حرية الصحافة والحق في مستقبل مزدهر
حرية الصحافة والحق في مستقبل مزدهر
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ثلاثين عاماً أن يكون يوم 3 مايو هو اليوم العالمي لحرية الصحافة، وذلك بهدف تذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، وكما تذكر الأمم المتحدة في أدبياتها أنه "يوم للتأمل بين الإعلاميين حول قضايا حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة"، وأنها فرصة لـ:
* الاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة.
* تقييم حالة حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم.
* الدفاع عن وسائل الإعلام من الاعتداءات على استقلالها.
* نحيي الصحفيين الذين فقدوا أرواحهم في أداء واجباتهم.
هذا ما هو مدون ومعروف للجميع، ولكن على الرغم من مرور ثلاثة عقود على هذا الإعلان فإننا نلاحظ أن حرية الصحافة في تراجع وحياة الإعلاميين في خطر متزايد وخصوصاَ في مناطق الصراعات والنزاعات!
وهذا ما عبّر عنه بشكل واضح فولكر تورك المفوض السامي لحقوق الإنسان في كلمته عندما قائلاً: "فيما نحتفل بمرور 30 عاماً على اليوم العالمي لحرية الصحافة، نشهد في جميع أنحاء العالم إغلاقاً صارماً لتلك الحدود واتجاهاً مقلقاً وعدوانياً نحو قمع حرية التعبير".
وفي السنوات الأخيرة، وبالتحديد منذ احتفالنا بيوم حرية الصحافة في العام 2023 إلى اليوم، التراجع الذي شهدته حرية الصحافة كان مثيراً للقلق ويعتبر غير مسبوق في حريات الصحافة والإعلام، ليس في الدول العربية التي قتل فيها أكثر من 140 صحفياً وجرح وأصيب واعتقل العشرات، لكن أيضاً في الدول الغربية والديمقراطية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكذلك الولايات المتحدة تم قمع عمل الصحفيين وحبسهم وترهيبهم ومنعهم من المؤتمرات الصحفية!
وبلغ الأمر بأن صحيفة عريقة مثل نيويورك تايمز الأمريكية تقرر حجب ذكر اسم فلسطين أو الأراضي المحتلة أو لفظ إبادة، رغم اعتراف الأمم المتحدة بوجود أعمال إبادة في غزة، ومؤسسات أخرى تعتبر مجرد انتقاد أفعال الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين أنها "معاداة للسامية"!
الأمر الذي جعل الجمهور الغربي قبل الجمهور العربي يكتشف الانحياز الصارخ لكثير من وسائل الإعلام الغربية إلى إسرائيل مبتعدة عن المهنية والموضوعية التي تدعيها دائماً.
وكل ذلك أصبح يحدث في المؤسسات الإعلامية على الرغم من الوضع الخطير في غزة الذي أشارت إليه في كلمتها منذ أيام أيرين خان مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير عندما قالت: "إن الصراع في غزة هو الأكثر فتكاً وخطورة للصحفيين، حيث وصل عدد من قُتِل منهم أثناء الصراع هناك إلى نحو 140 وهو أعلى بكثير من أي رقم سجلته الأمم المتحدة في التاريخ الحديث أثناء النزاعات".
العالم أصبح بحاجة إلى وقفة حقيقية لإيقاف ما يواجهه الصحفيون من مخاطر وصعوبات في عملهم، فالصحافة ليست جريمة، ونقل الحقيقة حق من حقوق الإنسان التي لا يمكن التراجع أو التنازل عنها، لأن التنازل حينها يعني بكل بساطة أن نتنازل عن الحق في مستقبل آمن ومزدهر للأوطان وللأجيال المقبلة.