تجاوز 3.3 تريليون يورو.. ارتفاع الدين العام الفرنسي إلى مستوى قياسي
تجاوز 3.3 تريليون يورو.. ارتفاع الدين العام الفرنسي إلى مستوى قياسي
سجّل الدين العام في فرنسا قفزة جديدة في نهاية الربع الأول من العام الجاري، متجاوزًا 3345.8 مليار يورو، وهو ما يعادل 114% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفق ما أعلنه المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (INSEE) اليوم الخميس، في بيان رسمي يعكس اتساع الفجوة المالية التي تعاني منها ثاني أكبر اقتصادات منطقة اليورو.
وأوضح المعهد الفرنسي أن الدين العام ارتفع بمقدار 40.5 مليار يورو مقارنة بنهاية عام 2024، حيث كان يبلغ حينها 3305.3 مليار يورو، أي ما يمثل 113.2% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب ملاا ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس.
وبهذا، تكون الزيادة في الربع الأول وحده قد بلغت 3.8 مليار يورو، ما يشير إلى وتيرة تصاعدية مقلقة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية المتراكمة.
أزمة تحت أنظار أوروبا
يأتي هذا التدهور المالي في وقت تعكف فيه الحكومة الفرنسية على إعداد ميزانية عام 2026 وسط خلافات سياسية حادة، خصوصًا مع أحزاب اليسار التي لوّحت بطرح حجب الثقة في البرلمان، احتجاجًا على فشل الحكومة في التوصل إلى اتفاق بشأن ملف إصلاح نظام المعاشات التقاعدية، وهو الملف الذي يشكّل محور جدل اجتماعي واسع منذ سنوات.
وتعاني فرنسا واحداً من أسوأ مستويات العجز في منطقة اليورو، بعد أن بلغ العجز العام في 2024 نحو 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى بين دول الاتحاد، متجاوزًا السقف الأوروبي المحدد بـ 3%.
وأكدت الحكومة الفرنسية، التي تتعرض لضغوط داخلية وخارجية متزايدة، أنها ستعمل على تقليص هذا العجز بشكل تدريجي ليصل إلى 5.4% في عام 2025، ثم إلى 4.6% في عام 2026، بهدف بلوغ النسبة المستهدفة أوروبياً دون 3% بحلول عام 2029.
لكنّ اقتصاديين ومراقبين يشكّكون في قدرة الحكومة على تحقيق هذه الأهداف في ظل استمرار النفقات العامة المرتفعة، خصوصًا في مجالات الدعم الاجتماعي والدفاع والصحة، إلى جانب تباطؤ النمو الاقتصادي الأوروبي وتأثير النزاعات الجيوسياسية على الأسواق وأسعار الطاقة.
أبعاد سياسية وانتقادات
يُضاف إلى ذلك أن الأزمة الاقتصادية بدأت تُلقي بظلالها على المشهد السياسي الداخلي الفرنسي، حيث اتهمت المعارضة اليسارية حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون بالفشل في ضبط الإنفاق، وتحميل الطبقة الوسطى والفقيرة كلفة الأزمة من خلال تقليص البرامج الاجتماعية، بدلاً عن فرض ضرائب إضافية على أصحاب الثروات الكبرى.
وتصاعدت التوترات تحت قبة البرلمان، بعد تهديد كتل برلمانية يسارية بتقديم مقترح لحجب الثقة، إذا مضت الحكومة قُدماً في تمرير الميزانية الجديدة دون ضمانات للعدالة الاجتماعية والشفافية في آليات خفض العجز.
وسط هذه المعطيات، تبدو المالية العامة الفرنسية في مواجهة تحدٍ مزدوج: احتواء الدين العام المتضخم من جهة، وتحقيق توافق سياسي كافٍ لتمرير خطط الإصلاح المالي من جهة أخرى، في وقت تتزايد فيه المطالب الشعبية بتوزيع عادل للأعباء وتدخّل حكومي فعّال للحد من الغلاء والبطالة.