«الخطط الخضراء».. مطارات وطائرات عربية صديقة للبيئة

«الخطط الخضراء».. مطارات وطائرات عربية صديقة للبيئة

 

تعد قضايا البيئة من أهم التحديات التي تواجه صناعة الطيران، فعلى الرغم من أن قطاع الطيران المدني العالمي لا يتسبب إلّا في 2% فقط من إجمالي الانبعاثات الكربونية على كوكب الأرض، وبالرغم من جهود الشركات المصنعة للطائرات والمحركات لخفض هذه النسبة، إلا أن شركات الطيران مهددة بدفع تعويضات عن هذه النسبة الضئيلة.

 

وتبنت 170 دولة من مختلف أنحاء العالم اتفاق باريس عام 2015، والذي تضمن هدفاً أساسياً يتمثل في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، سعياً إلى تجنب ارتفاع متوسط درجات الحرارة على الكوكب مع نهاية القرن الـ21، بأكثر من 1.5 درجة مئوية، على ما كانت عليه في فترة ما قبل الثورة الصناعية.

 

ونتيجةً لهذا الاتفاق، اقترحت العديد من البلدان والمدن والشركات والمنظمات المختلفة سياساتٍ وخطط عمل طموحةً للتخفيف من الانبعاثات الحرارية، جاء في مقدمتها جهود الشركات المصنعة للطائرات والمحركات، وكذلك شركات تشغيل وتطوير المطارات والتي بدأت بالفعل الأبحاث على استخدام الوقود الحيوي والآثار البيئية في مجال الطيران المدني، والتي تنتج عن انبعاثات عادم محركات الطائرات وضوضاء الطائرات والمخلفات الناتجة عن خدمة الطائرات.

 

التجربة الإماراتية

وقال الرئيس التنفيذي للعمليات في طيران الإمارات، عادل الرضا: “لطالما حرصنا في طيران الإمارات على إطلاق مبادرات تساعد في الحد من حجم انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وقد قطعنا بالفعل خطوات هائلة في سبيل تعزيز كفاءة استهلاك الوقود والحفاظ عليه بالإضافة إلى تطوير نموذجنا التشغيلي عبر مختلف مجالات أعمالنا”.

 

ووقعت اليوم الثلاثاء، طيران الإمارات و”جنرال إلكتريك للطيران” مذكرة تفاهم لتطوير برنامج سيتيح لطائرة الإمارات بوينج 777-300ER، العاملة بمحركات GE90، إجراء رحلة تجريبية باستخدام وقود طيران مستدام بنسبة 100% (SAF) بحلول نهاية عام 2022.

 

ويترأس أحد خبراء الوقود لدى “جنرال إلكتريك” فريق عمل دولياً تنصب جهوده على تطوير مواصفات صناعية موحدة تدعم اعتماد استخدام وقود الطائرات المستدام بنسبة 100%، والذي لا يتطلب مزجه بأي من أنواع وقود الطائرات التقليدي.

 

ومن المتوقع أن توضح الرحلة التجريبية باستخدام وقود طيران مستدام بنسبة 100% والتي تعتبر ثمرة تعاون استثنائي بين طيران الإمارات و”جنرال إلكتريك للطيران”، كيف يمكن لاستخدام الطائرات التجارية ذات الجسم العريض التي تستخدم وقود الطائرات المصنوع من مصادر بديلة أن يقلل من الانبعاثات الكربونية عبر دورة عملها مقارنة بالوقود التقليدي دون نشوء أي عقبات تشغيلية.

 

وقال الرئيس التنفيذي للعمليات في طيران الإمارات: “ستدعم هذه الشراكة مع (جنرال إلكتريك للطيران) التقدم المحرز لتحقيق أهداف التزام مشترك لقطاع الطيران بالوصول إلى صافي انبعاثات صفري، ونتطلع قدماً لمواصلة هذا التعاون الوثيق، حيث ستشكل رحلة الطيران التجريبية في ضوء هذه الشراكة خطوة بالغة الأهمية نحو الحصول على اعتماد تشغيل رحلات طيران باستخدام وقود الطيران المستدام بنسبة 100%”.

 

وتسلمت طيران الإمارات أول طائرة A380 معززة بمحرك يعمل باستخدام وقود الطيران المستدام في ديسمبر 2020، وقامت بتخصيص 32 طناً من هذا الوقود لرحلاتها من ستوكهولم في وقت سابق من ذلك العام، بدعم من برنامج حوافز الوقود الحيوي في سويدافيا، كما بدأت الرحلات الجوية من أوسلو أيضاً في العمل باستخدام وقود الطيران المستدام بموجب سياسة التفويض باستخدام وقود الطائرات المستدام الصادرة عن الحكومة النرويجية.

 

وتواصل طيران الإمارات دعم المبادرات التي تسهم في تطوير إنتاج واستخدام الوقود الحيوي والمضي قدماً نحو قطاع طيران بانبعاثات صفرية، كما أنها عضو في اللجنة التوجيهية لتحالف الأجواء النظيفة للغد Steering Committee of the Clean Skies for Tomorrow، الذي أنشأه المنتدى الاقتصادي العالمي لتعزيز تطوير الوقود المستدام.

 

السعودية “الخضراء”

من جانبها جددت الهيئة العامة للطيران المدني في السعودية، اليوم الثلاثاء، التزامها بأهمية الاستدامة في قطاع الطيران كجزء من استراتيجيتها المعتمدة، حيث حددت خططاً لتحفيز الاستثمار في الطائرات الرائدة عالمياً ذات الكفاءة العالية.

 

وذكرت الهيئة في جلسة نقاشية حول استدامة الطيران في معرض دبي للطيران، أن إستراتيجية قطاع الطيران المدني ستشهد فرصا استثمارية مليارية ضخمة للقطاع الخاص بحلول عام 2030.

 

وأكد مدير عام الإستراتيجية في الهيئة العامة للطيران المدني المهندس محمد الخريصي، في كلمته بالمؤتمر، عزم الهيئة لتبني مجموعة من المبادرات والبرامج التي تضمن عمليات تشغيلية صديقة للبيئة.

 

وقال إن من هذه البرامج، التشغيل الكامل لبعض المطارات بالطاقة المتجددة، وتحسين مسارات الطيران وإجراءات التشغيل والحركة الأرضية، وتنفيذ خطة تعويض الكربون وخفضه في الطيران الدولي (CORSIA) وإعادة تشكيل الأجواء بالمملكة بشكلٍ يضمن أعلى مستويات الكفاءة والفعالية، بحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”.

 

مطارات مصرية

وعلى الصعيد نفسه، حصل مطار الغردقة الدولي، نوفمبر الجاري، على شهادة الأيزو (2015 (ISO 14001 في الإدارة البيئية، وهو الاعتماد الخاص بمطابقة إجراءات التشغيل وإدارة العمل داخل المطار للمعايير البيئية، وهي معايير محددة من جانب الجهات الدولية بهدف نشر ممارسات إدارية وتشغيلية مطابقة بيئياً لأجل الحفاظ على سلامة النظام البيئي المحيط.

 

وأكد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية، المهندس محمد سعيد محروس، على أن الاهتمام بالممارسات البيئية السليمة للمطارات المصرية يأتي ضمن توجه الدولة ورؤية وزارة الطيران المدني على المستوى البعيد لتحسين جودة وكفاءة الإدارة والتشغيل المستدام بالمطارات.

 

وكانت شركة SGS المشرفة على منح هذا الاعتماد قد قامت بعمليات المراجعة للمطابقة البيئية لمطار الغردقة الدولي، وانتهت باعتماد المطابقة البيئية لكل أرجاء المطار، وبذلك يعد مطار الغردقة الدولي هو أول مطار مصري يحصل على (أيزو) المطابقة البيئية للمطار بالكامل.

 

وفي إطار التحول للمطارات صديقة للبيئة، بدأت وزارة الطيران المدني في إنشاء مبنى جديد صديق للبيئة بمطار برج العرب بتكلفة 2.1 مليار جنيه بتمويل من وكالة التعاون الدولي اليابانية “الجايكا”، والذي يعتمد أساسا على تقليل الانبعاثات الكربونية وتوليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية.

 

وتم توقيع بروتوكول مع فرنسا قدمت بموجبه منحة غير مشروطة لوزارة الطيران المدني لإجراء دراسات لاستخدام الطاقة الشمسية بالمطارات المصرية، خاصة أن مصر واحدة من أكثر البلدان المشمسة في العالم، مما يساعد في تطبيق مثل هذه المشروعات.

 

مطار البحرين

وفي البحرين، وقع رئيس هيئة الطاقة المستدامة الدكتور عبدالحسين بن علي ميرزا، و الرئيس التنفيذي لشركة مطار البحرين محمد يوسف البنفلاح، على اتفاقية تعاون مشترك بين هيئة الطاقة المستدامة والشركة.

 

يأتي ذلك في إطار تكامل الجهود الوطنية والتعاون بين القطاع العام والخاص لتشجيع الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة وحلول وتقنيات تحسين كفاءة الطاقة، وتعزيز إسهام مختلف القطاعات الحيوية والأساسية في المملكة في خفض البصمة الكربونية لها، وصولاً إلى الأهداف الوطنية المعلنة للحياد الصفري للكربون بحلول 2060.

 

وتهدف مذكرة التفاهم إلى دعم تنفيذ مبادرات ومشاريع للطاقة المتجددة في مطار البحرين الدولي، وتشمل كذلك مبادرات لتبني حلول وتقنيات تحسين كفاءة الطاقة الحديثة والمثبتة، وذلك بما يسهم في خفض البصمة الكربونية لمباني ومنشآت مطار البحرين الدولي ويحسن كفاءة استهلاك الطاقة فيها.

 

ويتيح ذلك الفرصة لشركة مطار البحرين الاستفادة من الخبرات الفريدة للهيئة في هذه المجالات، وستوفر فرص للتغلب على محدودية المساحة وستسهم في تشجيع الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة في قطاع النقل الجوي.

 

وقال البنفلاح، إن مبنى المسافرين الجديد في المطار تم تصميمه وإنشاؤه بطريقة تهدف إلى التقليل من استهلاك الطاقة من خلال استخدام مواصفات نموذجية البناء، ما كان له الأثر في الحصول على الشهادة الذهبية للريادة في مجال التصميم المراعي للبيئة والطاقة LEED من المجلس الأمريكي للمباني الخضراء، والتي تمثل أيقونة عالمية للإنجاز في مجال الاستدامة كما تمثل نظام التصنيف الأشهر في العالم للمباني الخضراء.

 

وأفادت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) في وقت سابق بأن التباطؤ الصناعي جراء الجائحة (COVID-19) لم يحد من المستويات القياسية لغازات الاحتباس الحراري التي تحتجز الحرارة في الغلاف الجوي، ما يرفع درجات الحرارة ويدفع إلى مزيد من ظواهر الطقس المتطرفة، وذوبان الجليد، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتحمض المحيطات، فيما زادت التوجهات الدولية نحو استخدامات الطاقة المستدامة لتقليل التلوث.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية