ساحل العاج تحتفل بمنح ميركل جائزة اليونسكو للسلام
ساحل العاج تحتفل بمنح ميركل جائزة اليونسكو للسلام
في احتفالية ذات رمزية عالية، تتسلم مساء اليوم الأربعاء، المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، في عاصمة ساحل العاج (كوت ديفوار) جائزة اليونسكو للسلام، تقديرا لجهودها خلال أزمة اللاجئين والترحيب بهم عام 2015.
تتسلم ميركل جائزة فليكس هوفويت بوانيي للسلام، التي تمنحها اليونسكو، في مبنى مؤسسة فليكس هوفويت بوانيي لأبحاث السلام والذي يرتفع نحو 30 مترا في سماء العاصمة، وفق شبكة دويتشة فيله الألمانية.
تزين واجهة المبنى صورة ضخمة بطول 20 مترا للمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، حيث تعود ميركل إلى ياموسوكرو التي تلقب نفسها بـ"عاصمة العالم للسلام" بعد عام من مغادرتها منصبها الرفيع في ألمانيا.
امرأة عظيمة
وبهذه المناسبة تملأ صور ميركل المدينة وأصبحت حديث الساعة، تقول مواطنة في ياموسوكرو: "قرأت في الصحيفة أنها ستتسلم جائرة فليكس هوفويت بوانيي للسلام.. إنها تستحقها لأنها امرأة عظيمة.. قامت بالكثير من الأعمال من أجل السلام".. وتضيف: "إنها حقا امرأة رائعة.. نتمنى أن نصبح مثلها".
الناس في شوارع المدينة متحمسون لزيارة ميركل، "لقد كانت فعلا شخصية قيادية، لقد أنجزت الكثير، ساهمت في قدوم المهاجرين إلى أوروبا وفتحت الباب للآلاف"، هكذا تقول سيدة أخرى وهي تثني على ميركل وإنجازاتها.
تركت درساً للتاريخ
لجنة التحكيم التي قررت منح الجائزة لميركل، تأثرت كلها بشجاعتها عام 2015 حين فتحت الباب أمام اللاجئين ورحبت بهم في ألمانيا.
وحينها قالت عبارتها المشهورة: "نستطيع إنجاز المهمة" في مؤتمر صحفي في برلين بتاريخ 31 أغسطس 2015، وقد حصلت على الكثير من الإعجاب والثناء والنقد في نفس الوقت لعبارتها تلك، وقد أرسلت بذلك إشارة إيجابية فيما يتعلق بسياسة اللجوء.
وقال دنيس موكويجي، رئيس لجنة التحكيم والحائز جائزة نوبل للسلام عام 2018، في باريس لدى الإعلان عن قرار اللجنة بمنحها الجائزة، إن لجنة التحكيم "برمتها" تأثرت بقرار أنغيلا ميركل "الشجاع في عام 2015 بإيواء أكثر من 1,2 مليون لاجئ من سوريا والعراق وأفغانستان وإريتريا".
وأضاف موكويجي أن ما فعلته ميركل هو "درس تركته للتاريخ".
وأشادت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي بدور ميركل، وقالت إن "السلام يتحقق بفتح الأبواب لهؤلاء الذين يعانون أيضا"، وقالت إن "قرار لجنة التحكيم يُذكر بأن إيواء المهاجرين واللاجئين هو مطلب محوري".
رمزية كبيرة
ومن خلال سياستها الترحيبية، انضمت ميركل إلى صف حاملي الجائزة اللامعين، والتي بدأت عام 1991 مع الجنوب إفريقيين نيلسون مانديلا وفريدريك دوكليرك.
وعادة ما يتم تسليم الجائزة للفائز بها في حفل يقام بمقر اليونسكو في باريس، التي ترعى الجائزة ومؤسسة فليكس هوفويت بوانيي المانحة للجائزة والتي تحمل اسم مؤسس دولة ساحل العاج ورئيسها الأول، لكن استلام ميركل الجائزة بمبنى المؤسسة في ساحل العاج له رمزية عالية.
كما يأتي ذلك أيضا بمناسبة احتفال المؤسسة هذا العام بالذكرى الخمسين لتأسيسها وبعد 30 عاما من وفاة بوانيي أول رئيس للبلاد والذي تحمل المؤسسة اسمه.
وتبلغ القيمة المالية للجائزة 150 ألف دولار، بالإضافة إلى ميدالية ذهبية وشهادة موقعة من الأمين العام لمنظمة اليونسكو.
ومن المقرر أن يحضر حفل منح الجائزة لأنغيلا ميركل مساء اليوم الأربعاء، عدد من رؤساء دول غربي إفريقيا.
أنغيلا دوروتيا ميركل هي سياسية ألمانية تولت زعامة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لمدة 18 سنة حتى عام 2018، شغلت منصب المستشارة الألمانية منذ عام 2005 وحتى عام 2021، وكانت أول مستشارة في تاريخ ألمانيا، وهي أيضا أول مواطنة من ألمانيا الشرقية تقود البلاد بعد الوحدة.
أطلقت وسائل الإعلام المختلفة حول العالم على “أنغيلا ميركل” العديد من الألقاب منها “المرأة الحديدية”، وذلك لمواقفها الصارمة ومنهجها العلمي الجاف مقارنة بالعمل السياسي التقليدي، كما يطلق عليها الألمان لقب “الأم”، لما يجدون فيها من عاطفة وتفاعل مع متطلباتهم الاجتماعية.
وصنفتها مجلة “فوربس” الأمريكية “أقوى امرأة في العالم” نظرا لبقائها في الحكم مدة طويلة، ولنجاحها الاقتصادي الباهر وصمود ألمانيا أمام الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أصابت أغلب دول أوروبا بالركود، وكادت تودي بأخرى إلى الإفلاس.
وفاجأت المستشارة الألمانية العالم عندما فتحت حدود بلادها لجميع اللاجئين في 2015 عندما اشتدت أزمة المهاجرين الهاربين من الحروب والمجاعة نحو أوروبا، ومقتل الآلاف منهم في البحر الأبيض المتوسط.
وواجهت أنغيلا ميركل معارضة كبيرة في بلادها بعد دخول أكثر من مليون لاجئ ومهاجر إلى ألمانيا، وتراجعت شعبيتها في الانتخابات، لكنها تمسكت بموقفها من اللاجئين، وكان يتوقع أن تفوز بجائزة نوبل للسلام.