أزمات اللاجئين في العالم تحتاج إلى مراجعة شاملة

أزمات اللاجئين في العالم تحتاج إلى مراجعة شاملة

 

 

إن التحدي المتمثل في توفير الإغاثة الكافية للاجئين والمشردين داخلياً تحدٍ هائل، فعلى الرغم من عقود من الجهود المتضافرة للتخفيف من هذه الكارثة، إلا أن الأمر يزداد سوءًا، حيث أدت الحرب العالمية الثانية إلى نزوح أكثر من 15 مليون شخص من منازلهم، وبحلول نهاية عام 2019، ازداد هذا العدد إلى ما يقرب من 80 مليونًا، ولذلك، فإن عدد اللاجئين، الذين حددتهم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين على أنهم الأشخاص الذين فروا من الحرب أو العنف أو الصراع أو الاضطهاد وعبروا الحدود الدولية بحثا عن الأمان في بلد آخر، قد زاد بأكثر من أربعة أضعاف على الرغم من عدم وجود حرب عالمية منذ عام 1945.

 

ثلثا اللاجئين من سوريا وفنزويلا وأفغانستان وجنوب السودان وميانمار

 

تنشر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عشرات الآلاف من الموظفين في 135 دولة، لكنهم يحتاجون إلى موارد أعلى بكثير لمواجهة التحديات، حيث إن ثلثي اللاجئين يأتون من سوريا وفنزويلا وأفغانستان وجنوب السودان وميانمار، مع عدم توفر أي حلول دائمة لأي من النزاعات التي تدفعهم للخروج من أوطانهم، وعلى كذلك، لا تزال أجزاء من إفريقيا وناجورنوكاراباخ وشبه الجزيرة الكورية وشرق أوكرانيا ومناطق أخرى ملتهبة، وعندما تنتهي أزمة ما، تبدأ أزمة أخرى في مكان آخر لدفع موجات من اللاجئين إلى بقية العالم، ما لم يكن هناك نظام عالمي جديد، أو على الأقل بعض الجهود للوصول إلى هناك، فإن هذه المأساة موجودة لتبقى بعض الوقت.

 

الدول المانحة: 

 

إن هناك حدوداً تمكن الدول المانحة في الاستمرار في تقديم المساهمات، وذلك بالنظر إلى التحديات الداخلية التي تواجهها، ومنها، رفاهية مواطنيها، التي هي مسؤولية أساسية لكل حكومة، كما أن وكالات حقوق الإنسان تأسف لأن الدول الغنية لا تفعل ما يكفي، ولكن هل هذه الدول ملزمة بفعل المزيد؟ إن حسن الضيافة والكرم فضائل مرحب بها لكل دولة، ولكن لا ينبغي أن تتحمل البلدان الغنية المسؤولية والمساءلة عن الأزمات التي من صنع الإنسان في أماكن أخرى، فهناك حجة متكررة مفادها أن اللاجئين هم أصول مستقبلية لاقتصاد الدولة المضيفة، بغض النظر عن العبء الأولي المصاحب لهم، وقد يكون ذلك صحيحا، ومع هذا، فإن هذا أمر تقرره الدول المضيفة، حيث لا توجد عقيدة واحدة تناسب الجميع.

 

إن رغبة الدول المانحة تتضاءل لاستقبال اللاجئين وتقديم المساعدات لمن يعانون ضائقة داخلية بسبب مزيج من الانكماش الاقتصادي والقومية المتطرفة، ومن الأمثلة ذات الصلة نقص الدعم الكافي لمواجهة المجاعة التي تلوح في الأفق في اليمن، حيث تتكشف هذه المأساة باعتبارها أكبر كارثة إنسانية في عصرنا، لكن الأموال المتاحة للأزمة تتقلص بشكل كبير كل عام، ونرى الآن علامات معبرة عن إجهاد اللاجئين في معظم أنحاء العالم، حيث تحتجز الولايات المتحدة والمكسيك الأشخاص الذين يفرون من العنف في أمريكا الوسطى، ويخاطر الناس برحلات قد تكون مميتة في أعالي البحار هربا من الاضطهاد والفقر في إفريقيا، فقط ليعبروا البحر ويتم القبض عليهم في أوروبا، بينما تضع أستراليا، بلد المهاجرين، الزوار غير المرغوب فيهم خلف القضبان.

 

هل تتم معالجة القضية بشكل صحيح؟

 

 يتعامل العالم مع هذه الأزمة إلى حد كبير بنفس الطريقة طوال هذه السنوات دون إعادة تقييم تشتد الحاجة إليها، فلم تكن هناك إجراءات جماعية وحاسمة للدفاع عن العالم ضد تكرار مثل هذه المآسي، فأزمة اللاجئين هي نتيجة وليست مرضاً في حد ذاتها، فنحن نصارع التأثيرات طوال الوقت ونتفاعل في الغالب مع الأحداث التي تسبب هذه الكوارث، بينما يواصل الجناة إطلاق العنان لطوفان اللاجئين، وتستمر منظمات مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مناشدة الضمير الجماعي، وتواصل الدول المانحة فعل ما في وسعها، وينتظر العالم اختفاء المشكلة.

 

الفشل في سوريا نتيجة للعراق وأفغانستان

 

وتبرز تساؤلات، هل عالج العالم بصدق هذه الأزمات وتابعها بحزم وفاعلية، وكم عدد الأشخاص الذين تم تحميلهم مسؤولية خلق وضع جديد يواجه فيه المواطنون العاديون الإجبار على ترك كل شيء وراءهم وظروفاً مروعة شجاعة بحثًا عن ملاجئ في أماكن غير مألوفة؟ لم تكن سوريا في أزمة حتى تعاونت دول معينة لخدمة مصالحها الخاصة، ومنذ وقت ليس ببعيد، كانت أفغانستان والعراق مزدهرة، ولو تعلم العالم دروسًا من أفغانستان والعراق، لما كان هناك لاجئون سوريون للتعامل معهم، والشيء نفسه بالنسبة لليمن.

 

لقد حان الوقت لإجراء مراجعة عاجلة، فالعالم بحاجة إلى تعزيز مناعة ضد مثل هذه الكوارث المصطنعة، ويجب على العالم أن يتحد في تسمية الجناة وفضحهم وعزلهم وربما معاقبتهم، كما يجب خلق نظام سياسي جديد، حيث لا يستطيع الطغاة أو المتمردون في جزء من العالم التسبب في هجرة جماعية للبشر تجتاح بقية العالم، حيث يمكن استباق مشكلات اللاجئين، وليس مجرد معالجتها، ويعد ذلك مهمة صعبة، لكن علينا أن نبدأ، فلا بد أن يخرج الأمر عن السيطرة يومًا ما مع وجود الملايين في ضائقة شديدة وليس هناك الكثير يمكن تقديمه للمساعدة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية