"باريستا خلف القضبان".. تجربة سجين في "تانجيرانج" لإعادة الاندماج بالمجتمع

"باريستا خلف القضبان".. تجربة سجين في "تانجيرانج" لإعادة الاندماج بالمجتمع

حليب رغوي.. فراشة رقيقة فوقه، مذاق حلو.. إنه ليس فقط "كابتشينو مثالي"، إنه أبعد من ذلك.. الذي حضر هذا الكوب ببراعة وقدمه هو "ديني"، سجين في تانجيرانج، وهو سجن يقع غرب العاصمة الإندونيسية جاكرتا، والذي انضم إلى برنامج تدريبي تدعمه الأمم المتحدة يهدف إلى مساعدة السجناء على إعادة الاندماج في المجتمع بعد قضاء بعض الوقت.

قال "ديني" البالغ 31 عاما، الذي بقي له ما يزيد قليلا على عامين من حكم بالسجن لمدة 5 سنوات: "أريد أن أستفيد إلى أقصى حد من وقتي، حتى في السجن.. هذا التدريب يجب أن يساعدني في العثور على وظيفة في وقت لاحق".

وأضاف: "بالطبع، كنت أعرف كيف أصنع القهوة من قبل، لكنني هنا أتعلم عن النكهات والروائح المختلفة، والكثير عن الجانب الفني لصنع القهوة".

وقالت ساليس فريدة فيترياني، التي ترأس المؤسسة الإصلاحية، إن البرنامج يهدف إلى بناء مستقبل أفضل، لكن التدريب على المهارات وحده لا يكفي للسجناء للنجاح في العالم الخارجي.

وقالت إنه للتعامل مع مجتمع غالبا ما يوصمهم مدى الحياة، يقدم السجن التدريب على تنمية الشخصية والمشورة والتعليم الديني.

وأضافت: "هدفنا هو توفير أنشطة إيجابية وتدريب للسجناء"، ويشمل البرنامج تنمية الشخصية بالإضافة إلى التدريب المهني للمساعدة في سبل عيشهم في المستقبل.

كسر وصمة العار 

إن بدء عمل تجاري أمر صعب بعد قضاء بعض الوقت في السجن، كما قال "هاسوين"، وهو مجرم مخدرات سابق يبلغ من العمر 32 عاما، غادر منشأة تانجيرانج الإصلاحية في يناير 2022، وهو يدير الآن مقهى خاصا به، ويمزج بين أنماط القهوة الحديثة والتقليدية جنبا إلى جنب الوجبات الخفيفة.

وقال "هاسوين": "الحياة أفضل بكثير الآن"، مضيفا أن وظيفته السابقة كانت عاملا رئيسيا في تورطه في جرائم تتعلق بالمخدرات أدت إلى اعتقاله في عام 2018.

وأوضح: "أنا أكثر رضا بالحياة وفخور بإبداعي.. لم أكن أعتقد أبدا أنني يمكن أن أجد مهنة خارج الحياة الليلية".

الآن، عمله ليس مجرد "وسيلة لتغطية نفقاته"، ولكنه فرصة جديدة.

وتابع: "أريد كسر وصمة العار حول" السلبيات السابقة "من خلال إظهار أن الجناة السابقين يمكن أن يكونوا مستقلين ومبدعين".

من الرياضة إلى البرامج الجامعية

أوضحت "فيترياني": "يعطي برنامج Tangerang Class IIA السجناء فرصة للقيام بذلك، يمكنهم أيضا التنافس في الرياضات الاحترافية في تانجيرانج، وهو سجن فريد من نوعه في إندونيسيا لتقديم برنامج تعليمي جامعي كامل".

وأضافت: "إن برنامجا تجريبيا مفتوحا للسجناء في جميع أنحاء إندونيسيا يخدم حاليا 200 سجين من المقرر طرحه في جميع أنحاء البلاد، رهنا بالتمويل".

وقال "آسيب"، وهو طالب دراسات إسلامية في السنة الثالثة في جامعة الشيخ يوسف الإسلامية، إنه، مثل الكثيرين في البرنامج، لم يكن بإمكانه تحمل تكاليف الذهاب إلى الجامعة في حياته قبل السجن.

وتابع: "كنت دائما حريصا على التعلم، لكن وضعي الاقتصادي لم يسمح لي بالدراسة".

الآن.. باتباع نفس المنهج الذي تقدمه الجامعة لطلابها المنتظمين، يحضر "آسيب" وزملاؤه في المدرسة الفصول الدراسية 3 مرات أسبوعيا لمدة 6 ساعات كل يوم.

بعد التخرج وقبل نهاية عقوبة السجن، قال "آسيب" إنه يأمل في مساعدة زملائه السجناء من خلال تقديم المشورة الدينية.

قال: "أتعلم الكثير عن العالم وعن الحياة في الخارج.. إنه يساعدني على التأقلم بشكل أفضل مع عقوبتي الطويلة، وأسعى لأن أساعد الآخرين أيضا".

وبدعم من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، تم تصميم برامج التدريب بمساعدة مجموعة من أدوات التقييم التي توفر مناهج قائمة على الأدلة مصممة خصيصا لتلبية الاحتياجات الفردية للسجناء.

يستخدم ضباط الإصلاحيات هذه الأدوات لتقييم السجناء وفهمهم بشكل أفضل، بما في ذلك مستوى المخاطر الأمنية التي قد يشكلونها، وتوافقهم مع البرنامج، واستجابتهم المحتملة للتعليم.

وفي إطار مبادرة إعادة تأهيل السجناء التي أطلقها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، التي تركز على التعليم والتدريب المهني والتوظيف أثناء السجن، يتمثل الهدف في المساهمة في إمكانية توظيف السجناء بعد إطلاق سراحهم، وبالتالي تقليل فرص العودة إلى الإجرام.

وقال مدير البرامج في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في جاكرتا، رابي براموداتاما: "مع أخذ ذلك في الاعتبار، دخلت الوكالة في شراكة مع المديرية العامة للإصلاحيات في إندونيسيا لإنشاء مصفوفة تقييم تساعد ضباط الإصلاحيات على بناء ملفات نفسية وأمنية للسجناء وتمكن الموظفين من تتبع تقدمهم".

وأضاف: "نحن بحاجة إلى التأكد، على سبيل المثال، من أننا نستقبل سجناء من غير المرجح أن يزعجوا الفصول الدراسية، وسيتعاونون مع المعلمين وزملائهم الطلاب".

الفرص الثانية

ويتعاون المكتب أيضا مع منظمات غير حكومية مثل "الفرصة الثانية" التي تساعد السجناء على إعادة الاندماج في المجتمع بمجرد خروجهم من المرفق، ويدعمها.

في صباح هادئ، كان بعض السجناء يراجعون آيات من القرآن، بينما تجمع آخرون لمشاهدة مباراة للكيك بوكسينغ.

ومع هطول الأمطار، تحدث السجناء عن أشعة الشمس التي كان لا بد أن تنكسر، عاجلا أم آجلا، بالنسبة لـ"ديني"، قال إن أشعة الشمس -الحرية- ستأتي في اليوم الذي يمكنه فيه أيضا الخروج والعثور على وظيفة.

وقال: "دافعي الرئيسي الآن هو أن أكون شخصا أفضل مما كنت عليه من قبل"، مضيفا أنه حتى ذلك اليوم، سيركز على الأنشطة الدينية وتجهيز الكابتشينو المثالي كما آخذ دروس الباريستا".

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية