تقرير: لندن غير مهيّأة للتعامل مع تغير المناخ والتداعيات ستكون كارثية

تقرير: لندن غير مهيّأة للتعامل مع تغير المناخ والتداعيات ستكون كارثية

أفاد تقرير جديد صدر بتكليف من عمدة العاصمة البريطانية لندن صادق خان، بأن تداعيات تغير المناخ في لندن ستكون كارثية، نظرًا إلى أن المدينة غير مهيّأة للتعامل مع ظروف الطقس القاسية التي قد يسبّبها تغير المناخ.

وبحسب صحيفة "ذا لندن إيفنينغ ستاندرد" البريطانية ستؤدي موجات الحر والحرائق والأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة وارتفاع مستوى سطح البحر إلى زيادة المخاطر على صحة السكان والمنازل والشركات في غياب تدابير التكيف المناسبة، وفقًا لما أوردته منصة الطاقة المتخصصة.

وبدأت تداعيات تغير المناخ بلندن تؤثر في ملايين السكان، وامتد الأمر إلى جميع أنحاء المملكة المتحدة، مع استمرار بعض الاحترار، حتى لو انخفضت انبعاثات غازات الدفيئة إلى الصفر بين عشية وضحاها.

وتحدث مؤلفو التقرير برئاسة الرئيسة السابقة لوكالة البيئة البريطانية، إيما هوارد بويد، إلى هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وهيئة النقل وفرقة إطفاء لندن، وشرطة المدينة، والمستشارين، والسياسيين، والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى ممثلي الفئات الضعيفة، والمؤسسات الرياضية والثقافية، وقطاع الخدمات المالية.

ووجد المؤلفون أن هناك "خطرًا فتاكًا" على سكان لندن، خصوصًا الأُسر ذات الدخل المنخفض والأشخاص الذين يعانون حالات مرضية.

وأشاروا إلى افتقار الحكومة المركزية إلى إستراتيجية بشأن طريقة تكييف المجتمع لتجنّب التهديدات المقبلة.

تشريع مقترح بشأن تغير المناخ 

وفي عام 2022، شهدت العاصمة 40 درجة مئوية لأول مرة، مع وفاة المئات بسبب الحرارة طوال فصل الصيف، في حين أُلغيت العمليات في مستشفيات غايز في منطقة سانت توماس، بسبب تعطل أنظمة تكنولوجيا المعلومات.

وأدى الدمار غير المسبوق الناجم عن حرائق الأعشاب إلى انهيار ما يقرب من 20 منزلًا في أكثر الأيام سخونة في البلاد على الإطلاق، عندما تلقت فرقة إطفاء لندن مكالمات أكثر من أي وقت آخر منذ الحرب العالمية الثانية.

ارتفاع استهلاك المياه

ارتفع استهلاك المياه بنسبة 50% خلال موجة الحرارة القياسية، بحسب شركة تايمز ووتر Thames Water، المسؤولة عن إمدادات المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي في معظم أنحاء لندن الكبرى، ووصلت مخزوناتها إلى أدنى مستوياتها منذ 30 عامًا.

ومن المتوقع أن يفوق الطلب على المياه، خصوصًا في الجنوب الشرقي، العرض خلال الأعوام الـ15 المقبلة، إذا لم يُتخذ إجراء جذري، وذكر التقرير أن التكلفة التي ستتحملها لندن قد تصل إلى 500 مليون جنيه إسترليني (634.37 مليون دولار) يوميًا.

مواجهة تداعيات تغير المناخ

قالت الرئيسة السابقة لوكالة البيئة البريطانية، إيما هوارد بويد: "لندن لديها العديد من الخطط والبرامج الجيدة لمواجهة تداعيات تغير المناخ في لندن، ولكن علينا أن ندرك أن سكان المدينة يواجهون الآن مخاطر فتاكة، وهناك حاجة إلى تغيير تدريجي".

وأضافت: "في غياب القيادة الوطنية، سيكون للحكومة الإقليمية دور أكثر أهمية لتؤديه، ونحن بحاجة إلى السرعة وليس الكمال"، بحسب صحيفة ذا لندن إيفنينغ ستاندرد.

وأوضحت: "لقد حان الوقت للمملكة المتحدة، بقيادة مدنها ومناطقها، لاتخاذ الإجراءات اللازمة وإعطاء الأولوية للتكيف".

وأكدت أن "هذه فرصة لجعل اقتصاد المملكة المتحدة أكثر مرونة في مواجهة تغير المناخ، ولحماية الفئات الأكثر ضعفًا، وللحفاظ على كل ما نحبه في لندن وإظهار القيادة للمدن الأخرى على الصعيديْن الوطني والعالمي".

وتشمل توصيات مواجهة تداعيات تغير المناخ في لندن إجراء تدريبات متعددة الوكالات، لاختبار مدى استعداد المدينة للحرارة الشديدة، وتحسين المنازل لحمايتها من الحرارة الشديدة والفيضانات، وتوفير المزيد من الأموال والقوة للمجالس المحلية.

ويُضاف إلى ذلك تعزيز الدفاعات ضد الفيضانات إلى الغرب من حاجز نهر التايمز قبل عام 2050، وبناء أنظمة صرف صحي أكثر استدامة للتخفيف من الفيضانات المفاجئة.

من ناحيته، قال عمدة لندن، صادق خان: "أرحب بهذه التوصيات، واقترحت في موازنتي الأخيرة مبلغًا إضافيًا قدره 3 ملايين جنيه إسترليني (3.81 مليون دولار) لتسريع أعمال التكيف مع المناخ في لندن".

وأردف: "سوف ننظر في طريقة تنفيذ التوصيات التي حُدّدت حتى الآن ونحث الآخرين، خصوصًا الحكومة، على أن يفعلوا الشيء نفسه".

وأكد "أن فريق (شراكة لندن للصمود) سيُجري تمرينًا في وقت لاحق من هذا العام، لاختبار مدى استعداد لندن لمواجهة موجة حرارة شديدة".

وأضاف أن "برنامج التمويل الأخضر سيبدأ العمل للنظر في طريقة تمويل التكيف، بما في ذلك الحلول القائمة على الطبيعة، وسيجري تسريعها في عام 2024".

التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية  وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

اتفاق تاريخي

وفي ديسمبر 2023، تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري -بما يشمل الفحم والنفط والغاز- الذي يعد مسؤولاً عن الاحترار العالمي.

وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي عقد في دبي بالإمارات، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.

ودعا النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية