COP28.. نحو مستقبل أكثر إشراقاً بالتمويل والعدالة المالية

رحلة السباق ضد الزمن "5"

COP28.. نحو مستقبل أكثر إشراقاً بالتمويل والعدالة المالية

تحتضن الأرض جمالًا لا يضاهى، ولكنها تتعرض لهجمات قاسية تهدد بانقراضها، فالتغيرات المناخية تعد تحديًا هائلًا يتطلب تدخلًا عاجلاً وموحدًا. 

وفي ظل هذا الواقع المرير، يأتي Cop28 كفرصة ذهبية لتعزيز التمويل العالمي وتحقيق العدالة المالية، ما يمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا لكوكبنا وللأجيال القادمة. 

والأرقام المدمرة للتغيرات المناخية ليست مجرد تهديد بل أزمة حقيقية تتسبب في اضطرابات جوهرية في كل أنحاء العالم.

وفقًا للخبراء، يواجه أكثر من مليار شخص تهديدًا مباشرًا بسبب الفيضانات والجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر، وإذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فمن المتوقع أن يرتفع عدد اللاجئين المناخيين إلى ما يقرب من 200 مليون شخص بحلول عام 2050. 

ويعاني التمويل المخصص لمكافحة التغيرات المناخية من نقص حاد. وفقًا لتقرير حديث، يُنفق على مستوى العالم أقل من 30 مليار دولار سنويًا على مشاريع التغير المناخي، في حين يحتاج الوضع إلى تمويل سنوي يبلغ 300 مليار دولار على الأقل، هذه الأرقام المدمرة تحمل صرخة يائسة للتصرف الفوري. 

في هذا السياق القاتم، يأتي مؤتمر Cop28 كمنارة من الأمل، حيث سيجتمع في هذه الفعالية الدولية القادة والخبراء والمجتمع المدني من جميع أنحاء العالم لبحث التحديات والابتكارات والتزامات التمويل في مجال مكافحة التغيرات المناخية، وهي فرصة فريدة لتسليط الضوء على الأزمة العالمية وتحقيق تغيير جذري. 

يمكن لـCop28 أن يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز التمويل العالمي لمشاريع مكافحة التغيرات المناخية وتحقيق العدالة المالية، ويؤكد الخبراء ضرورة التزام الدول الأعضاء بزيادة استثماراتها في هذا المجال، وذلك من خلال تخصيص موارد مالية إضافية وتعزيز التعاون الدولي. 

وفي هذا الصدد، يجب أن يكون هناك التزام قوي بتحقيق الأهداف المالية التي وضعتها اتفاقية باريس للمناخ، بما في ذلك التزام بتخصيص 100 مليار دولار سنويًا لتمويل المشاريع المناخية في البلدان النامية. 

ويؤكد خبراء هاتفتهم "جسور بوست"، ضرورة توجيه التمويل بطريقة تضمن المساواة والتكافؤ بين الدول المتقدمة والنامية، وينبغي أن تسهم الدول الغنية والشركات الكبرى بنصيبها العادل على أن تتحمل المسؤولية الأكبر في تمويل المشاريع الضرورية. 

ويجب أن يتم تقديم الدعم التقني والتكنولوجي للدول النامية، وتعزيز قدراتها في مجال التكنولوجيا النظيفة والمستدامة، وتبني نهج شامل يضمن تحويل الاقتصادات القائمة على الكربون إلى اقتصادات مستدامة ومنخفضة الانبعاثات. 

في ضوء البيانات والأرقام المروعة، قدمت "جسور بوست" سلسلة حملت عنوان"السباق ضد الزمن"، لمناقشة رحلة COP28 في التصدي للتغيرات المناخية، وفي هذه الحلقة نناقش كيف سيوفر المؤتمر فرصة حقيقية وتاريخية لإحداث تغيير جذري ولتحقيق العدالة المالية في هذا المجال الحيوي. 

للتوعية بالتغيرات المناخية وصون الموار الطبيعية.. البيئة تواصل الاحتفال  بيومها الوطني| صور

تحديات.. ولكن

بدوره، علق الإعلامي البحريني غسان الشهابي قائلًا، إننا العرب مجتمع واحد، والتغيرات المناخية تهددنا جميعًا، لذا الاتحاد والعمل سويًا من أجل مستقبل أكثر إشراقًا وأكثر استدامة للأجيال القادمة أمر واجب، والبحرين من الدول المتضررة جدًا من تلك التغيرات، إن الوقت للعمل هو الآن، ويجب أن نتحرك بقوة وعزيمة لتحقيق التغيير المطلوب، وأول هذه التحركات هو توفير التمويل لمشاريع مكافحة التغيرات المناخية، وهو أمر ليس بهين بل تحدٍ كبير يواجه Cop28 والجهود العالمية المبذولة في هذا المجال. 

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": بالطبع هناك بعض المشكلات والمعوقات المحتملة والتي تشمل نقص التمويل، وهو من أهم المعوقات التي تواجه مشاريع مكافحة التغيرات المناخية، وقد يكون من الصعب جذب الاستثمارات الكبيرة المطلوبة لتنفيذ المشاريع الضخمة، خاصة في الدول النامية التي تحتاج إلى دعم مالي إضافي، أيضًا قد تفتقر بعض الدول إلى آليات تمويل فعالة وميسرة لمشاريع التغير المناخي، ولا أقصد هنا دولة الإمارات العزيزة وإنما الأمر يتسع ليشمل كل العالم وليس فقط الدول النامية، ولذا يجب تطوير آليات تمويل مبتكرة تسهل الوصول إلى التمويل وتقلل من العقبات البيروقراطية. 

واستطرد: من الأمور التي أطالعها وأناقشها مع أساتذة في مجالات الاقتصاد والبيئة وجود عائق كبير، وهو ضرورة أن تكون المشاريع المكافحة للتغيرات المناخية عبارة عن مشاريع طويلة الأمد تنطوي على مخاطر مالية، وقد يكون من الصعب جذب التمويل إذا لم تتوفر ضمانات مالية قوية للمستثمرين، الأمر يتفاقم في ظل وجود صراعات سياسية وعدم استقرار بين الدول، خاصة وقد تعاني بعض الدول من عدم استقرار سياسي وقانوني، ما يؤثر سلبًا على قدرتها على جذب التمويل وتنفيذ المشاريع، ويجب أن تعمل الدول على توفير بيئة سياسية وقانونية مستقرة ومواتية للاستثمارات في مشاريع التغير المناخي. 

وعن كيفية التغلب على ذلك، قال إنه من الضروري جدًا أن تعمل الدول على تعزيز التعاون وتبادل الخبرات والمعرفة في مجال التمويل المناخي، فيمكن مثالًا أن تستفيد دول عدة من دور الإمارات وتجربتها في مكافحة التغيرات المناخية، كذلك يمكن بناء آليات تعاون دولية تسهم في توجيه التمويل للمشاريع الأكثر أهمية وتحقيق أقصى قدر من الفعالية والتأثير، ولا مناص من ضرورة تطوير آليات تمويل جديدة ومبتكرة لمشاريع مكافحة التغيرات المناخية.

No description available.

غسان الشهابي

وأتم: يمكن استكشاف الخيارات مثل السندات الخضراء، وصناديق التكيف مع التغير المناخي، والتمويل الإسلامي المستدام، وغيرها من الأدوات المالية المبتكرة، كذلك يجب أن تكون هناك آليات فعالة لضمان استخدام التمويل بطريقة فاعلة وفعالة ومنصفة، إلى جانب تعزيز التوعية والتثقيف بشأن أهمية مكافحة التغيرات المناخية والتمويل المتاح لذلك. 

مشاريع وتمويلات

وعن المشاريع التي تواجه التغيرات المناخية وتحتاج إلى تمويل تحدث الخبير البيئي التونسي سمير الشفي بقوله، إنه من المتوقع أن تركز الإمارات كدولة مضيفة للمؤتمر على دعم مجموعة واسعة من المشاريع،  تواجه الطاقة المتجددة تحديات كبيرة في توسيع استخدامها وتعزيز فعاليتها، فمن الوارد أن يشمل التمويل دعم تطوير وتشغيل مشاريع الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الحرارية والمائية، خاصة أن صناعة النقل تشهد تحولًا نحو الاستدامة بتطوير واعتماد وسائل نقل أكثر كفاءة وانبعاثات أقل، ويمكن أن يتضمن التمويل دعم تحسين البنية التحتية للنقل العام وتشجيع استخدام وسائل النقل الكهربائية والوقود البديل.

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست": من الأمور التي تؤثر في التغيرات المناخية بشكل كبير هي الزراعة وأمن الغذاء، ولذا أرى ضرورة أن يتضمن التمويل دعم مشاريع زراعية مستدامة مثل التقنيات المتقدمة للري والزراعة العضوية وتنويع المحاصيل، ولا ننسى ما تعانيه البيئة والتنوع البيولوجي من تأثيرات التغير المناخي، وما يحتاجه ذلك من جهود مستدامة للحفاظ عليها، كذلك يمكن أن يتضمن التمويل دعم مشاريع حفظ الغابات وإعادة التشجير وحماية البيئة البحرية. 

واستطرد: من المشاريع التي تستهدفها الإمارات ويجب توفير تمويل لها، ما نواجهه من مشكلة التخلص من النفايات والتي تعد تحديات بيئية كبيرة، ويمكن أن يتضمن التمويل دعم مشاريع تدوير النفايات وتطوير تقنيات التخلص الصديقة للبيئة. 

البيئي التونسي سمير الشفي

ولفت إلى أهمية ضمان توفير التمويلات، مؤكدًا أن الدور الإماراتي لا بد أن يكون حاسمًا، وتستثمر الإمارات بشكل كبير في مشاريع مكافحة التغيرات المناخية وتعزيز الاستدامة، على سبيل المثال، تم إطلاق صندوق الاستثمار الإماراتي للطاقة المستدامة بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى ذلك، تعمل الإمارات على تعزيز الشراكات الدولية والتعاون مع الجهات المعنية لتمويل مشاريع مكافحة التغيرات المناخية، وقد تستخدم الإمارات أيضًا آليات تمويل متنوعة مثل الاستثمارات الحكومية، والمشاريع التجارية، والشراكات العامة الخاصة، والتمويل الدولي، والتبرعات الخاصة. 

وأشار إلى إمكانية أن تلعب البنوك والمؤسسات المالية الإماراتية دورًا مهمًا في توفير التمويل وتطوير حلول مالية مبتكرة للمشاريع المستدامة. 

استكمال مشاريع مصرية 

وعن دور مصر في تمويل مشاريع مكافحة التغيرات المناخية وكيف يمكن لـCop28 أن يسهم في استكمال تلك المشاريع، تحدث عميد كلية التجارة وأستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، الدكتور محمد يونس، بقوله، إن لمصر دوراً في تمويل مشاريع مكافحة التغيرات المناخية، فقد تبنت مصر سياسات واستراتيجيات قوية لمواجهة هذا التحدي العالمي، وقد تم تخصيص موارد مالية كبيرة لتمويل مشاريع تخفيف الانبعاثات والتكيف مع آثار التغير المناخي، ومن بين الجهود الملموسة التي قامت بها مصر، يمكن ذكر مشروع بناء الطاقة الشمسية في منطقة بنبان بقدرة إجمالية تبلغ 1.8 جيجاواط، وهو مشروع ضخم يهدف إلى توليد الكهرباء بطرق نظيفة ومستدامة، كما تعمل مصر على تحويل السيارات إلى الطاقة الكهربائية وتشجيع استخدام وسائل النقل العامة والدراجات الهوائية. 

وأضاف في تصريحاته لـ"جسور بوست": علاوة على ذلك، تعاونت مصر مع العديد من المؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية في مجال التمويل المناخي، فقد تلقت دعمًا ماليًا وتقنيًا من البنك الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والاتحاد الأوروبي، وذلك لتنفيذ مشاريع تكييف المياه والزراعة المستدامة وتحسين البنية التحتية الخضراء.

الدكتور محمد يونس

واستطرد: أما بالنسبة لـCop28 فهو مؤتمر مهم لاستكمال التمويل المناخي العالمي وتوجيه المزيد من الموارد لمشاريع مكافحة التغيرات المناخية في مصر والدول النامية الأخرى، ويمكن لـCop28 دعم التعاون الدولي وتحفز الدول المتقدمة على زيادة استثماراتها في مشاريع التغير المناخي، وذلك من خلال تعزيز الشراكات المالية وتبادل التكنولوجيا وتسهيل نقل المعرفة. 

وأضاف: ولا ننسى، فباعتبارها قمة عالمية للتغير المناخي، توفر Cop28 منبرًا مهمًا للتعاون والتنسيق بين الدول المشاركة؛ يمكن أن تسهم Cop28 في تعزيز التمويل المناخي العالمي، وذلك من خلال تشجيع الدول المتقدمة على زيادة استثماراتها في مشاريع مكافحة التغير المناخي في مصر والدول النامية الأخرى.
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية