بيت العائلة الإبراهيمية صرح عالمي لغاية فريدة
بيت العائلة الإبراهيمية صرح عالمي لغاية فريدة
بقدر سمو الغاية كانت قوة التصميم وتفرده، وبعمارته الهندسية البديعة التي تتكون من 3 مكعبات، كان صرح البيت الإبراهيمي.. يستحضر تصميمه ملامح العمارة التقليدية الخاصة بالديانات الثلاث، ويُبرز في ذات الوقت عناصرها الجمالية والهندسية المتفردة.
ويحظى مشروع "بيت العائلة الإبراهيمية" التاريخي المنبثق من "وثيقة الأخوة الإنسانية"، بمتابعة من شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، وتشرف عليه اللجنة العليا للأخوة الإنسانية.
ويضم تصميم المشروع الذي نفذه المصمم العالمي ديفيد أدجاي مسجدا وكنيسة وكنيسا يهوديا، بما يبرز القيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية واليهودية، ويحفظ في ذات الوقت لكل دين خصوصيته، مقدما بذلك صرحا عالميا يجسد تواصل الحضارات الإنسانية والرسالات السماوية، ويعكس قيم الاحترام المتبادل والتفاهم بين أتباع الديانات السماوية الثلاث.
تصميم فريد بمشاركة عالمية
حرصًا على أن تكون مبادئ المشاركة والتعاون سائدة في كل ما يخص بيت العائلة الإبراهيمية، فقد تم إشراك أعضاء المجتمعات الدينية من جميع أنحاء العالم لتقديم رؤيتهم ومشورتهم بشأن مراحل التصميم في كل من المباني الثلاثة، وذلك لضمان اتساقها والتزامها بمتطلبات كل دين وتعاليمه.
وتوفر المباني الثلاثة مساحات تضفي مشاعر من السكينة والألفة على زوارها، سواء من خلال ملامحها المعمارية، وكذلك تفاصيلها الإنشائية المتفردة التي ستبرزها الواجهات، والمشاهد الخارجية والداخلية من أعمدة ونوافذ وأقبية تعكس الملامح المتفردة لكل دين من الأديان.
وكان فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقداسة بابا الفاتيكان قد وقعا في الرابع من فبراير من عام 2019 "وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك"، خلال لقائهما التاريخي الذي جمعهما في أبوظبي.
ومن هذا المنطلق، سترحب أماكن العبادة الثلاثة التي يتكون منها "بيت العائلة الإبراهيمية" بجميع الزوار الراغبين في العبادة والتعلم والتحاور، كما سينظم "بيت العائلة الإبراهيمية" مجموعة متنوعة من البرامج والفعاليات اليومية، واستضافة المؤتمرات والقمم الدولية، التي تبرز التعايش الإنساني.
صرح عظيم
وقال السير ديفيد أجايي، المؤسس ورئيس شركة "أجايي وشركاه": “يسعدني ويشرفني وقوع الاختيار على تصميمي لهذا الصرح المتميز، الذي سيضم 3 مبانٍ منفصلة، سيخصص كل مبنى على حدة منها لعبادة ديانة سماوية، في إطار مدخل منفصل من الحديقة الرئيسية للمجمع، إلى جانب مبنى رابع غير تابع لأي ديانة، سيكون بمثابة متحف ثقافي يجتمع فيه الإخوة في الإنسانية بمختلف انتماءاتهم، وسيوفر برامج تعليمية وفعاليات متنوعة، تهدف إلى تعزز التبادل والتعاون الثقافي والإنساني بين الأديان والإخوة في الإنسانية بمختلف انتماءاتهم”.
وقال في تصريحات إعلامية، “اؤمن بأن دور فن العمارة، هو إضفاء طابع متميز على العالم الذي نطمح أن نعيش فيه، وبما يعكس قيم التسامح والانفتاح والتطور المستمر، فالعمارة وفن تنسيق الأماكن، يمكن أن يكونا تجسيداً لمعالم المكان والمبادئ التي شيد من أجلها، وتحفيز سبل الحوار، ومساعدتنا في إعادة تقييم تصوراتنا الحالية بشأن العالم من حولنا، واستكشاف المميزات التي يمكن أن نجنيها بشكل أكثر دلالة”.
وأضاف: "بحكم خبرتي كمعماري، فإنني أتطلع إلى تصميم مبنى يسهم في التخلص من المفاهيم التي تغذي الخلافات المذهبية والدينية، بمعنى أن التصميم لا بد أن يتسم بالطابع الشمولي والعالمي، على نحو أكثر سمواً، يعزز ثراء الحياة الإنسانية، ونتطلع إلى وضع مخطط لهذا الصرح، يشتمل على عناصر جمالية، ويعزز التأمل لأصحاب الديانات الثلاث، ويحفز سبل الحوار والتفاهم، في الوقت الذي يعيش العالم هذه المرحلة الحرجة، وسوف يكون البيت المقرر إنشاؤه في أبوظبي، مفتوحاً للبشر من الديانات من جميع أنحاء العالم كافة، وطوائف المجتمع كافة للتعلم والتواصل، لتجمعهم رسالة مشتركة، وهي التعايش السلمي للأجيال المقبلة".
