في إطار الدورة الـ52 للمجلس الدولي

تقرير أممي يناقش تأثير عدالة توزيع لقاحات كورونا على "حقوق الإنسان"

تقرير أممي يناقش تأثير عدالة توزيع لقاحات كورونا على "حقوق الإنسان"

دعا تقرير أممي الدول إلى استراتيجيات تلقيح مستدامة وقائمة على حقوق الإنسان، وزيادة الاستثمار في النظم الصحية من أجل توسيع التغطية الصحية الشاملة.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 27 فبراير حتى 4 إبريل 2023، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

واستعرض تقرير مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ضمانات حصول جميع البلدان على اللقاحات المضادة لفيروس كورونا على نحو منصف وبتكلفة ميسورة.

كما أوضح الآثار المترتبة في مجال حقوق الإنسان على لقاحات كورونا الجيدة والآمنة والفعالة، من حيث إتاحتها وتوسيعها بتكلفة معقولة وفي الوقت المناسب بشكل منصف أو على نطاق عالمي.

وأشار التقرير إلى التحديات الرئيسية القائمة المتعلقة بها، وأثر ذلك على حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية.

وقال إن "حصول الجميع على نحو منصف على اللقاحات والأدوية والعلاجات، أمر ضروري لعكس مسار أي جائحة ومن بين الدروس العديدة المستفادة من جائحة كورونا".

استراتيجيات تلقيح مستدامة

ودعا إلى وضع استراتيجيات تلقيح مستدامة وقائمة على حقوق الإنسان، وتعزيز التعاون الدولي والشراكات المبتكرة وأطر قانونية أقوى ترتكز على حقوق الإنسان، بغية ضمان التصدي للجائحة بفاعلية على الصعيد العالمي في المستقبل.

كما أكد التقرير أن العالم قد دفع ثمناً باهظا بسبب عدم ضمان حصول الجميع وبشكل منصف على لقاحات مرض فيروس كورونا، ما كانت له آثار سلبية خطيرة على التمتع بحق الإنسان وتعميق أوجه اللامساواة داخل الدول وفيما بينها.

واتسمت بداية جائحة كورونا بالتنافس على الإمدادات الشحيحة من اللقاحات، وما واكب ذلك من نزعة قومية لقاحية قصيرة النظر، وتكديس اللقاحات وحظر تصديرها على نحو يتجاهل الالتزامات الدولية.

وبما أن المعروض العالمي من لقاحات كورونا أصبح وفيراً الآن، حيث تتراوح القدرة التصنيعية السنوية بين 11 بليوناً و16 بليون جرعة، فإن كمية وافرة صارت متاحة للبلدان منخفضة الدخل.

أوجه تفاوت

ورغم أن 63 بالمئة من سكان العالم قد تلقوا مجموعة من اللقاحات الأولية، لا تزال هناك أوجه تفاوت كبيرة بين المناطق والفئات السكانية، ولا يزال خطر الطفرات الفيروسية مرتفعاً.

ولا تزال أوجه عدم اليقين قائمة فيما يتعلق بقوة ومدة المناعة المكتسبة من التلقيح، ولهذا سيكون الحفاظ على استجابة عالمية منسقة أمراً أساسياً من أجل إنهاء الجائحة.

وأكد التقرير أن الحصول على اللقاحات على نحو منصف وعادل وآمن وبتكلفة معقولة وفي الوقت المناسب وعلى النطاق العالمي، هو أحد محددات الحق في الصحة وهو ضروري لعكس مسار أي جائحة.

ولم تكن الوعود بالإنصاف في توفير اللقاحات كافية لمنع العديد من الوفيات الناجمة عن كورونا في البلدان منخفضة الدخل، فالتقديرات تشير إلى أنه كان بالإمكان منع ما يقرب من 600 ألف حالة وفاة على الصعيد العالمي لو أن جميع البلدان قد وصلت إلى نسبة 40 بالمئة من التغطية بمجموعة اللقاحات الأولية بحلول نهاية عام 2021، وهي غاية كان هناك ما يكفي من الإمدادات لتحقيقها لو جرى توزيع اللقاحات على نحو منصف، وقد أثَّر عدم ضمان الإنصاف في اللقاحات تأثيراً مباشراً على مجموعة من حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة والمساواة وعدم التمييز.

وأدى عدم الإنصاف في اللقاحات إلى تفاقم أوجه التفاوت الاقتصادية والاجتماعية القائمة وإضعاف التماسك الاجتماعي، كما أنه كشف عن فجوات خطيرة في فاعلية العمل متعدد الأطراف عندما كانت الحاجة إليه أشد ما تكون.

عدم التمييز والمساواة

وأوضح التقرير أن عدم التمييز والمساواة مبدآن أساسيان يجب أن ترتكز عليهما أي استراتيجية للتأهب لمواجهة الجائحة والتصدي لها وينبغي أن تكون لقاحات كورونا ميسورة التكلفة للجميع ومتاحة دون تمييز.

كما ينبغي تجنب النُهج الإقصائية التي تعزز أوجه اللامساواة القائمة، ويتطلب اتباع نهج متعدد الجوانب لحقوق الإنسان، يتسق مع مبدأ عدم التمييز ومراعاة هشاشة الفئات التي تكون بسبب العوامل المجتمعية أو الجغرافية أو الطبية الإحيائية الكامنة، عرضة لخطر مواجهة أعباء أكبر بسبب جائحة كورونا ومراعاة المخاطر التي تواجهها تلك الفئات واحتياجاتها.

وأشار التقرير إلى عدة بلدان لبدء نشر اللقاحات أو الاهتمام الخاص للسكان الذين يعتبرون أكثر عرضة للخطر وأولئك الذين يعيشون في حالات هشاشة أو تهميش مثل كبار السن والأشخاص ذوي الهمم والأشخاص من الأقليات والمهاجرين والشعوب الأصلية والأشخاص المحتجزين وأفراد مجتمع الميم الموسع.

وقال إنه "مع ذلك أدت أوجه عدم المساواة الهيكلية والتمييز إلى تفاوت مقلق في الحصول على لقاحات كورونا في العديد من الأماكن".

وقد تخلف الأشخاص المنتمون إلى الأقليات إلى حد بعيد عن الركب في تصميم الاستجابات الصحية للجائحة، كما أن معدلات التلقيح بين مجتمعات الأقليات أقل من غيرها ولم تُعطَ الأولوية للعمال المهاجرين في بعض المناطق في الحصول على التلقيح رغم ارتفاع خطر إصابتهم بفيروس كورونا نتيجة لظروفهم المعيشية.

ويواجه بعضهم خطر الاستبعاد من برامج التلقيح الوطنية على أساس وضعهم كمهاجرين غير نظاميين، وفي حين تم إحراز تقدم كبير في هذا الصدد لا يزال اللاجئون والنازحون الذين تستضيفهم البلدان النامية يواجهون حواجز في الحصول على لقاحات كورونا.

وأثبت التقرير أنه من العناصر الأساسية للمساواة في اللقاحات الحوكمة القائمة على حقوق الإنسان التي تتطلب الشفافية في وضع الاستراتيجيات والخطط الصحية الوطنية، بما في ذلك حملات التحصين.

وشددت عدة بلدان على أهمية وضع خطة واستراتيجيتين وطنيتين للتلقيح تحددان المخاطر ومختلف الفئات الهشة بين السكان، إلى جانب تقييم الاحتياجات بغرض تحديد توزيع اللقاحات، بما في ذلك على المستوى المحلي.

وقد أتاح الرصد والتقييم طوال عملية التلقيح الفرصة لتكييف حجم أفرقة التلقيح مع الاحتياجات المحلية المتغيرة، وأيضا لتنفيذ طرائق تلقيح جديدة وتحالفات استراتيجية مع قادة المجتمعات المحلية.

كما أكد التقرير أنه ينبغي تحديد أولوية تسليم اللقاحات عن طريق بروتوكولات وإجراءات شفافة تحترم حقوق الإنسان، كما يجب أن تستند غايات التلقيح إلى الإنصاف بقدر ما تستند إلى الأرقام المطلقة، وينبغي تحديد الأهداف والأولويات من خلال الحوار مع المجموعات الإثنية والثقافية وغيرها من فئات المجتمع المحلي المعنية.

ومن الضروري أن يشارك المجتمع المدني والجهات الفاعلة ذات الصلة مشاركة مجدية على الصعيدين المحلي والوطني وأن تشارك المجتمعات المحلية في وضع خطط واستراتيجيات وطنية للتلقيح، بما في ذلك بروتوكولات توزيع اللقاحات وإدارة اللقاحات ووضع سياسات تتعلق بتحديد أولويات المخصصات تشمل ضمان أكبر قدر من الفاعلية وكبح الفساد في ذلك القطاع.

 وصنفت منظمة الصحة العالمية التردد في تلقي اللقاح باعتباره واحداً من أكبر 10 تهديدات للصحة العالمية وهي مشكلة تختلف باختلاف السياق والبلد ونوع اللقاح المعني، ما يجعل المسألة صعبة على نحو خاص.

وينبغي للدول أن تستخدم مجموعة واسعة من الوسائل المستندة إلى الأدلة بغية معالجة التردد في تلقي اللقاحات في إطار التزامها بضمان الحصول على اللقاحات، فقد أصبح تحفيز الطلب على اللقاحات محدداً حاسماً للنجاح في الحد من التهديد الناجم عن كورونا.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية