طوابير الخبز تتمدد.. أزمة جديدة تنكأ جراح اللبنانيين

طوابير الخبز تتمدد.. أزمة جديدة تنكأ جراح اللبنانيين
أزمة الخبز في لبنان

كاتب سياسي لـ«جسور بوست»: نحتاج إلى إستراتيجية إصلاحية وإنقاذية عاجلة قبل أن يصبح لبنان على مشارف سيناريوهات أكثر سوءاً

شهدت المخابز والأفران في لبنان، مناوشات واشتباكات بين المواطنين، بسبب نقص الطحين على وقع اضطراب الأسواق العالمية نتيجة الحرب الروسية- الأوكرانية.

وتداولت الصحف والمواقع الإخبارية اللبنانية، صورا ومقاطع مصورة لاصطفاف المواطنين في طوابير طويلة أمام الأفران لشراء الخبز، ما أدى إلى حدوث تدافع واشتباكات بالأيدي.

واقتحم عشرات اللبنانيين الأفران ببلدة تعلبايا الواقعة بمحافظة البقاع اللبنانية (غرب) بسبب نقص إنتاج الخبز وتفاقم أسعاره، وسط ضرب بالعصا وقذف بالحجارة بين المواطنين. 

وطالبت نقابات المخابز والأفران في لبنان، بضرورة تنظيم عمليات استيراد القمح وتوزيعها على المطاحن العاملة في البلاد بشكل عادل في ظل تفعيل الرقابة الحكومية على صناعة الخبز.

وذكرت النقابات، في بيانات منفصلة، أن توقف مخبز واحد عن العمل قد يؤثر على كميات الطحين (الخبز)، فيما قالت نقابة عمال المخابز في بيروت وجبل لبنان: "سيبقى رغيف الخبر خطاً أحمر وسيحرق كل مستغل ومحتكر وتاجر فاسد ومتلاعب به ووزنه وسعره عاجلا أم آجلا".

فيما أغلقت العديد من الأفران والمخابز أبوابها لعدم توافر الطحين (الدقيق)، وخشية وقوع مصادمات واشتباكات بين المواطنين أو اقتحام للأفران بسبب الفوضى والتدافع والزحام.

ودعت نقابات المخابز والأفران إلى تشديد الإجراءات الأمنية على المخابز العاملة، لمنع وقوع اشتباكات أو صدامات بين المحتشدين وأصحاب الأفران في البلاد.

وشهد الخبز ارتفاعاً لافتاً في الأسعار، وذكرت تقارير إعلامية محلية أن سعر ربطة الخبز بلغ 30 ألف ليرة (نحو 20 دولارا)، أيّ بزيادة 20 آلاف ليرة على السعر الذي حددته وزارة الاقتصاد اللبنانية.

وكان وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، قال في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إن بلاده نجحت في تمرير اتفاق مع البنك الدولي لخلق شبكة أمان اجتماعي وتأمين أموال لاستيراد القمح.

وأوضح سلام: "أزمة الطحين هي نتيجة سرقة المادة من البلد، الحكومة شكلت خلية أزمة، لتوزيع القمح والطّحين بشكل عادل، وبآليّة عمل مختلفة".

وتابع: "49 ألفَ طنِ من القمح سيدخل إلى لبنان نهاية الأسبوع لإنهاء مشهد الطّوابير، وسيتم ملاحقة كل من يريد اختلاق أزمة خبز في البلاد".

وقبل أشهر، حذر اتحاد نقابات المخابز والأفران في لبنان، من أزمة نقص خبز مرتقبة، نتيجة توقف العديد من المطاحن عن العمل، جراء عدم تسديد مصرف لبنان ثمن القمح.

إستراتيجية إنقاذية

بدوره، قال الإعلامي والكاتب السياسي اللبناني الدكتور أحمد الزعبي لـ"جسور بوست"، إن انفجار الأزمة الحياتية والاقتصادية والمالية في لبنان يعود بشكل أساسي على السياسيات الاقتصادية والتنموية الكارثية التي تم اعتمادها خلال العشرين عاما الماضية.

وأردف الزعبي قائلا: "الفشل الذريع في السياسات النقدية لتثبيت سعر صرف الدولار مقابل الليرة (العملة المحلية) أدى بالتبعية إلى تنامي سياسات النهب الممنهج وزيادة معدلات التضخم في البلاد".  

وأضاف: "لبنان يعد من أعلى نسب الفساد في العالم، ومن ثم فإن أزمة نقص الخبز والوقود والأدوية والسلع الغذائية وغيرها ليست سوى أعراض، لمرض عضال تمثل في سرقة ودائع المودعين من المصارف، وبيع السلع الغذائية المدعومة في السوق السوداء".

وذكر أن الفساد تحول في لبنان بفعل توالي السنوات وتراكم السياسات الخاطئة إلى نهج عام، إضافة إلى جشع التجار وغياب الرقابة الإدارية وسلطة الدولة، ما أدى إلى تردي الأوضاع المعيشية للبنانيين.

وأشار الزعبي إلى “تأثير النازحين السوريين الذين فاق عددهم الشعب اللبناني خلال العشرية الأخيرة على تفاقم حجم السيناريوهات القاتمة”، قائلا: "ملف النازحين السوريين لم يتم التعامل معه وفق سياسات منهجية في لبنان أسوة بالدول المجاورة".

وأكد الإعلامي والكاتب السياسي اللبناني أن بلاده "تحولت إلى مجتمع مأزوم يستجدي رغيف الخبز ولتر الوقود، يعيش انهيارا شاملا على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية".

واختتم الزعبي حديثه قائلا: "حل الأزمات اللبنانية بمجملها يتمثل في وضع إستراتيجية إصلاحية وإنقاذية عاجلة من خلال محاربة الفساد وحوار شفاف مع صندوق النقد الدولي ما لم يحدث ذلك سيكون لبنان على مشارف سيناريوهات أكثر سوءاً".   

ومنذ عامين، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار قدرتهم الشرائية.​​​​


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية