجسم بفيروسين مختلفين إلى مضاعفات صحية خطيرة. 

في هذا السياق، أكد خبراء دور الإعلام وضرورة لعبه دورًا حيويًا في نشر الوعي حول الوقاية من الفيروسات المعدية وأهمية النظافة الشخصية، ويجب على الإعلام تقديم معلومات دقيقة ومحدثة عن الفيروس وطرق الوقاية منه لتوعية الجمهور بخطورة الفيروس وطرق تجنب الإصابة به. 

ذعر وطوارئ وإغلاق لـ المدارس في أمريكا بعد انتشار فيروس مُعدي - الأسبوع

تحذيرات من انتشاره

وحذّر أستاذ الأوبئة، إسلام عنان، من خطورة هذا الفيروس وأكد  أهمية اتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من انتشاره، وضرورة شرب الكثير من السوائل في حال الإصابة بالفيروس لمنع الجفاف، ونصح بعدم العودة إلى العمل أو المدرسة إلا بعد مرور 48 ساعة على توقف الأعراض لمنع نقل العدوى للآخرين. 

وأضاف عنان، في تصريحات لـ"جسور بوست"، المواد الهلامية الكحولية لا تقتل النوروفيروس، لذا لا يمكن الاعتماد عليها وحدها، وفي بعض الأحيان نشهد ظهور سلالات جديدة من فيروس النورو، والتي لا يتمتع الأشخاص بحصانة ضدها، وأضاف أن نحو 17 بالمئة من الحالات الحديثة كانت بسبب سلالة تسمى G.II.17 التي ظهرت مؤخرًا، وهذا قد يسهم في زيادة عدد الحالات عن المعتاد. 

وتابع أنه توجد لقاحات في الأفق، أحدها على وشك الإعلان عن نتائج تجربته في المرحلة الثالثة، ما قد يوفر الأدوات اللازمة لمنع هذه المشكلة أو على الأقل تقليلها في المستقبل القريب. 

واستطرد: تواجه المجتمعات الحديثة تحديات صحية متعددة، ويعتبر "النورو" أحد أبرز هذه التحديات خلال موسم الشتاء، ومن خلال اتخاذ الإجراءات الوقائية وتعزيز الوعي المجتمعي، يمكننا الحد من انتشار الفيروس وتقليل تأثيراته على الصحة العامة، تعزيز التعاون بين مختلف الجهات المعنية، بدءًا من الأفراد وصولًا إلى المؤسسات الصحية والحكومات، وهو السبيل الأمثل لمواجهة هذا التحدي الصحي وضمان سلامة المجتمع ككل. 

أستاذ علم انتشار الأوبئة: الموجة السادسة من فيروس كورونا ستكون الأخيرة -  أخبار مصر - الوطن

وأتم: يظل الحفاظ على صحة المجتمع مسؤولية جماعية تتطلب منا جميعًا التعاون والالتزام بالإرشادات الصحية. من خلال الوقاية والوعي، يمكننا تقليل تأثيرات الفيروس وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر، ما يسهم في بناء مجتمع صحي وآمن.

الوقاية خير من العلاج

وقال أستاذ علم الفيروسات والأوبئة، أيمن الشبيني، إن فيروس "النورو" هو أحد الفيروسات المعوية المسببة لأمراض الجهاز الهضمي، ويتسبب في ظهور أعراض مثل الإسهال والقيء والغثيان وآلام البطن والحمى، يمكن أن ينتقل هذا الفيروس بسهولة بين الأشخاص من خلال الطعام والماء الملوثين أو الاتصال المباشر مع المصابين، وللوقاية من فيروس "النورو" هناك عدة خطوات وإجراءات يمكن اتباعها للحد من انتشاره وحماية نفسك والآخرين، أولًا، غسل اليدين بانتظام وبشكل صحيح باستخدام الصابون والماء هو أحد أهم الإجراءات الوقائية، فيجب غسل اليدين بعد استخدام الحمام، وقبل تناول الطعام، وبعد التعامل مع أي شخص مصاب بالفيروس... وغسل اليدين يجب أن يستمر لمدة 20 ثانية على الأقل لضمان إزالة الفيروسات والجراثيم. 

وتابع الشبيني، في تصريحات لـ"جسور بوست": تنظيف الأسطح الملوثة بمواد مطهرة هو إجراء حيوي آخر، ويمكن للفيروس أن يعيش على الأسطح لعدة أيام، لذا من الضروري تنظيف وتطهير الأسطح المشتركة مثل مقابض الأبواب، والمغاسل، والطاولات باستخدام المطهرات المنزلية الفعالة، أيضًا ضرورة تجنب مشاركة الطعام والشراب مع الأشخاص المصابين بفيروس "النورو" أو من تظهر عليهم أعراض الإصابة، مع استخدام أدوات طعام شخصية وتجنب تناول الأطعمة التي لم يتم إعدادها في ظروف صحية جيدة. 

واستطرد: طهي الطعام بشكل جيد، خاصة المأكولات البحرية، يقلل من خطر الإصابة بالفيروس، كما يجب طهي الأطعمة بدرجة حرارة مناسبة لقتل أي فيروسات قد تكون موجودة، كما ينصح بغسل الفواكه والخضراوات جيدًا قبل تناولها للتخلص من أي ملوثات سطحية، وفي حالة الإصابة بفيروس “النورو” من الضروري البقاء في المنزل وعدم العودة إلى العمل أو المدرسة إلا بعد مرور 48 ساعة على توقف الأعراض، هذا يساعد في منع نقل العدوى للآخرين ويعطي الجسم الوقت الكافي للتعافي.

وأضاف: شرب الكثير من السوائل في حال الإصابة بالفيروس هو أيضًا مهم لمنع الجفاف الذي يمكن أن يكون خطرًا خاصة على الأطفال وكبار السن والمرضى المصابين بضعف المناعة، فالماء والعصائر والحساء خيارات جيدة للحفاظ على الترطيب. 

أستاذ علم الفيروسات بجامعة زويل: القيادة السياسية تولى اهتمامًا كبيرًا  بقطاع الصحة | فيديو | بوابة أخبار اليوم الإلكترونية

وأتم: عند اتباع هذه الإجراءات الوقائية، يمكن الحد بشكل كبير من انتشار فيروس "النورو" وحماية نفسك ومن حولك من هذا الفيروس المزعج، ومن المهم أن نكون واعين ومستعدين لاتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من الفيروسات بشكل عام، وخاصة في الفترات التي يكون فيها انتشار العدوى مرتفعًا.

دور الحكومات والمؤسسات الصحية

ويشكل فيروس "النورو" تهديدًا صحيًا كبيرًا، خاصة في فصول الشتاء عندما تزداد حالات الإصابة بشكل ملحوظ، ونظرًا لطبيعته شديدة العدوى وسرعة انتشاره فإن دور الحكومات والمؤسسات الصحية يصبح حيويًا في مكافحة هذا الفيروس والحد من تأثيره على الصحة العامة.

وفي هذا الصدد، قال رئيس مركز المناخ بوزارة الزراعة المصرية، محمد فهيم، إن الحكومات تتحمل مسؤولية كبيرة في مواجهة انتشار فيروس "النورو"، ومن أهم الأدوار التي تقوم بها هي تطوير سياسات صحية فعالة ومحدثة تعتمد على الأبحاث العلمية والتوصيات الصحية، ومن خلال إنشاء وتنفيذ بروتوكولات صحية صارمة يمكن للحكومات تحسين الاستجابة للأوبئة ومنع انتشار الفيروس بشكل أكثر فاعلية، على سبيل المثال يمكن للحكومات فرض قوانين صارمة بشأن النظافة في الأماكن العامة مثل المدارس، والمستشفيات، والمطاعم لضمان بيئات نظيفة وخالية من الفيروسات.

وتابع فهيم، في تصريحات لـ"جسور بوست": التوعية العامة هي إحدى الأدوات الأساسية التي تستخدمها الحكومات لمكافحة "النورو"، ومن خلال حملات التوعية العامة يمكن تثقيف المواطنين حول كيفية الوقاية من الفيروس، وأهمية غسل اليدين بانتظام، وكيفية التعامل مع الأطعمة بشكل صحيح لتجنب التلوث.. فاستخدام وسائل الإعلام المختلفة، بما في ذلك التلفزيون والراديو ووسائل التواصل الاجتماعي، يساعد في نشر المعلومات بسرعة وفاعلية إلى جمهور واسع.

وأضاف: المؤسسات الصحية تلعب دورًا محوريًا في مكافحة انتشار فيروس "النورو"، المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية هي الخط الأول في رصد الحالات وعلاج المصابين، هذه المؤسسات مسؤولة عن تقديم الرعاية الطبية اللازمة للمصابين وضمان عدم انتشار الفيروس داخل المنشآت الصحية.. وتطبيق إجراءات الوقاية والسيطرة على العدوى داخل المستشفيات، مثل استخدام معدات الحماية الشخصية وتطهير الأسطح بانتظام، يحد من انتقال الفيروس بين المرضى والعاملين في القطاع الصحي.

رئيس مركز معلومات المناخ بالزراعة: التغيرات المناخية باتت أكثر شراسة -  اليوم السابع

وأتم: إلى جانب الرعاية المباشرة، تشارك المؤسسات الصحية في جهود البحث والتطوير لإيجاد حلول طويلة الأمد لمكافحة فيروس "النورو"، والأبحاث الجارية لتطوير لقاحات فعالة وأدوية مضادة للفيروسات تمثل أملًا كبيرًا في المستقبل للحد من انتشار "النورو" وتقليل تأثيره على المجتمع. 

وأشار إلى أن الجامعات والمختبرات البحثية تتعاون مع الحكومات والشركات الدوائية لتسريع هذه الأبحاث وضمان وصولها إلى نتائج ملموسة، ومن الأمور المهمة أيضًا دور المؤسسات الصحية في جمع وتحليل البيانات الصحية من خلال مراقبة انتشار الفيروس.


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية