لاعبو الكرة بين حق ممارسة معتقداتهم الدينية ودعم المثلية
لاعبو الكرة بين حق ممارسة معتقداتهم الدينية ودعم المثلية
بين صورته في الحرم المكي وصورة أخرى له يدعم خلالها المثلية الجنسية، لم يستوعب رواد التواصل الاجتماعي تصرف اللاعب المسلم أنطونيو روديغر، مما أثار انتقادات وغضب الجماهير.
الصورة الرسمية للمنتخب الألماني والذي يلعب معه روديغر، وضعت الأخير في مأزق بعد تداول صورته بين لاعبي الفريق الألماني الذين لجؤوا إلى تكميم أفواههم قبيل مباراتهم مع اليابان في افتتاح منافسات المجموعة الخامسة، احتجاجا على رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" السماح لهم بارتداء شارات لدعم المثليين.
حيرة رواد التواصل الاجتماعي جاءت وفقًا للخلفية الدينية المعروفة عن اللاعب، حيث يفتخر أنطونيو روديغر بإسلامه ودائمًا ما يقرأ القرآن قبل كل مباراة –بحسب تصريحات سابقة- كما شارك مع متابعيه صورته وهو يؤدي شعائر العمرة في مكة المكرمة وغيرها من الصور التي يفتخر فيها بإسلامه.
الأمر يطرح تساؤلات كثيرة، بينها هل تعرض اللاعب المسلم لضغوط، أم أن تصرفه جاء بمحض إرادة، وبشكل أوسع يناقش التقرير حق لاعبي كرة القدم في ممارسة معتقداتهم، وضرورة التزامهم بقواعد الفرق التي يلعبون لها.
غضب جماهيري
غضب كبير ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي كرد فعل على صورة روديغر الداعمة للمثلية الجنسية.
فعلق عثمان عبدالعزيز عبر صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك"، قائلا: "في نوعين من البشر نوع زي "ايدريسا غاي" ضحي بناديه أكبر وأضخم نادي في العالم فلوس و مكنش فارق معاه أي حاجة ف سبيل مبادئ دينه ومفارقش معاه عقوبات ولا أي حاجة وفي الآخر خسر النادي اللي كان فيه لكن كسب دينه وآخرته.
_وواحد تاني زي"انطونيو روديغر" بقى واحد منهم ودعم القضايا اللي بيدافعوا عنها بغض النظر عن دينه أيا كان السبب استبعاد من منتخب أو غيره، خليك دايما مع الطرف اليمين خليك دايما زي ادريسا حط دايما دينك قبل أي حاجة وسيبها لربنا وربنا هيكرمك بردو دنيا و آخره".
ورفعت ميساء نوحي صورة أنطونيو وهو في مسجد وأخرى وهو مع فريقه معلقة بتدوينة كتبت فيها:" أنطونيو روديجير لاعب ألماني (مسلم) من أصل سيراليوني.
الصورة الأولى بأحد المساجد بالإمارات العربية المتحدة بينما الصورة الثانية رفقة المنتخب الألماني وحركة تكميم الأفواه هذه احتجاجاً على عدم السماح لهم بحمل شارة قيادة تدعم المثلية، فأي إسلام هذا الذي يدعم المثلية يا روديجير؟".
القصة الكاملة
قبل تلك الصورة محل الجدل، أثيرت أزمة بين ألمانيا وقطر البلد المستضيف لبطولة كأس العالم 2022 بسبب دعم المثليين و"شارة الحب" التي كان ينوي قادة 7 منتخبات أوروبية ارتداءها في مباريات المونديال، لأن الألوان لا تتوافق مع علم قوس قزح الذي يستخدمه مجتمع الميم.
وكان من المفترض وعلى حسب ما نُشر أن مانويل نوير، قائد المنتخب الألماني وهاري كين، قائد منتخب إنجلترا، وهوجو لوريس، قائد المنتخب الفرنسي، سيرتدون الشارات البيضاء في مباريات مونديال قطر 2022 وستتضمن الشارة كلمة "وان لاف" حب واحد، وقلب به عدة ألوان.
وحينها نددت منظمة حقوق الإنسان وحملة الدفاع عن حقوق المثليين، بسبب قول سفير كأس العالم قطر 2022 واللاعب السابق، خالد سلمان، بأن المثلية الجنسية "حرام".
وعبرت المنظمة عن قلقها بشأن معاملة المثليين في قطر، إذ يعاقب القانون على إقامة علاقات جنسية بين أفراد من الجنس الواحد بعقوبات تترواح بين الغرامة المالية والإعدام.
ليرد القائمون على تنظيم نهائيات كأس العالم، ورفعوا شعار "مرحبًا بالجميع"، ولن يتعرض أحد للتمييز، ولكن المدير التنفيذي في لجنة تنظيم كأس العالم، ناصر الخاطر، قال إن الحكومة لن تغير قوانينها المتعلقة بالمثلية الجنسية، داعيًا الزائرين إلى "احترام ثقافتنا".
في ميزان القانون
وتعقيبًا، قال أستاذ القانون الدولي، رأفت فودة، إن ما فعله اللاعب جاء من باب حرية الرأي والتعبير والتضامن مع فريقه دعمًا لحرية إبداء الرأي لا دعمًا للمثلية، ولو طلب منه ارتداء الشارة وفعل حينها نقول بدعمه للمثلية.
وعن ما إذا كان من حق النادي إجبار لاعبيه على ارتداء شارات تخالف معتقداتهم قال، إن الانضمام لنادٍ رياضي، مثل الانضمام لنقابة أو حزب سياسي، وعلى الفريق الالتزام بآليات النادي حيث ينص عقد اللاعب على وجوب الاحترام الكُلي لقواعد النادي، ولا جدال في هذه النقطة لحصوله على مستحقاته كاملة.
وأضاف أستاذ القانون الدولي في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": هناك نقطة أخرى ألا وهي: هل من الممكن أن يلزم النادي اللاعب بأمر ضد مبادئه، على النادي مراعاة هوية كل لاعب ولا يجبر اللاعب على ما يعارض هويته مع ما يطلبه النادي، وهو أمر مفروغ منه، بدليل أن النادي تعاقد مع اللاعب ويعلم عنه تاريخه وهويته والمفروض احترام النادي لذلك، وليس من حق النادي إجبار لاعبيه على ما يخالف هويتهم الدينية والثقافية، وقانون الفيفا قائم على ذلك.
وأردف، هناك أمر ثالث فلا إجبار إذا ما كان النادي يدعم أمرًا مخالفًا لما يدين به، فعندما تسافر أي بلد لا بد من احترام قوانينها، ومن هنا منعت قطر دعم المثلية وفقًا لأن قوانينها تمنع ذلك، ولذلك التزمت الفيفا بالقانون القطري.
وفي تصريحات له قال سفير كأس العالم قطر 2022، خالد سلمان، إن المثلية الجنسية "تضر بالعقل"، وذلك في مقابلة مع قناة «ZDF» الألمانية، لافتًا في حديثه عن الأشخاص المثليين: "الأمر الأكثر أهمية، أن الجميع سيقبل بقدومهم، لكن عليهم أن يتقبلوا قوانين بلدنا".
من هو روديغر؟
رودريغر لاعب كرة قدم، ولد في برلين لأب ألماني اسمه ماتياس، وأم سيراليونية اسمها ليلي، نشأ في حي برلين نيوكولن وهو الأخ غير الشقيق للاعب سحر سينيسي.
كثيرًا ما تحدث روديغر عن العنصرية في كرة القدم، وعلى الأخص بعد مباراة ضد توتنهام هوتسبير في 24 فبراير 2020، وفي عام 2021 كتب مقالا لصحيفة "بلايرز تريبيون"، بعنوان: "هذه المقالة لن تحل العنصرية في كرة القدم"، وناقش تجاربه مع العنصرية طوال حياته ومسيرته المهنية، والطرق المحتملة لمحاربتها.
بدأ روديغر مسيرته المهنية في نادي شتوتغارت الألماني حيثُ بدأ مع الفريق الرديف في الدوري الألماني الدرجة الثالثة بالتناوب مع الفريق الأول في الدوري الألماني.
في عام 2015، انضم إلى نادي روما على سبيل الإعارة في البداية وبعد ذلك بعام تم شراءه بشكل دائم مقابل 9 مليون يورو.
وقع مع تشيلسي في عام 2017 مقابل 27 مليون جنيه إسترليني، وفاز بكأس الاتحاد الإنجليزي في موسمه الأول، تلاه الدوري الأوروبي في موسمه الثاني ودوري أبطال أوروبا عام 2021.
شارك لأول مرة دوليًا مع منتخب ألمانيا في مايو 2014، وغاب عن بطولة أمم أوروبا 2016 بسبب إصابة تعرض لها في موسمه السابق، ثم عاد مرة أخرى لقائمة المنتخب وفاز بكأس القارات 2017، وأُختير مرة أخرى للقائمة النهائية المشاركة في كأس العالم 2018، وشارك لاحقًا في بطولة أمم أوروبا 2020.