معلم حضاري عالمي
أجمع أعضاء اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، على أن اختيار هذا التصميم العصري لـ"بيت العائلة الإبراهيمية"، جاء وفق عملية دقيقة، أتيحت الفرصة خلالها لمشاركة معماريين معروفين حول العالم، تتنوع خلفياتهم ودياناتهم، ولفتوا إلى أن تصميم المعماري أجايي، اتسم بالتميز، حيث يضم أماكن عبادة منفصلة لكل ديانة، ومكاناً مشتركاً للتعاون، تقام فيه تجمعات غير رسمية، ولكونه تصميماً معاصراً، فهو سيعكس الهدف الذي تم وضعه لإنشاء مكان للأجيال المقبلة.
وشددوا في تصريحات إعلامية، على أن هذا المشروع الحضاري، سيكون بمثابة معلم حضاري عالمي، يهدف إلى إعلاء قيم التنوع والتفاهم والمحبة والتسامح، ويعطي في نفس الوقت للبشرية، محطة للتأمل والأمل، والاحتكام إلى العقل والإرث الإنساني للأمم والشعوب، مهما اختلفت وتعددت قناعاتها وأديانها وعقائدها.
وتضم اللجنة العليا للأخوة الإنسانية في عضويتها، كلاً من الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو غويكسوت رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان بالكرسي الرسولي، والدكتور محمد حسين المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر، والحاخام م. بروس لوستيج كبير الحاخامات في المجمع العبري بواشنطن، والمونسنيور يؤانس لحظي جيد السكرتير الشخصي لقداسة البابا، والقاضي محمد محمود عبدالسلام المستشار السابق لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ومحمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، والدكتور سلطان فيصل الرميثي، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، والكاتب ومقدم البرامج في دولة الإمارات ياسر حارب.
تصميم فريد لهدف نبيل
امتدح الكاتب الإماراتي، ناصر بكر الزعابي، فكرة بيت العائلة الإبراهيمي بقوله: “إن هذا البيت يقود نحو فكرة نبيلة وهدف سامٍ، وهو الأخوة الإنسانية التي حضت عليها الأديان السماوية الثلاثة”.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": “دائمًا ما تسعى دولة الإمارات إلى كل ما يدعم أواصر السلام والمحبة، ويأتي هذا لإيمانها الشديد بأننا إخوة، وأن أساس أي حضارة هي احترام الآخر والتعايش معه، وقد أفردت لذلك مباني هي رموز الديانات الثلاث -مسجد وكنيسة وكنيس- صممت جميعها بشكل فريد وكأن ثلاثتها اجتمعت لعزف سيمفونية السلام والوئام بين الشعوب على اختلافها”.
وأكد ناصر أن للأزهر الشريف فضل السبق في ذلك بنشره قيم الوسطية والمحبة بين أفراد العالم الإسلامي، وبدعمه وثيقة الأخوة الإنسانية، التي أعطت للوثيقة ثقة وقبولا لدى العالم الإسلامي كافة، وكذلك بابا الفاتيكان لدى العالم المسيحي أجمع.
الكون يتسع للجميع والتنوع مصدر للثراء
علق عضو البرلمان البحريني، علي زايد بقوله: "إن بيت العائلة الإبراهيمية، يعكس طبيعة دولة الإمارات، إذ تمثل قيمة التسامح رؤيتها للحاضر والمستقبل، فالإمارات دولة تحترم التعدد الديني والعرقي والمذهبي وتجرم التمييز والكراهية والعنصرية، حيث يعيش في الإمارات أكثر من 200 جنسية في سلام ويتمتعون بالمساواة".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": “توجد 76 دار عبادة لغير المسلمين، كما تبرعت الإمارات بأراضٍ لإقامة بعضها، وهذه الطبيعة التسامحية المتفردة أكدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بتصريحاته المتكررة عن التسامح والتعايش والأخوة، ومنها أن الكون يتسع للجميع، والتنوع مصدر للثراء، وليس سببًا للصراع أو الاقتتال، لقد خلقنا الله متنوعين، كي نتعارف ونتعاون من أجل الخير والسلام والنماء لنا جميعا، وهذه هي الرسالة التي تريد دولة الإمارات العربية المتحدة أن توجهها إلى العالم كله من خلال إعلائها رايةَ التسامح”.
واستطرد: "يُشكل بيت العائلة الإبراهيمية، مجتمعًا تتعزز فيه ممارسات تبادل الحوار والأفكار بين أتباع الديانات السماوية الثلاث، ويعد ترجمة لوثيقة الأخوة الإنسانية، خاصة بندها الذي يؤكد أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية".