خبراء: المريض النفسي ليس بحاجة إلى تمييز ووصم جديدين باسم الدين

خبراء: المريض النفسي ليس بحاجة إلى تمييز ووصم جديدين باسم الدين

رغم كلّ ما يشهده عصرنا من تقدّم وتطور على صعيد العدالة الاجتماعية، والجهود المبذولة لتحقيق المساواة وتشجيع تقبّل الآخر، إلا أننا ما زلنا مع ذلك نرى تصرّفات مُهدِّدة وغير مريحة إزاء الأمراض النفسية والمريض النفسي، حيث تؤدي مثل هذه التصرفات إلى تشكيل وصمة عار وخلق العنصرية تجاه أولئك الذين يعانون من هذه الأمراض. 

آخر هذا الوصم، وصم جديد باسم الدين، وهو ما أدخل مواقع التواصل الاجتماعي في جدل كبير حول حقيقة علاقة المرض النفسي بـ"الحالة الإيمانية" للفرد، بعد حديث للدكتور حسام موافي، أستاذ الباطنة وطب الحالات الحرجة في كلية طب القصر العيني قال فيه إن "الشخص المتدين لا يُصاب بالأمراض النفسية"، واستدرك موضحًا أنه "من خلال الملاحظة تبيّن أن الشخص البعيد عن ربنا قريب من المرض النفسي، واللي قريب من ربنا بعيد عن المرض النفسي".

ووفقاً لمبادئ الأمم المتحدة، فإن الاكتئاب والقلق قبل جائحة كوفيد-19 كلفت الاقتصاد العالمي أكثر من تريليون دولار سنويا،  ويؤثر الاكتئاب على 264 مليون شخص في العالم، ويبدأ نحو نصف حالات الصحة العقلية في سن 14 عاما.

 ويمثل الانتحار ثاني سبب رئيسي للوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما.

المرض النفسي جيني ولا علاقة له بالدين

قال استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية، جمال فرويز "إن ما قاله الدكتور حسام غير صحيح علميًا، ولديَّ حالات تأثرت بما قاله وهو ليس بصحيح، فالمرض النفسي عضوي في المخ وجيني يأتي بنسب وليس للجميع، وهناك خريطة جينية معروفة لكل الأمراض، الأمراض النفسية تنشط في فترتين من العمر، فترة أن الطفل يكون حاملا للجين يأتي له مرض عضال في أول خمس سنوات من العمر وحينما يكبر يظهر مع المرض، أو في سن 15 إلى 25 يتعرض لأي ضغوط عاطفية مادية أو تعليمية أو أي نوع من الضغوط فيظهر على إثره المرض، إذا أتينا بهذا المؤثر "الضغوط" وعرضنا مئة فرد لنفس المؤثر سنجد أن 3 أفراد أصيبوا بأمراض نفسية وغيرهم لا، الذين مرضوا يحملون الجين العضوي".

وتابع الخبير النفسي: “ما يعني أن المرض النفسي عضوي يصيب المخ وأعراضه نفسية، فلدينا ما يسمى بالخلايا العصبية ولها مفاصل وما يربط هذه المفاصل ببعضها يسمى بالنواقل العصبية، تتسبب زيادتها أو نقصانها في ظهور المرض النفسي، هذه الأمراض بما أنها عضوية ليس لها علاقة بأنني متدين أم لا، على العكس تمامًا أكثر مرضى الوسواس القهري متدينون جدًا، مشكلتهم في الوضوء وعدد الركعات، إذاً فحينما أخبر أحدهم أن لديه قلة إيمان ماذا سيكون مصيره؟ "هيروح ينتحر”، لأن مشكلته الأساسية اهتمامه المرضي بالدين، لا علاقة لقلة الإيمان أو زيادته بالمرض النفسي، نحن نقول للمريض حينما يكون متدينًا يتقبل مرضه كنوع من السماحة مع المرض، حينما توجد قناعة بوجود المرض نتناول الأدوية ويحدث الشفاء وليس أكثر، فليست هي أساس العلاج وإنما هي جزء منه، نقول للمريض تقرب من الله وصلِ، العلاج دوائي، تغيرات كيميائية أقابلها بتغيرات كيميائية أخرى".

كلام له خطورته وقد يصل تأثيره إلى الإرهاب

قالت خبيرة علم الاجتماع، سارة الشاذلى:" إن انتشار المرض النفسي كبير وغير قاصر على فئة أو شريحة واحدة، وليس الجميع في مقدورهم مقاومة المرض أو الذهاب إلى طبيب، فتأتي هنا الحالة الروحانية من المريض نفسه كنوع من المقاومة بدون الذهاب إلى طبيب، ويمكن حدوث ذلك بمجرد فضفضة لقريب، ولكن ربط المرض النفسي بالإيمان هذا كلام فيه خلل وغير صحيح".

وعن خطورة ذلك أضافت: "نشر الشائعات المهولة والعائد على المجتمع بالكوارث، كفكرة الأعمال والأسحار التي يلجأ إليها البعض حتى المتعلمون، وحدث لدينا أن فتاة لم تكن ترغب في الصلاة فأخبروها أن هناك جانّاً مسيحياً يتلبسها يمنعها من الصلاة، هنا يفكر المريض أنه غير مؤمن ويرتكب محرمًا ويفكر في الانتحار، وأحيانًا يظهر استغلال يتسبب في مشكلات أخرى كأن يخبر الوالد ابنه أنه "أنت ومالك ملك لأبيك" كما يقول الدين ويستحل بذلك أمواله، فنجد أن الشاب هنا لا يستطيع الاستقلال أو الزواج وعيش حياته بشكل طبيعي، الاعتدال في كل شيء صحي، لأن الأمور هذه قد تصل إلى التطرف، حينما يستغل رغبة الشخص في التدين ويربط بينه وبين دخول الجنة حال التضحية بالنفس في حادث إرهابي، نعم للأمر خطورته".

رأي نقابة الأطباء المصرية

انتفضت نقابة الأطباء المصرية إثر نشر تصريح الدكتور حسام موافي، وحذَّر كثير من أعضائها من مثل تلك التصريحات مؤكدين عدم صحتها.

وعبر تصريحات إعلامية قال عضو مجلس النقابة العامة للأطباء والطبيب النفسي، الدكتور أحمد حسين: “إن من التأثير السلبي للتصريحات التي أدلى بها الدكتور حسام موافي، زيادة معاناة المرضى النفسيين خلال الفترة المقبلة”. 

"الكلام الذي يقوله الدكتور حسام غير صحيح ولم نتعلمه في الطب النفسي ولم نره، وهناك الكثير من الناس تذهب للمساجد أو الكنائس وتصاب بأمراض نفسية". 

وأوضح أن تأثير تلك التصريحات قد يضر بالكثير من المرضى النفسيين، ويروج لـ"فكرة الجدل والشعوذة"، مضيفًا: "المريض النفسي حين يقرأ أن أستاذاً كبيراً مثل الدكتور حسام موافي يقول إن المرض النفسي لا يصيب المؤمنين، بالتالي يعتقد أنه بعيد عن الله، وحتى الملتزمون دينيا ينظرون إلى مرضهم باعتباره وهما، ومن ثم فهذا يؤدي لزيادة أعراض المرض، وكذلك الوصمة من المرض النفسي". 

وشدد "حسين" على أن المرض النفسي "مرض عضوي" مثل السكر والضغط أو أي مرض آخر، ويجب أن يخضع المريض لمتخصص وفق برنامج علاجي. 

ثورة السوشيال ميديا

جدل واسع دار بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، حيث أيده فريق يرى أن الإيمان يحمي صاحبه من الإصابة بالأمراض النفسية، فيما رأى الفريق الآخر أن المرض النفسي لا يفرق بين مؤمن وغير مؤمن، وأن هناك أسبابًا علمية أخرى لا تتعلق بدين الشخص أو إيمانه للإصابة بالمرض النفسي من عدمه. 

من أصحاب الفريق المنحاز لرأى الدكتور "موافي" الدكتور جمال شعبان، استشاري القلب والأوعية الدموية، الذي وصف منتقدي "الرجل الذي تتلمذ على يده" حسبما قال بـ"ملحدين"، وقال: "ارفعوا أيديكم عن العلماء أيها الملحدون.. حسام موافي هو أستاذ الأمراض الباطنة الأول لأجيال عديدة، وليس درويشًا ولا متاجرًا بالدين، لكنه متأمل متدبر في كتاب الله"، وبعد ساعات أجرى "شعبان" تعديلًا على تدوينته كتبها على حسابه الرسمي على موقع "فيسبوك" ليستخدم كلمة "جاهلين" بدلًا من "ملحدين"، بعد اعتراضات كثيرة في التعليقات بسبب الوصف.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية