وزيرة البيئة المصرية: القارة الإفريقية الأكثر تضرراً من آثار تغير المناخ
وزيرة البيئة المصرية: القارة الإفريقية الأكثر تضرراً من آثار تغير المناخ
أكدت وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد أن القارة الإفريقية لم تسهم في تصدير أي انبعاثات كربونية ومع ذلك تعد الأكثر تضررًا من آثار تغير المناخ، مشيرة إلى أن هذه التأثيرات تعرقل بشكل مباشر جهود التنمية المستدامة في دول القارة.
وأضافت فؤاد، في تصريحات لقناة "إكسترا نيوز" الثلاثاء على هامش فعاليات منتدى تمويل المناخ المنعقد تحت عنوان "إفريقيا تنمو خضراء"، أن المنتدى يتضمن ثلاث جلسات رئيسية، تتناول الأولى منها دور شركاء التنمية ورجال الأعمال، بينما تركز الجلسة الثانية على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتخصص الجلسة الثالثة لسوق الكربون، وذلك بحضور نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزراء المالية والتخطيط والاستثمار، إلى جانب ممثلين عن المجتمع المدني والقطاع الخاص.
التمويل المطلوب
وأوضحت الوزيرة أن حجم التمويلات المتاحة حاليًا سواء من خلال المئة مليار دولار المقررة سابقًا أو الثلاثمئة مليار دولار المستهدفة بحلول عام 2035، لا تزال غير كافية لتلبية احتياجات الدول النامية في مواجهة آثار التغيرات المناخية، مشيرة إلى أن بعض التحديات المؤسسية داخل هذه الدول تعرقل قدرتها على الوصول إلى التمويل المطلوب.
وشددت فؤاد على أن المنتدى سيناقش أيضًا المناخ الداعم للاستثمار والإصلاحات الهيكلية التي نفذتها مصر، إلى جانب تنظيم الأطر المؤسسية والاقتصادية الكفيلة بخلق بيئة مواتية للتنمية المستدامة في مواجهة تغير المناخ، مع التركيز على دور القطاع الخاص في تعميم ونشر التكنولوجيا الحديثة في مجالات الطاقة المتجددة، والاستفادة من التقارير الدولية التي أظهرت نجاح مصر في تحقيق مستهدفاتها، خاصة في قطاع النقل، رغم التحديات الاقتصادية وغياب التمويل الخارجي الكافي.
وقالت الوزيرة إن المنتدى سيتطرق كذلك إلى دور البنوك المصرفية في إشراك القطاع الخاص بشكل فعال في تمويل مشروعات المناخ، بهدف تحقيق النتائج المرجوة ودفع عجلة التمويل الأخضر، موضحة أن مصر توجه من خلال المنتدى رسالة قوية إلى العالم مفادها أنها ما زالت تواصل التزامها بأهدافها المناخية والتنموية رغم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها.
وأضافت أن مصر تأمل في الحصول على تمويل لمجموعة من المبادرات البيئية التي تشمل استنباط أنواع جديدة من المحاصيل القادرة على تحمل درجات الحرارة المرتفعة، والاهتمام بصغار المزارعين، وترشيد استخدام المياه، إلى جانب تعزيز استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، واستكمال خطط النقل المستدام من خلال توفير وسائل مواصلات صديقة للبيئة وآمنة.
الأمن الغذائي والمائي
ولفتت وزيرة البيئة إلى أن قضيتي الأمن الغذائي والمائي تمثلان تحديًا كبيرًا يستوجب تنفيذ مشروعات ضخمة في قطاع التكيف مع تغير المناخ، من أجل ضمان توفير الغذاء لكل مواطن وتقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي.
وأضافت أن الدولة المصرية تمكنت على مدار السنوات العشر الماضية من تنفيذ مجموعة من المشروعات التنموية الخضراء، كما نجح قطاع الكهرباء في تحقيق تقدم ملحوظ رغم الحاجة إلى مزيد من التمويل لتطوير الشبكات، بينما تعمل وزارة البترول على خفض الغازات المنبعثة من الآبار، وحقق قطاع النقل خفضًا في الانبعاثات بنسبة 12% بحلول عام 2022، بما يعكس التزام مصر الجاد بالسير في طريق التحول نحو الاقتصاد الأخضر رغم التحديات.
تأثيرات تغير المناخ
تُعد إفريقيا من أكثر القارات عرضة لتأثيرات تغير المناخ، على الرغم من مساهمتها الضئيلة في الانبعاثات العالمية المسببة للاحترار العالمي، حيث لا تتجاوز مساهمتها نحو 4% من انبعاثات غازات الدفيئة. ومع ذلك، فإن تداعيات تغير المناخ على القارة شديدة وقاسية، وتهدد استقرارها البيئي والاقتصادي والاجتماعي.
تعاني دول إفريقيا من ارتفاع درجات الحرارة بمعدل أسرع من المتوسط العالمي، ما يؤدي إلى تفاقم موجات الجفاف والتصحر وتراجع معدلات هطول الأمطار وعدم انتظامها، وهو ما ينعكس مباشرة على قطاعات الزراعة والغذاء والمياه. ويعتمد أكثر من 60% من سكان القارة على الزراعة كمصدر أساسي للدخل والمعيشة، ما يجعل الأمن الغذائي مهددًا بصورة كبيرة، خاصة في ظل انخفاض إنتاج المحاصيل وتآكل الأراضي الصالحة للزراعة وارتفاع نسبة التلوث في الماء والهواء والتربة.
كما تواجه إفريقيا تحديات كبيرة في قطاع المياه، حيث يعيش ملايين السكان بالفعل في مناطق تعاني من شحّ المياه، ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع مع زيادة درجات الحرارة وذوبان الأنهار الجليدية وتراجع مصادر المياه الجوفية.
وتشير التقديرات إلى أن 118 مليون شخص من الفقراء في القارة قد يتعرضون لظروف مناخية قاسية مثل الفيضانات والجفاف وارتفاع درجات الحرارة بحلول عام 2030، ما لم تُتخذ إجراءات فاعلة للتكيف.
بالإضافة إلى ذلك، تُهدَد المدن الساحلية الإفريقية بارتفاع مستوى سطح البحر، مما يعرض ملايين السكان والبنية التحتية الحيوية لمخاطر الغمر والنزوح. وتشير دراسات حديثة إلى أن بعض المدن الكبرى مثل لاجوس ودار السلام والإسكندرية معرضة لخطر كبير بفعل ارتفاع منسوب البحر.
تؤدي هذه التحديات مجتمعة إلى تفاقم الفقر، وزيادة النزوح الداخلي، وتصاعد التوترات حول الموارد، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للتنمية والاستقرار السياسي والاجتماعي في عدد كبير من دول القارة.
وتعاني إفريقيا من ضعف البنية التحتية المناخية والمؤسساتية، ما يقلل من قدرتها على التكيف مع هذه التغيرات، في ظل فجوة كبيرة في التمويل المخصص للمناخ مقارنة باحتياجاتها الفعلية.
لهذه الأسباب، تطالب الدول الإفريقية بشكل دائم في المحافل الدولية بمزيد من التمويل العادل والمنصف للمناخ، ونقل التكنولوجيا، وبناء القدرات لمواجهة أزمة لم تكن هي المسؤولة عنها، لكنها تواجه أعباءها بشكل غير متكافئ.