من قلب الأمازون.. الأمم المتحدة تطلق كوب 30 برسالة حاسمة لإنقاذ الكوكب
من قلب الأمازون.. الأمم المتحدة تطلق كوب 30 برسالة حاسمة لإنقاذ الكوكب
افتتحت الأمم المتحدة الاثنين في مدينة بيليم البرازيلية أعمال مؤتمرها الثلاثين لتغير المناخ كوب 30 برسالة مباشرة إلى العالم: عصر التردد والتجزئة في مواجهة الأزمة المناخية قد انتهى، فقد أكد القادة والمفاوضون أن آثار تغير المناخ لم تعد احتمالاً مستقبلياً، بل واقع يضرب المجتمعات ويدمر الموارد، في حين لا تزال الحلول متاحة عبر التعاون الدولي والابتكار في مجالات الطاقة النظيفة.
وفي كلمته الافتتاحية، دعا سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الوفود المشاركة إلى تحويل الطموح إلى عمل حقيقي، قائلاً إن مهمة المؤتمر الأممي ليست الصراع السياسي، بل توحيد الجهود في مواجهة أزمة تهدد البشرية جمعاء، معتبراً أن التحول الاقتصادي نحو الطاقة النظيفة هو قصة النمو الكبرى في القرن الحادي والعشرين وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
تفاؤل حذر مع التزامات جديدة
انطلقت قمة المناخ وسط أجواء من التفاؤل الحذر، بعد إعلان أكثر من مئة دولة خططاً وطنية جديدة للحد من الانبعاثات، ما يرفع عدد الدول الملتزمة إلى 113 دولة تمثل نحو سبعين في المئة من الانبعاثات العالمية، وأظهرت تقديرات أولية أن هذه الخطط يمكن أن تخفض الانبعاثات بنسبة اثنتي عشرة في المئة بحلول عام 2035 مقارنة بمستويات عام 2019.
لولا دا سيلفا يدعو إلى خارطة طريق للبشرية
وفي خطاب مؤثر، شدد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على أن تغير المناخ لم يعد تهديداً للمستقبل، بل مأساة يعيشها الحاضر، واستشهد بعواصف وأعاصير ضربت بلاده ومنطقة الكاريبي دليلاً على خطورة الوضع، محذراً من تجاوز ارتفاع درجة الحرارة العالمية عتبة درجة ونصف مئوية، وهو حد يُعد حرجاً لبقاء النظم البيئية واستقرار الحياة على الأرض.
ودعا لولا إلى صياغة خارطة طريق للبشرية تقوم على إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري، ووقف إزالة الغابات، وتعبئة الموارد المالية لدعم الدول النامية في التحول نحو الطاقة النظيفة، كما أعلن عن تأسيس صندوق جديد لتمويل مشاريع الطاقة المستدامة بتمويل من عائدات النفط.
نتائج أولية ومبادرات للأمل
أوضح الرئيس البرازيلي أن قمة القادة التي سبقت افتتاح المؤتمر جمعت تعهدات مالية بلغت 5.5 مليار دولار لصندوق الغابات الاستوائية الدائمة الذي يهدف إلى مكافأة الدول على حماية الغابات المطيرة، وشملت الالتزامات أيضاً تعزيز حقوق الشعوب الأصلية في أراضيها، ومضاعفة إنتاج الوقود المستدام، ومواءمة السياسات المناخية مع جهود مكافحة الفقر والجوع والعنصرية البيئية.
وقال لولا إن انعقاد مؤتمر كوب 30 في قلب الأمازون يتيح للعالم رؤية الواقع عن قرب في أكثر مناطق الأرض تنوعاً بيولوجياً، موطناً لملايين البشر ومئات المجموعات الأصلية، آملاً أن "يلهم هدوء الغابة وضوح الرؤية لصنع قرارات أكثر حكمة".
دعوة للتنفيذ والعمل الجماعي
من جانبه، أكد سيمون ستيل أن الجهود الدولية بدأت تؤتي ثمارها، مشيراً إلى أن منحنى الانبعاثات العالمية بدأ بالانخفاض تدريجياً، لكنه شدد على أن الطريق ما زال طويلاً وأن الحل لا يمكن أن يكون وطنياً بل تعاوني شامل، وأوضح أن العالم لا يستطيع تحمل كلفة الكوارث المناخية التي تهدد الاقتصاد العالمي وتقلص الناتج المحلي لعدد من الدول.
ودعا ستيل إلى انتقال عادل بعيداً عن الوقود الأحفوري، ومضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة ثلاث مرات، وزيادة كفاءة الطاقة، وحشد أكثر من تريليون دولار سنوياً لدعم العمل المناخي في البلدان النامية، كما طالب بوضع إطار عالمي جديد للتكيف مع المناخ وتعزيز التكنولوجيا وبرامج الانتقال العادل.
مؤتمر للأمل والالتزام العلمي
وافتتح أندريه كوريا دو لاغو، رئيس مؤتمر الأطراف الثلاثين، جلسات المؤتمر رسمياً بعد أداء موسيقي تقليدي لشعوب الأمازون الأصلية، داعياً المندوبين إلى جعل هذا المؤتمر مؤتمراً للتنفيذ والتكيف والتكامل الاقتصادي، والأهم من ذلك مؤتمر يصغي إلى العلم ويؤمن بنتائجه، وأشاد بالدور المحوري للشعوب الأصلية بوصفهم الحراس الحقيقيين للغابات المطيرة وحماة التوازن البيئي.
تعد مؤتمرات الأمم المتحدة لتغير المناخ منصة عالمية سنوية تجمع قادة الدول والخبراء لوضع سياسات مشتركة لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، وقد بدأت هذه المؤتمرات منذ عام 1995 وأثمرت اتفاقيات محورية، أبرزها اتفاق باريس عام 2015 الذي ألزم الدول بخفض الانبعاثات ورفع مستوى التكيف مع آثار التغير المناخي، وتأتي قمة كوب 30 في مرحلة حساسة مع تصاعد الظواهر المناخية القاسية وازدياد الدعوات إلى تسريع الانتقال نحو الطاقة النظيفة وضمان العدالة المناخية للدول الفقيرة، في وقت يرى فيه كثيرون أن السنوات المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الكوكب.











