تشارلز الثالث يُتوج ملكاً بأول مراسم من نوعها في بريطانيا منذ 1953

تشارلز الثالث يُتوج ملكاً بأول مراسم من نوعها في بريطانيا منذ 1953

بدأت مراسم تتويج تشارلز الثالث وزوجته كاميلا، السبت، في كنيسة ويسمنتستر في العاصمة البريطانية لندن، في مراسم دينية مهيبة تعود إلى ألف عام من التاريخ والتقاليد لكن تم تكييفها لتعكس صورة بريطانيا في القرن الحادي والعشرين.

وقبل بدء هذه المراسم، اعتقلت الشرطة التي كانت قد حذرت من أنها لن تتسامح مع أي محاولة لعرقلة تتويج الملك تشارلز الثالث، عشرات الأشخاص في لندن بينهم 6 ناشطين مناهضين للنظام الملكي، وفق وكالة “فرانس برس”.

وبعد موكب رافق العربة التي أقلتهما تحت المطر من قصر باكنغهام، عبر تشارلز الثالث وزوجته بلباسهما الملكي، باب الكنيسة لتبدأ مراسم أنغليكانية لتتويجهما من قبل كبير أساقفة كانتربري جاستن ويلبي.

وكان تشارلز وكاميلا غادرا قصر باكنغهام بالعربة "دايموند جوبيلي ستيت كوتش" وتجرها 6 خيول، في موكب تتقدمه فرقتا الخيالة والفرسان ويشارك فيه مئات الجنود. 

واصطف عشرات الآلاف من الأشخاص على جانبي طريق الموكب وهم يهتفون للملك والملكة، على الرغم من هطول الأمطار المتقطع.

وتم تتويج تشارلز الثالث ملكا عند الساعة 11,00 ت غ على وقع هتاف "ليحفظ الله الملك"، واعتمر بذلك تاج الملك إدوارد الرمز المقدس لسلطة العرش والمصنوع من الذهب الخالص ويُستخدم لمرة واحد خلال الحكم.

وقبل أن تبدأ هذه المراسم، قال متحدث باسم مجموعة "جمهورية" التي تجمع مئات من أنصارها في ساعة مبكرة من صباح السبت في ساحة ترافالغار أن الشرطة اعتقلت "ستة من منظمينا وصادرت مئات اللافتات" التي كتب عليها "ليس ملكي" (نات ماي كينغ).

وأوضحت المجموعة أن بين الموقوفين رئيسها غراهام سميث الذي بدأ المتظاهرون يطلقون هتافات تطالب بإطلاق سراحه فور اعتقاله.

قال مارتن: "هذا هو بالضبط سبب وجودنا هنا اليوم، لأن الملكية تمثل كل ما هو خطأ في المملكة المتحدة: الامتيازات وعدم المساواة وانعدام الديمقراطية".

ورفع مئات الناشطين لافتات كتب عليها "مواطنون لا رعايا" و"ألغوا الملكية".

من جهتها، قالت مجموعة "جست ستوب أويل" البيئية، إن 19 من ناشطيها اعتقلوا بالقرب من مسار الموكب، وكانت المجموعة قد خططت للتظاهر بمناسبة التتويج لمعارضة استغلال المحروقات في البلاد.

أبواق وأجراس

وفقا للتقاليد تقرر أن تصدح الأبواق في أنحاء كنيسة ويستمنستر في لندن وتُطلق المدافع الاحتفالية برا وبحرا لمناسبة أول تتويج لملك بريطاني منذ عام 1953، والخامس فقط منذ 1838 إلى جانب دق أجراس الكنائس في مختلف أنحاء البلاد، قبل أن ينطلق جنود متحمسون من المشاة والخيالة في عرض يضم 7 آلاف عسكري في شوارع العاصمة.

وسيعود الملك تشارلز وقرينته كاميلا التي ستُتوج ملكة، إلى قصر باكنغهام في العربة المذهبة التي قلما تُستخدم، أمام حشود كبيرة قبل أن يتابعا عرضا جويا من شرفة القصر.

ومراسم التتويج، هي الثانية التي تُبث على التلفزيون والأولى بالألوان وبخدمة البث التدفقي على الإنترنت، وتُعد تأكيدا دينيا لاعتلاء تشارلز العرش.

وتشارلز (74 عاما)، هو ملك بريطانيا منذ وفاة والدته الملكة إليزابيث الثانية في سبتمبر 2022 بعد 7 عقود على توليه ولاية العهد.

لكن جزءا كبيرا من المراسم الأنغليكانية التي ستقام في كنيسة ويستمنستر وتستغرق ساعتين، متوارث من ألف عام عن أسلاف الملك وعددهم 39 تُوّجوا في كنيسة ويستمنستر منذ عام 1066.

وبينما بقيت العديد من طقوس وتقاليد الاعتراف بتشارلز ملكا دون تغيير، سعى الملك لتحديث جوانب أخرى من المراسم، إذ ستشارك نساء أساقفة للمرة الأولى وكذلك قادة أقليات دينية أخرى وسيكون للغات القلطية دور بارز أيضا.

وبصفته ملكا، يترأس تشارلز كنيسة إنجلترا لكنه يقود بلدا أكثر تنوعا دينيا وعرقيا عن الذي ورثته والدته في ظل الحرب العالمية الثانية.

وسعى تشارلز أيضا لأن تكون قائمة المدعوين وعددهم 2300، أكثر تمثيلا للمجتمع البريطاني، فدعا أفرادا من عامة الناس ليجلسوا إلى جنب رؤساء دول وملوك وأمراء من أنحاء العالم.

وفي تغيير آخر للتقاليد، سيعكس شعار المراسم اهتمام تشارلز الدائم بالتنوع البيولوجي والاستدامة.

وستمتلئ كنيسة ويستمنستر بأزهار موسمية وأغصان خضراء من جزيرة آيل أوف سكاي في شمال غرب اسكتلندا حتى كورنوال عند الطرف الساحلي الغربي لإنجلترا.

وحُظرت قطع الإسفنج الرغوية الخاصة بالزهور ذات الاستخدام الواحد، وسيتم التبرع بكل الأزهار لجمعيات خيرية تساعد المسنّين والضعفاء.

وستُستخدم أثواب احتفالية معاد تدويرها من مراسم تتويج سابقة، وسيكون الزيت الذي سيُمسح به تشارلز نباتيا.

لحظة فخر

اعتبر رئيس الوزراء ريشي سوناك الحدث "تعبيرا نفتخر به عن تاريخنا وثقافتنا وتقاليدنا".

وقال: "لحظة فخر وطني استثنائي.. دليل حي على الطابع الحديث لبلدنا وتقاليد نعتز بها يولد من خلالها عهد جديد".

لكن ليس الجميع مقتنعا بذلك، فالاستطلاعات تشير إلى تراجع الدعم للتاج البريطاني خصوصا بين الشبان الأصغر سنا مع دعوات إلى التحديث أو إلغاء النظام الملكي برمته.

وخارج المملكة المتحدة، يضعف موقع تشارلز كوريث للعرش في 14 من دول الكومنولوث.

فقد ألمحت بليز وجامايكا في وقت سابق هذا الأسبوع إلى خطوات نحو التحول إلى نظام جمهوري، ويُحتمل أن تقوم استراليا وكندا ودول أخرى بخطوات مماثلة.

أما البريطانيون الذين يعانون ارتفاع كلفة المعيشة، فيتساءلون لمَ يتعين على دافعي الضرائب تحمل كلفة المراسم التي تقدر بأكثر من 100 مليون جنيه استرليني (126 مليون دولار).

حشود داعمة

ومع ذلك، فإن الحشود الداعمة للأسرة الملكية التي تقوم طوال الأسبوع بالتخييم على شارع ذي مول المؤدي إلى باكنغهام بالاس، دليل على أن العائلة الملكية لا يزال لها دور في التاريخ والتقاليد البريطانية.

والعديد من هؤلاء جاؤوا جوا من الخارج في تأكيد للموقع الفريد للملكية كأكبر الرموز البريطانية في العالم.

والتتويج ذروة مراسم تستمر 3 أيام وتشمل احتفالا موسيقيا في قصر قلعة ويندسور غرب لندن مساء الأحد.

وقالت كارين تشامبرلين (57 عاما) العاملة في منظمة خيرية "الأمر رائع"، ونصبت هذا المرأة خيمة لها مع شقيقتها وابنها طمعا في متابعة المراسم من أفضل الأماكن.

وأضافت: "والدتنا جاءت إلى لندن في 1953، القدوم إلى هنا طريقة للقول إننا فخورون بالعرش.. عسى أن نكون هنا عندما يصبح (وريث تشارلز) وليام ملكا".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية