نيجيريا.. أزمة غذاء وجوع رغم وفرة الموارد

نيجيريا.. أزمة غذاء وجوع رغم وفرة الموارد

تؤدي زيادة النمو الاقتصادي لأي بلد إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي، ولكن لن يكون لذلك أي معنى -اجتماعيا واقتصاديا- إلا عندما يتم تحويله إلى تنمية اقتصادية، والمقصود بذلك هو التنمية، التي تعني نموًا مصحوبا بتحسين نوعية حياة المواطنين ويعد ذلك هو جوهر الحكم في أي بلد.

ويختلف مستوى التنمية الاقتصادية باختلاف الاقتصادات اعتمادا على قدرتها على النمو بما يتجاوز الاحتياجات الأساسية للإنسان، وفي نيجيريا، لا يختلف الأمر كثيرا، فلا تزال التنمية الاقتصادية طموحاً لأمة تنعم بموارد بشرية وطبيعية وطقس مثالي مع قليل من الكوارث الطبيعية، ولكن تستمر أزمة الأزمة الغذائية، والمعاناة من الجوع، وسوء التغذية حتى في خضم وفرة الموارد، حيث تتزايد المخاوف بشأن ميول ونزعات معينة حيث يتم إلقاء اللوم على الجوع في معظم الجرائم التي تُرتكب اليوم في البلاد.

 

86 مليون شخص يعيشون على أقل من دولارين في اليوم

هناك بعض العوامل مسؤولة إلى حد كبير عن ذلك، فالإحصاءات ترصد اتساع فجوة الدخل بين الفقراء والأغنياء بشكل كبير، مع عدة عوامل المسؤولة عن تفشي الجوع في البلاد، رغم أن البلاد تنعم بكثرة الموارد، حيث كشف تحليل للأمن الغذائي والتغذية نشرته منظمة "كادر هارمونايز" أن 12.1 مليون نيجيري عانوا من أزمة غذائية في عام 2021، كما توقع البنك الدولي أن تتزايد هذه الأرقام في عام 2022، والواقع هو أن الجوع يتزايد كل يوم في البلاد، علاوة على أن 40% من النيجيريين، أي عدد يبلغ اكثر من 86 مليون شخص يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، في حين أن النسبة الأكبر تجد صعوبة في تحمل ثمن وجبتين يوميا، توفران عناصر غذائية يحتاجها الجسم للبقاء بصحة جيدة.

 

الحد الأدنى للأجور يكفي بالكاد ولا تطبقه أغلب الولايات

وتشير الحكومة إلى أن الحد الأدنى للأجور الذي حددته الحكومة عند 30 ألف نايرا نيجيرية شهريا، يعني أن حوالي ألف نايرا يوميا لتلبية احتياجات الطعام والمأوى والملبس والنقل والاحتياجات الأساسية الأخرى أمر مثير للقلق، فحتى الآن، أقل من 5 ولايات في نيجيريا من أصل 36 ولاية قبلت بدفع هذا الحد الأدنى للأجور، وحتى هذا الحد الأدنى للأجور سيكون منطقيا فقط لأولئك القادرين على الحصول على وظيفة واحدة على الأقل، في حين تنتشر البطالة، وخاصة بين الشباب الذين يشكلون أكثر من 70% من سكان نيجيريا، والأمر يزداد سوءا.

 

البطالة بين الشباب والتضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية

الشباب القادرون على الإنتاج، والراغبون في العمل، لكسب لقمة العيش ليس لديهم عمل، في حين أن أولئك الذين لديهم وظائف يعانون نقص العمالة بشكل كبير، ومن ليس لديهم القدرة على الحصول على وظيفة من المستحيل عليهم الهروب من براثن الجوع، وهناك مجموعة أخرى من النيجيريين الذين سيكون مصيرهم الحتمي هو الجوع، وهم أولئك الذين لديهم دخل متوسط، ​​وقد تأثر هذا الدخل أو قدرته الشرائية بسبب التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية، حيث تضاعفت تكلفة معظم المواد الغذائية بينما زاد البعض أكثر من 3 مرات عن سعره السابق في الفترة من 2019 إلى 2022.

 

ولا يزال انعدام الأمن الغذائي الناجم عن عدم كفاية النقد الأجنبي لاستيراد المواد الخام، وانعدام الأمن في أجزاء مختلفة من نيجيريا، حيث لا يستطيع المزارعون ممارسة الزراعة التقليدية، وارتفاع تكلفة النقل وبعض آثار تغير المناخ، مصدر قلق، فرغم أن البلاد تنعم بطقس جيد وأراضٍ صالحة ومتاحة للزراعة، يجب ألا تعاني من الجوع أو أي أزمة غذائية، على الأقل ليس بهذا الشكل الكبير، وعندما تكون الزراعة هي المهنة الرئيسية لنسبة كبيرة من السكان النيجيريين العاملين، فلا يمكن تصور سبب وكيفية تفشي الجوع وسط الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة بكثرة، وعلى الرغم من تخصيص ميزانية تزيد على تريليون نايرا في القطاع الزراعي على مدار 12 عاما مضت، باستثناء المنح والقروض والمساعدات والبرامج والسياسات الزراعية المتخصصة الأخرى، فشلت نيجيريا في تحقيق الأمن الغذائي.

 

محاولات فاشلة لتنويع مصادر الاقتصاد

وحاولت الحكومات السابقة والحالية تنويع الاقتصاد النيجيري الزراعي، إلا أن ذلك ظل مجرد أوراق عمل خادعة مع عدم وجود أي عمل سياسي للحد من الجوع، وعلى الرغم من نجاح الحكومة الحالية في زيادة إنتاج الأرز المحلي، إلا أن الأسعار لا تزال مرتفعة للغاية.

يجب استغلال الموارد البشرية والطبيعية بشكل صحيح

إن نيجيريا لديها الموارد البشرية والمالية لتحقيق الأمن الغذائي إذا تم تسخيرها وإدارتها بشكل صحيح، فكانت القروض والمنح والمساعدات وغيرها من أشكال الدعم للمزارعين بمثابة قنوات للفساد، وكانت مسؤولة عن تأثير ضئيل أو معدوم على الاقتصاد.

وتحتاج الحكومة إلى معالجة انعدام الأمن الغذائي من خلال الإرادة السياسية الملتزمة المدعومة بإجراءات حقيقية، حيث يجب تحقيق "الزراعة التجارية" من خلال المعدات والتكنولوجيا الحديثة، كما يجب تزويد الشباب والنساء بالتقنيات الضرورية والتمويل والمساعدات الزراعية للانخراط في الزراعة على نطاق واسع، مع معالجة انعدام الأمن وتوفير طرق الوصول إلى المناطق الريفية والأسواق حيث يمكن للزراعة معالجة نسبة كبيرة من البطالة ونقص العمالة في نيجيريا إذا تم تشجيعهم على قيادة حملة ريادة الأعمال في الزراعة، من خلال الوصول إلى تسهيلات ائتمانية من أجل تنمية الاقتصاد، كما يجب أن يكون هناك مشاركة من جانب أصحاب المصلحة في مواجهة التحديات التي تعيق نمو الزراعة في نيجيريا.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية