في إطار الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف

تقرير أممي يناقش الأثر السلبي لتركات الاستعمار على التمتع بحقوق الإنسان

تقرير أممي يناقش الأثر السلبي لتركات الاستعمار على التمتع بحقوق الإنسان

ناقش تقرير أممي الأثر السلبي لتركات الاستعمار على التمتع بحقوق الإنسان، والتحديات التي تقف أمام معالجة هذه المعضلة بالعالم.

جاء ذلك خلال مناقشات مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في إطار دورته العادية الرابعة والخمسين، والمنعقدة خلال الفترة من 11 سبتمبر إلى 6 أكتوبر 2023 بالمدينة السويسرية جنيف.

وأوضح التقرير أن "عملية إنهاء الاستعمار لا تزال غير مكتملة، رغم نيل مستعمرات سابقة كثيرة استقلالها منذ إنشاء الأمم المتحدة".

وأضاف أن العقد الدولي الرابع للقضاء على الاستعمار (20021 -2030) يتيح فرصة للإسراع في وتيرة العمل من أجل إنهاء الاستعمار على الصعيد العالمي والتصدي لتركاته.

وينص الحق في تقرير المصير، في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ونظيره الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على ضمان حقوق الإنسان الفردية ومراعاتها على نحو فعال وتعزيز هذه الحقوق وتدعيمها.

التركات الاستعمارية

ووفق التقرير الأممي، اعترفت العديد من الدول بأن الأفارقة والمنحدرين من أصل إفريقي، والمنحدرين من أصل آسيوي، وأفراد الشعوب الأصلية هم ضحايا الاستعمار، وما زالوا ضحايا العواقب الناجمة عنه.

وأوضح أن "العنصرية المنهجية لا تزال قائمة بسبب مفاهيم خاطئة خلاصتها أن خطوات إنهاء الرق والاتجار بالأفارقة المستعبدين والاستعمار، والتدابير التي اتخذتها الدول في هذا الإطار حتى الآن، قد أزالت الهياكل التمييزية العنصرية التي أنتجتها تلك الممارسات وأقامت مجتمعات متساوية".

وتابع: "الواقع أن أي دولة لم تجرِ تحليلاً شاملاً بعد للآثار الماضية أو المستمرة نتيجة للعنصرية المنهجية، بما في ذلك التهميش على كل من الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي طبع حياة المنحدرين من أصل إفريقي في بعض البلدان".

وأكد التقرير أنه رغم قيام بعض الدول باتخاذ مبادرات الإصلاح قوانين وممارسات الحقبة الاستعمارية التي لا تتفق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن هذه القوانين لا تزال في بلدان كثيرة أخرى، وراء قمع الحريات الأساسية وعرقلة التنمية الاقتصادية والتدخل في الحريات الشخصية.

وبحسب التقرير، "نشأ عن التركات الاستعمارية التي لا تزال قائمة أثر غير تناسبي على حقوق الشعوب الأصلية وثقافاتها ولغاتها، فضلاً عن إمكانية ازدهارها واستفادتها من الفرص الاقتصادية".

وأكد إعلان الأمم المتحدة أن الشعوب الأصلية عانت من مظالم تاريخية بسبب الاستعمار وتجريدها من أراضيها وأقاليمها ومواردها، وقد استمر هذا الوضـع في تأجيج أوجه عدم المساواة ومنع الشعوب الأصلية من ممارسة حقها في التنمية وفقا للاحتياجات والمصالح الخاصة بها.

معالجة الآثار

وركزت المفوضية السامية لحقوق الإنسان على تزايد مظاهر العنصرية وكراهية الأجانب، وممارسة وصم الآسيويين والمنحدرين من أصل آسيوي في بعض البلدان، خلال جائحة كورونا، مثل الاعتداءات البدنية والإساءات اللفظية المرتكبة بدوافع عنصرية، والتحريض على الكراهية في وسائط الإعلام، وممارسة التمييز في مكان العمل، وأعمال العنف في الأماكن العامة، وتسلط الأقران في المدارس، وعدم إتاحة الخدمات، بما في ذلك الرعاية الصحية.

وأكدت أيضا تعذر معالجة الأثر الناجم منذ فترة طويلة عن تركة الاستعمار في مجتمعات كثيرة، فضلاً عن صلاته بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وأوجه عدم المساواة المزمنة، ما لم تتوفر قيادة سياسية قوية، وحوار صادق، واستجابات خلاقة وفعالة وشاملة.

وقبل عام 1960 وبعده، حققت مستعمرات سابقة كثيرة استقلالها، ولم يتبقَ سوى 17 مستعمرة مشمولة رسمياً بالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وتلك المسماة بمقاطعات ما وراء البحار أو أقاليم ما وراء البحار، وتلك التي تسعى إلى الاستقلال كأقاليم مدمجة، غير أن تحقيق الاستقلال السياسي وجهود إنهاء الاستعمار لا يعنيان نهاية الاستعمار.

ووفق تقديرات أممية، أتاح إنهاء الاستعمار للمستعمرات السابقة حرية التصرف، لكن نادراً ما أتاح لها فرصة استغلال هذه الحرية بالكامل، لأن إنهاء الاستعمار الاقتصادي، لا سيما في بلدان الجنوب، لم يكن مصحوبا على الدوام بإنهاء الاستعمار السياسي، علاوة على ذلك، لم تتحقق التنمية التي كان من المتوقع أن تصاحب الاستقلال في العديد من البلدان المستعمرة.

إنهاء الديون

بدوره، ذكر المقرر الخاص المعني بحقوق الشعوب الأصلية أن تنفيذ المعايير والآليات الدولية لحقوق الإنسان يمثل أداة أساسية لمعالجة الأثر السلبي الناجم عن تركات الاستعمار على الشعوب الأصلية، إلى جانب الاعتراف بهذه الحقوق وسياسات الدمج، وتكييف الخصائص السياسية والثقافية والاجتماعية للشعوب الأصلية داخل المجتمعات الديمقراطية.

وأوصى التقرير الأممي بضرورة أن تؤكد الدول مجدداً التزامها بمكافحة الظلم العنصري وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان المعنيين بهذه القضايا، وأن توائم إجراءاتها مع أقوالها.

وخلص التقرير إلى أن نسـاء وفتيات الشعوب الأصلية يواجهن أوجه عدم المساواة على الصعيد الاجتماعي وانعدام المساواة بطريقة منهجية، فضلاً عن التمييز، والهجمات على الهياكل المجتمعية الخاصة بهن، وانعدام القدرة على إيلاء الاهتمام اللازم بأشكال الحكم الخاصة بالشعوب الأصلية. 

ويأتي ذلك إلى جانب التمييز في نظام التعليم وفقدان لغات الشعوب الأصلية، كما تأثرت قدرة نساء الشعوب الأصلية على نقل المعارف العلمية بالعنف الذي يتعرضن له في شكل عنف أسري، وعنف جنسي وعنف ناجم عن النزاعات المسلحة، واستغلال في العمل، والاتجار.

وشدد التقرير الأممي على ضرورة أن تنظر الدول الاستعمارية السابقة بجدية في إنهاء الديون المستحقة على المستعمرات السابقة، لا سيما أن جميع الدول التي كانت مسؤولة عن عملية الاستعمار ينبغي أن تغتنم هذه الفرصة للتأمل والمراجعة.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية