"غوتيريش": الإدماج الاقتصادي على رأس أجندة دعم السلام في إفريقيا
"غوتيريش": الإدماج الاقتصادي على رأس أجندة دعم السلام في إفريقيا
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن المنظمة تتعاون بشكل وثيق مع الاتحاد الإفريقي والمنظمات الإفريقية الإقليمية ودون الإقليمية في مكافحة الإرهاب، وتعمل على تعزيز عملها معها على مبادرات سلام، وأجندة جديدة للسلام تحدد نهجا متكاملا وشاملا من خلال الوقاية على الجبهتين الاقتصادية والاجتماعية، والإدماج، ووضع حقوق الإنسان في صميم جميع جهود مكافحة الإرهاب.
ونقل تقرير نشره الموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة، عن الأمين العام أنه "لا عمر ولا ثقافة ولا دين ولا جنسية ولا منطقة محصنة" ضد الإرهاب، إلا أنه أعرب عن قلق خاص بشأن الوضع في إفريقيا.
وجاءت تصريحات "غوتيريش" في اجتماع رفيع المستوى، ناقش فيه مجلس الأمن الدولي مكافحة الإرهاب من خلال تعزيز التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية.
وأعرب "غوتيريش" عن قلقه العميق بشأن المكاسب التي تحققها الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل وأماكن أخرى، حيث تحاول توسيع نفوذها.
وأضاف: "إن أثر الإرهاب آخذ في الاتساع، مع تدفق المقاتلين والأموال والأسلحة بشكل متزايد بين المناطق وعبر القارة، ومع تشكيل تحالفات جديدة مع جماعات الجريمة المنظمة والقرصنة.. كما يوفر عالم الإنترنت منصة عالمية لنشر الأيديولوجيات العنيفة إلى أبعد من ذلك".
وقال “غوتيريش”، إن جهود مكافحة الإرهاب يمكن أن تجمع البلدان معاً، كما هو واضح في جميع أنحاء إفريقيا من خلال عدد من المبادرات الإقليمية، مضيفا أن القادة الأفارقة أبدوا تصميماً متجدداً على مواجهة هذا التهديد المتطور، مؤكداً أن الأمم المتحدة تقف إلى جانب القارة لإنهاء هذه الآفة.
وأشار إلى أن الأمم المتحدة تقدم مساعدة مخصصة للدول الإفريقية، بما في ذلك في مجالات الوقاية والمساعدة القانونية والتحقيقات والملاحقات القضائية وإعادة الإدماج والتأهيل وحماية حقوق الإنسان.
وشدد على أن الأمم المتحدة "تدعو بلا كلل" إلى جيل جديد من البعثات القوية لعمليات السلام ومكافحة الإرهاب، بقيادة الاتحاد الإفريقي وبتفويض من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع، وبتمويل مضمون ويمكن التنبؤ به.
وقال الأمين العام: "يمثل الإرهاب إنكاراً وتقويضاً لحقوق الإنسان، ولذا فإن المعركة ضده لن تنجح أبداً إذا استمررنا بنفس دوامة الإنكار والدمار".
وأوضح أن جهود مكافحة الإرهاب التي ترتكز فقط على الأمن وليس على حقوق الإنسان يمكن أن تؤدي إلى زيادة التهميش والإقصاء دون قصد، ما قد يفاقم الوضع.
وأضاف أن الأجندة الجديدة المقترحة للسلام ستحدد نهجا متكاملا وشاملا لبناء مجتمعات أكثر سلما واستقرارا، لا مكان فيها للإرهاب والتطرف العنيف.
وقال إن تحقيق ذلك ممكن من خلال الوقاية على الجبهتين الاقتصادية والاجتماعية، والإدماج، ووضع حقوق الإنسان وسيادة القانون في صميم جميع جهود مكافحة الإرهاب.
وسلط الأمين العام الضوء على التزام الأمم المتحدة بدعم كرامة ضحايا الإرهاب وحقوقهم الأساسية، وقال: "باسمهم، وإحياءً لذكرى أولئك الذين قُتلوا بسبب الإرهاب والتطرف العنيف، سنواصل عملنا لإنهاء هذه الآفة بشكل نهائي".
وتحدث في اجتماع المجلس وزير الدولة للشؤون الخارجية والتعاون الدولي في دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ شخبوط نهيان آل نهيان، الذي قال إن الإرهاب ظاهرة معقدة ومحددة السياق، وبالتالي فإن المبادرات الإقليمية لمكافحة الإرهاب تلعب دوراً أساسياً في دعم الدول في مكافحة هذه الآفة.
وشدد على ضرورة كسر الصوامع لأن تهديدات الإرهاب والتطرف لا تحترم الحدود، مؤكداً أن الأطراف الإفريقية الإقليمية ودون الإقليمية قد بدأت بهذا النهج بالفعل حيث تتبادل البيانات والاستخبارات حول التهديدات الإرهابية والمتطرفة.
وسلط الضوء على الحاجة إلى النظر إلى "ما وراء العدسة العسكرية" في حلول مكافحة الإرهاب، وقال: "إن جذور الإرهاب والتطرف متعددة الأوجه.. ستساهم الحوكمة الرشيدة والتنمية المستدامة وتأمين الخدمات الأساسية والرفض الشامل للتعصب في مواجهة التحدي".
وقال إن طرد الجماعات الإرهابية من المناطق التي تمارس فيها سيطرتها لا يكفي، وأكد ضرورة دعم الدول لاستعادة السيطرة على تلك المناطق والاحتفاظ بها، ومن ثم يجب سد الفجوات الاجتماعية والاقتصادية لمنع إعادة استغلال المجتمع من قبل الجماعات الإرهابية.
وقال وزير الدولة الإماراتي إن على المجتمع الدولي أن يحذو حذو أصحاب المصلحة الأفارقة، موضحا: "في كثير من الأحيان، لا تلقى دعوات هذا المجلس إلى اتخاذ إجراءات آذاناً مصغية، لأنه فشل في التكيف مع الفروق الدقيقة للواقع على الأرض.. أو أنه أعرب عن دعمه العام بدون الوسائل السياسية والمالية لإحداث تغيير"، وقال إن هذا الانفصال هو عقبة في وجه ردود الفعل الفعالة لمكافحة الإرهاب.
من جانبه قال رئيس جزر القمر والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، غزالي العثماني، إن الإرهاب يتطلب رداً قوياً وعالمياً.
وشدد على أن الإرهاب "انفجر بالفعل" في القارة الإفريقية منذ اندلاع الأزمة الليبية عام 2011، الأمر الذي شجع على وصول آلاف المحاربين والمقاتلين الأجانب إلى منطقة الساحل "وساعد في توريد المنظمات الإرهابية إلى إفريقيا، وأدى أيضاً إلى انتشار الأسلحة بشكل لا يمكن السيطرة عليه".
وقال إن "العدوى الإرهابية" مستمرة في الاتساع في جميع مناطق إفريقيا تقريباً، لكنه شدد على أن القارة تواصل اتخاذ خطوات كبيرة للأمام لإيجاد حلول لتحدياتها الأمنية المختلفة.
ويشمل ذلك، من بين أمور أخرى، نشر عمليات حفظ سلام مهمة "أدت إلى تقليل العنف واحتواء الجماعات الإرهابية وحماية السكان المتضررين".
وقال الرئيس "العثماني" إن التحديات الأمنية الحالية في إفريقيا تقوض بشكل كبير جهود التنمية المستدامة، وتتطلب جهوداً متجددة ومستدامة ضمن الأطر الإقليمية المناسبة لإعطاء دفعة نحو السلام والأمن والاستقرار في القارة.
وحث مجلس الأمن على مضاعفة جهوده وتعزيز التعاون بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في منع الإرهاب لأن ذلك "أقل تكلفة على المدى الطويل".
وقال إن الاتحاد الإفريقي ملتزم ببذل قصارى جهده لدعم أعضائه في العمل على منع انتشار خطر الإرهاب ومكافحته في القارة من خلال تعزيز تعاونه مع الأمم المتحدة.
وأضاف: "الوقت ليس في صالحنا.. علينا محاربة الفقر والإقصاء من خلال سياسة تقوية قدراتنا وتوفير فرص متكافئة وتوظيف الشباب الذين غالباً ما يكونون الفريسة المفضلة للتطرف".