في إطار دورته الـ52

"مجلس حقوق الإنسان" يناقش حق النساء في بيئة نظيفة ومستدامة

"مجلس حقوق الإنسان" يناقش حق النساء في بيئة نظيفة ومستدامة

ناقش المجلس الدولي لحقوق الإنسان، تحديات حق النساء والفتيات في التمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة بجميع دول العالم.

يأتي ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 27 فبراير حتى 4 إبريل 2023، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

واستعرض المقرر الخاص المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة ديفيد ر. بويد، تقريرا حول النساء والفتيات في هذا الشأن.

وقال ديفيد في تقريره إن الأزمة الثلاثية مقترنة بالتمييز النظمي القائم على النوع الاجتماعي والأعراف الأبوية وعدم المساواة، تتسبب للنساء في أضرار واضحة وغير متناسبة وتهدد وتنتهك حقوق الإنسان الخاصة بهن، بما في ذلك الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة.

ولتحقيق المساواة بين الجنسين والاستدامة الإيكولوجية يجب على الدول أن تتصدى للتمييز القائم على النوع الاجتماعي والظلم البيئي، من خلال اتخاذ إجراءات مناخية وبيئية عاجلة ومحوِّلة للمنظور الجنساني وقائمة على الحقوق.

ويعدد المقرر الخاص في هذا التقرير التزامات الدول ومسؤولياتها التجارية والفوائد المحتملة لتحقيق المساواة بين الجنسين والاستدامة الايكولوجية.

وقدم توصيات تتعلق بتفكيك التمييز النظامي وتمكين النساء والفتيات كقائدات مناخيات وبيئيات، وضمان قدرتهن على التمتع الكامل بحقهن في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة.

وقال المقرر الخاص المعني بمسألة التزامات حقوق الإنسان المتعلقة بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، إنه رغم التقدم الملحوظ نحو تحقيق المساواة بين الجنسين في بعض الدول، فإن التمييز النظامي لا يزال قائماً.

وأكد أن القوانين التي تميز ضد النساء والفتيات والأشخاص المتنوعين جنسانيا والأعراف الاجتماعية والثقافية التي تحد من قدرتهم والقوالب النمطية المتعلقة بالأنوثة والذكورة والأدوار المحددة حسب النوع الاجتماعي، لا تزال تقيد القوة السياسية والاقتصادية للنساء والفتيات في كل دولة وفي كل مجال من مجالات المجتمع.

قوالب نمطية

وأكد المقرر الخاص أن الأزمة البيئية تؤثر على الجميع في كل مكان لكن ليس على قدم المساواة، وتتسبب المعايير الجنسانية الضارة والقوالب النمطية والتحيزات والتمييز في استبعاد النساء والفتيات من المشاركة في صنع القرار البيئي، والتمتع بحصة عادلة من فوائد الطبيعة.

ووفق مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، فإن استبعاد نصف المجتمع من المساعدة الفعالة في تشكيل السياسات البيئية، يعني أن تلك السياسات ستكون أقل استجابة للضرر المحدد الذي يحدث وأقل فاعلية في حماية المجتمعات المحلية، بل وقد تزيد من حدة الضرر الذي يحدث.

وأكد التقرير أن التنمية المستدامة تعتمد على إعمال الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة؛ على نحو محوِّل للمنظور الجنسياني، كما هو معترف به في قرارات الأمم المتحدة التاريخية.

وكشف عن أن النساء والفتيات، كما يتبين من مساهماتهن المثيرة للإعجاب التي لا تحظى بالتقدير الكافي في حماية البيئة، عناصر تغيير قوية وتحويلية يجب أن ينظر إليهن في المقام الأول ليس كضحايا لكن كشريكات، وقائدات متساويات لا غنى عنهن في الانتقال إلى مستقبل عادل ومستدام.

وشدد مجلس حقوق الإنسان في قرار على أن الدول يجب أن تحترم التزامات حقوق الإنسان احتراماً كاملاً بما في ذلك الالتزامات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين.

التمييز النظامي 

وذكر التقرير أن الاقتصاد العالمي محطَّم، وهو يقوم على ركيزتين غير عادلتين وغير مستدامتين وغير متلائمتين مع حقوق الإنسان جوهرياً، ومع استغلال البشر واستغلال الكوكب.

وبالمثل لاحظت هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة (هيئة الأمم المتحدة للمرأة) أن الأزمات البيئية متجذرة بعمق في نظام اقتصادي لا يقدر ما هو أساسي ولا يحميه ولا يغذيه ولا يستثمر فيه، ومثل عمل المرأة غير مدفوع الأجر وغير المتناسب ومساهماتها في اقتصاد الرعاية، تعد مساهمات الطبيعة للناس أساسا حاسماً لصحة الإنسان والاقتصاد لكن ينظر إليها على أنها أمر مسلَّم به.

وتغذي نظم القيم المنحرفة التي تدافع عن الربح والنمو والهيمنة على الطبيعة، التمييز والظلم البيئي وقمع النساء والفتيات ومحوهن واستغلالهن مع الفئات الضعيفة الأخرى.

وتنتهك الشركات حقوق الإنسان مع الإفلات من العقاب وتتسبب في زيادة عدم المساواة والتلوث وتدمير الطبيعة وتفاقم أزمة المناخ.

وتستغل أساليب التسويق القوية للقوالب النمطية وتدفع بالأنماط الجنسانية للاستهلاك غير المستدام، مثل اللحوم والسيارات ومستحضرات التجميل والأزياء على حساب النساء والفتيات وحقوق الإنسان والبيئة.

ونتيجة لما سبق تواجه النساء والفتيات مساوئ اجتماعية اقتصادية عميقة تؤدي إلى تآكل قدرتهن السياسية وسلطتهن، وتمنعهن العقبات القانونية والاجتماعية والثقافية من الحصول على الوظائف والترقيات والمناصب القيادية، وتحد من إمكانية حصولهم على الأراضي والموارد الطبيعية والتمويل والتكنولوجيا والمعدات والمدخلات الزراعية والتدريب والخدمات الإرشادية، وتوضح الحقائق التالية الطبيعة المتفشية والمدمرة للتمييز بين الجنسين اليوم.

أرقام فارقة

وتمثل النساء 70 بالمئة من فقراء العالم وكان أداء المرأة الريفية أسوأ من أداء الرجل الريفي والنساء والرجال الحضريين في كل مؤشر من مؤشرات التنمية.

وتؤدي النساء ثلاثة أضعاف الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر التي يؤديها الرجال في البلدان المرتفعة والمنخفضة الدخل على حد سواء، ما يؤدي إلى فقر الوقت وانخفاض العمالة وانخفاض الدخل.

وتمثل المرأة تمثيلاً زائداً في الاقتصادات غير الرسمية، وبالتالي تفتقر إلى الحماية الاجتماعية والقانونية وتحصل على أجور أدنى بنسبة 20 بالمئة من أجور الرجال عن العمل نفسه وكثيراً ما تعاني من ظروف عمل أسوأ.

وتمثل المرأة تمثيلاً ناقصاً في أدوار القيادة والإدارة وصنع القرار على جميع المستويات وفي جميع القطاعات.

وأكد التقرير أنه بمعدلات التقدم الحالية سيستغرق الأمر 286 عاماً لإلغاء أو تعديل القوانين التمييزية وسد الثغرات في الحماية القانونية للنساء والفتيات.

ويستغرق سد فجوة التمكين السياسي نحو 155 عاماً، كما أن العديد من الفجوات بين الجنسين قد اتسعت نتيجة للعواقب الاقتصادية والصحية والاجتماعية لجائحة فيروس كورونا.

ويؤثر التمييز الجنسياني والقوالب النمطية على الفتاة منذ سن مبكرة، لأنهن يعاملن على أنهن أقل شأناً في العديد من الدول والثقافات، ما يقوِّض احترامهن لذاتهن، ويؤدي إلى عدم المساواة والحرمان والاستبعاد مدى الحياة.

وأوصى التقرير بأنه يجب على الدول أن تعالج الأسباب الجذرية لعدم المساواة بين الجنسين، وإعمال حقوق الإنسان للنساء والفتيات، وهناك حاجة ماسة إلى إدخال تغييرات محولة للمنظور الجنساني في القوانين والسياسات والبرامج والمشاريع فضلاً عن التعليم وبناء الوعي والتدريب.

ويمكن لحقوق الإنسان القائمة على أساس المساواة وعدم التمييز أن تكون حافزاً للتغييرات النظمية اللازمة بل ينبغي أن تكون كذلك، لكن وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لا يوجد لدى أي بلد تقريباً آليات لسياسات من شأنها أن تمكن من رؤية تآزرية ناهيك عن تنفيذ للأهداف الجنسانية والبيئة.

حقوق متساوية

وأكد التقرير أن للجميع الحق في بيئة نظيفة وصحية مستدامة، ويشمل ذلك الهواء النقي والوصول إلى مياه مأمونة وصرف صحي ملائم وأغذية صحية منتجة بطريقة مستدامة وبيئات غير سامة صالحة للعيش والعمل والدراسة واللعب وتنوعاً بيولوجيًّا ونظمًا إيكولوجية صحيين ومناخاً آمناً، ويرتبط أيضاً بالحق في الحصول على المعلومات والمشاركة في سن القرار وإمكانية الوصول إلى العدالة بسبل انتصاف فعالة.

والقوالب النمطية والتحيزات وأوجه عدم المساواة والتمييز القائمة على النوع الاجتماعي تحد بشدة من تمتع النساء والفتيات بالحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، ويؤثر ذلك أيضاً على الحق في الحياة والصحة والسكن اللائق والغذاء والمياه والصرف الصحي والتعليم ومستوى المعيشة اللائق والحقوق الثقافية وحقوق الطفل.

وكشف التقرير أن الأزمات المناخية والبيئية تعد من مضاعفات المخاطر المشهورة المؤدية إلى تفاقم التحديات التي تواجهها النساء والفتيات، لا سيما في المجتمعات المحلية الفقيرة والمهمشة.

وتزيد أزمات تغير المناخ والتنوع البيولوجي والتلوث من خطر نشوب النزاعات خاصة في الدول الهشة غير المجهزة لمواجهة هذه الأزمات البيئية، ما يشكل تهديدات خطيرة للسلام والأمن القومي.. والنزاع المسلح محرك رئيسي لعدم المساواة بين الجنسين وتدمير البيئة، ما يؤدي إلى تدهور الظروف المعيشية للنساء والفتيات.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية