أمل العرب "4"..

تأثير التغيرات المناخية على الوضع بالعراق ودور COP28 في تقديم الحلول

تأثير التغيرات المناخية على الوضع بالعراق ودور COP28 في تقديم الحلول

يعاني العراق بشكل متزايد من تأثيرات التغيرات المناخية السلبية، والتي تشكل تحديًا كبيرًا على وضع البلاد في مجالات عدة.

يشير التقييم العلمي إلى أن تزايد درجات الحرارة وتراجع معدلات التساقط المطري يشكلان تهديدًا جديًا على البيئة والاقتصاد والأمن الغذائي في العراق. 

وفقًا لتقارير مؤسسة الطاقة الدولية، فإن متوسط درجة حرارة العراق ارتفع بنحو 1.5 درجة مئوية خلال العقود القليلة الماضية، وهو معدل يفوق متوسط ارتفاع درجة حرارة العالم، هذا الارتفاع في درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة التبخر وتدهور جودة التربة، ما يؤثر على إمكانية زراعة المحاصيل وتوفير الغذاء بشكل مستدام.  

ويواجه العراق تحديات كبيرة في مجال المياه نتيجة للتغيرات المناخية، وتعتمد الزراعة والمجتمعات المحلية في العراق بشكل كبير على نهري دجلة والفرات، واللذين يعانيان من تناقص مستمر في مستويات المياه بسبب زيادة التبخر ونقص التساقط المطري. 

وفقًا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، يعاني نحو 12 مليون شخص في العراق من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، وتؤثر هذه التغيرات المناخية أيضًا على الأمن الغذائي في العراق، وتشير تقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى أن حوالي 3 ملايين شخص في العراق يعانون من عدم كفاية التغذية، وأن حوالي 20% من الأطفال تحت سن الخامسة يعانون من تأثيرات سوء التغذية. 

من ناحية أخرى يعتمد العراق بشكل كبير على استيراد الغذاء لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، ما يعرضه للتبعات الاقتصادية والأمنية في حالة ارتفاع أسعار الغذاء عالميًا. 

ومع مؤتمر الأطراف 28 لاتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP28)، تتجه أنظار العالم إلى الحلول الممكنة والآمال في مواجهة تحديات التغير المناخي في العراق، ويعد COP28 فرصة حاسمة للبلدان للتعاون واتخاذ إجراءات قوية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع التغير المناخي، كذلك من المهم أن يتبنى COP28 نهجًا شاملاً يستهدف تعزيز الاستدامة البيئية وتطوير البنية التحتية الخضراء في العراق. 

ومن أجل العراق وغيرها من الدول العربية، خصصت "جسور بوست"، حلقات مسلسلة حملت عنوان"COP28: أمل العرب"، تستطلع فيه على حدة رأي خبراء كل دولة عن آمالهم وما يمكن أن يحمله لهم مؤتمر الأطراف لمواجهة التغيرات المناخية.

وأوصى خبراء بضرورة أن تتضمن الحلول المقترحة من مؤتمر الأطراف والذي انطلق في الثلاثين من نوفمبر الماضي، تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية والرياح، ويمكن أن تلعب الطاقة المتجددة دورًا حاسمًا في تخفيض الاعتماد على الوقود الأحفوري وتخفيف الانبعاثات الضارة، بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز جهود حماية وإعادة التأهيل للتنوع البيولوجي في العراق، ويعتبر العراق منطقة ذات تنوع بيولوجي غني، حيث يضم العديد من النظم البيئية المتنوعة والنادرة. 

كذلك ضرورة حماية هذه النظم البيئية والأنواع المهددة بالانقراض، وتعزيز الجهود لاستعادة المناطق المتأثرة من البيئة والتربة، أما بالنسبة للمياه، فينبغي تعزيز إدارة الموارد المائية في العراق بشكل فعال ومستدام.

الجفاف في العراق.. قيود قاهرة على مياه الزراعة | سكاي نيوز عربية

الأمن الغذائي في العراق 

في ظل التحديات المناخية المتزايدة التي يواجهها العراق، قال أستاذ القانون الجنائي وحقوق الإنسان بكلية الشرق الأوسط الجامعة، الدكتور محمد سرحان الحمداني، إن العراق من بين البلدان الأكثر تضررًا من آثار التغير المناخي، وللأسف نحن منسيون كباقي الدول المتضررة، ونأمل أن توضع جبرًا اتفاقيات المؤتمر حيز التنفيذ وتلزم الدول الكبرى بالمساهمة ماديًا في الحلول وتمويل مشروعات الدول المتضررة، وغير هذا سيكون الأمر عبثًا وتكرارا لما يحدث كل عام، نحن لدينا نحو 2 مليون شخص في العراق يواجهون نقصًا حادًا في الغذاء، ويعتمدون بشكل متزايد على المساعدات الغذائية.

وتتسبب التغيرات المناخية في تقلبات في محاصيل العراق الرئيسية، مثل الحنطة والشعير والأرز، وشهد العراق انخفاضًا في إنتاج الحنطة بنسبة 15% خلال السنوات الخمس الماضية، بينما انخفض إنتاج الأرز بنسبة 30%، هذا يعني أن العراق يعتمد بشكل متزايد على واردات الغذاء لتلبية احتياجاته الغذائية، إلى جانب ذلك، تتعرض النظم المائية في العراق للتهديد بسبب التغير المناخي، ويعتمد العراق بشكل كبير على نهري دجلة والفرات للري وتوفير المياه الصالحة للشرب، ومع زيادة درجات الحرارة وندرة المطر، يتدهور مستوى المياه في النهرين، ما يؤثر على قدرة العراق على ضمان استدامة الري الزراعي وتوفير المياه الصالحة للاستخدام البشري. 

وعن دور COP28 وما يمكنه تقديمه للعراق، قال الحمداني، في تصريحات لـ"جسور بوست"، أول ما يمكن تقديمه هو تقنين فرض عقوبات على الدول المخالفة وغير الملتزمة بما سيتم الاتفاق عليه.. ما يجري مخالف لحقوق الإنسان واعتداء على حياته، يجب أن يلعب دورًا فعالًا في تقديم الحلول والأمل لتحسين الوضع الأمن الغذائي في العراق، أيضًا نقل الخبرات خاصة استخدام تقنيات الزراعة المستدامة والمقاومة للجفاف لتحسين إنتاجية المحاصيل في ظروف المناخ الجافة، وتشجيع استخدام الأنظمة الزراعية المبتكرة مثل الزراعة المائية والزراعة العمودية لتحقيق إنتاجية أعلى بأقل استهلاك للمياه والمساحة. 

الدكتور محمد سرحان الحمداني

واستطرد، إذا تُركت الأمور هكذا فإلى أين سيذهب العراق والعالم، يجب البحث عن مصادر المياه البديلة مثل إعادة تدوير المياه والاستفادة من مياه الأمطار، علاوة على ذلك، يجب أن يتم دعم الجهود الرامية إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والتكيف مع التغيرات المناخية في العراق. 

النمو والاستثمار والاقتصاد

بدوره، علق مدير مدرسة الموهوبين بالعراق، الدكتور مهند حازم خضير بقوله، يواجه العراق تحديات جمة نتيجة لتأثيرات التغيرات المناخية على النمو والاستثمار والاقتصاد، نحن في مدرستنا مدرسة "الموهوبين" نحاول المساعدة من خلال الأبحاث العلمية وبالفعل حصدنا جائزة الشيخ زايد العام الماضي كأفضل مدرسة عربية نموذجية، أيضًا من خلال التوعية بالتحديات، حيث تعد هذه التحديات بمثابة إنذار للبلد لاتخاذ إجراءات فعالة ومستدامة لمواجهة تغير المناخ، نحن تأثرنا كبلد وشعب بشكل كبير في جميع القطاعات وتعد الزراعة من أهم القطاعات الاقتصادية في العراق، حيث يعتمد العديد من السكان على الزراعة لسبل العيش ومع زيادة درجات الحرارة وندرة المياه، يتعرض الإنتاج الزراعي في العراق لتحديات كبيرة، نحن نعاني من نقص في الإنتاج الزراعي بالإضافة إلى ذلك، تؤثر التغيرات المناخية على الاستثمار في العراق.

وأضاف في تصريحات لـ"جسور بوست"، يعد قطاع الطاقة من أهم قطاعات الاستثمار في البلاد، حيث يعتمد العراق بشكل كبير على إيرادات النفط والغاز الطبيعي، ومع تنامي التغيرات المناخية، يتزايد الضغط على العراق للانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة وتحقيق التنوع الاقتصادي، ويواجه العراق تحديات في تأمين التمويل اللازم لتحقيق هذه الأهداف وتنويع قاعدة الاقتصاد. 

No description available.

الدكتور مهند حازم خضير

واستطرد، يأتي مؤتمر كوب 28 فرصة هامة للعراق لتعزيز الجهود المحلية لمكافحة التغير المناخي وتحقيق التنمية المستدامة، ومن خلال المشاركة في هذا المؤتمر، يمكن للعراق أن يتبنى مجموعة من الحلول والآمال لتلك التحديات، أحد الحلول المحتملة هو تعزيز الاستدامة البيئية وتحسين كفاءة استخدام الموارد في العراق، بما في ذلك المياه والطاقة، ويمكن للعراق أن يستفيد من التعاون والشراكة الدولية لتعزيز قدراته في مواجهة التحديات المناخية، وبدوره يجب على العراق أن يتبنى استراتيجيات واضحة لتحقيق الاستدامة البيئية وتنفيذها بشكل فعال، أيضًا القدرات المحلية وتوفير التمويل اللازم لتحقيق التغيير المطلوب. 

الصحة في العراق ودور COP28

وقال استشاري أمراض القلب في العراق، الدكتور محمد هاشم المياحي، إن وبال التغيرات المناخية على العراق يفوق غيرها من الدول، وعليه يجب أن يولي مؤتمر الأطراف للعراق اهتمامًا خاصًا، كما تتزايد المخاوف بشأن تأثيرات التغيرات المناخية على الصحة في العراق، والأرقام لا تكذب، نحن إلى زيادة بسبب الحوادث المناخية المدمرة، التحديات تشكل تهديدًا واضحًا للصحة العامة وتتطلب تدخلاً عاجلاً وفعالًا للتصدي لها، علميًا ارتفاع درجات الحرارة وتغيرات نمط الأمطار يؤديان إلى زيادة في انتشار الأمراض المنقولة عن طريق الحشرات والقوارض، مثل حمى الضنك والملاريا وحمى الغرب النيلي، ووفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، يعد التغير المناخي من بين العوامل التي تساهم في انتشار هذه الأمراض في المناطق المعرضة لها. 

وأضاف المياحي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، هناك أيضًا تأثيرات سلبية على الجودة الهوائية نتيجة للتغير المناخي، ويتسبب هذا في تزايد تلوث الهواء ما يعرض السكان لزيادة في حالات الربو والأمراض التنفسية الأخرى، وقد حذرت من ذلك أبحاث علمية كثيرة، وتم تسجيل زيادة بنسبة 30% في حالات الربو في العراق خلال العقد الماضي، وهو ما يعكس تأثيرات الجودة الهوائية السيئة على الصحة إضافةً إلى ذلك، ينبغي الانتباه إلى تأثيرات التغيرات المناخية على السلامة الغذائية وسلامة المياه في العراق، وهناك احتمالية تلوث المياه وانتشار الأمراض المنقولة عن طريق المياه، مثل الكوليرا والتسمم الغذائي. 

الدكتور محمد هاشم المياحي

واستطرد، يعاني العراق من انتشار الكوليرا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، ما يضعف الصحة العامة ويؤثر على جودة الحياة للسكان، ويمكن لـ(COP28) البحث في حلول فعالة وسريعة لهذه المشاكل، فيجب أن تكون الأهداف البيئية والصحية متلازمة في الخطة العالمية لمكافحة تغير المناخ، وينبغي أن تتضمن الجهود المشتركة للدول والمجتمع الدولي تحسين الرصانة الصحية وتعزيز الوعي بالتأثيرات الصحية لتغير المناخ، أيضًا التركيز على تعزيز القدرات التحضيرية والتكيفية للمناطق الأكثر تأثرًا في العراق. 

وأتم، من المهم أن تتخذ الحكومات والمؤسسات المعنية التدابير اللازمة لتعزيز البحث العلمي وتطوير استراتيجيات متكاملة للتكيف مع تأثيرات التغير المناخي على الصحة. 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية