اليوم الدولي للغة العربية.. بوتقة ذهبية تُصهر التنوع الثقافي والثراء الإنساني
يحتفل به في 18 ديسمبر من كل عام
مثل بوتقة ذهبية تُصهر التنوع الثقافي والثراء اللغوي الإنساني، ظلت اللغة العربية واحدة من أهم لغات العالم وأكثرها انتشاراً وعمقاً وتفخيماً، لا سيما أنها لغة القرآن واللغة الرئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية، إضافة إلى أنها لغة الشعر والفنون.
ويحيي العالم اليوم الدولي للغة العربية، في يوم 18 ديسمبر من كل عام، لتسليط الضوء على المساهمات الغزيرة للغة الضاد في إثراء التنوع الثقافي واللغوي للإنسانية.
واللغة العربية هي ركن من أركان التنوع الثقافي للبشرية وإحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلم بها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان العالم.
ويتوزع متحدثو العربية بين المنطقة العربية والعديد من المناطق الأخرى المجاورة، مثل تركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا، إذ إن للعربية أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة لأنها لغة القرآن، ولا تتم الصلاة والعبادات في الإسلام إلا بإتقان بعض كلماتها.
كما أن العربية لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية، إذ كتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى.
وتحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي لعام 2023 تحت شعار "لغة الشعر والفنون"، لا سيما أن اللغة العربية تشتهر منذ زمن بعيد بإسهاماتها في الشعر والفنون، فهي لغة ذات قوّة راسخة وأبدَعت آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب.
وتناقش الاحتفالية عدة محاور أبرزها "مساهمة الشعر العربي في تشكيل المعارف وفي التحولات الاجتماعية، وتوسيع آفاق التنوع الثقافي، والبصمة العربية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وغيرها".
ويتزامن الاحتفال هذا العام مع الذكرى السنوية الخمسين لإعلان اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة، إذ تهدف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" إلى الإشادة بزهاء اللغة العربية على الصعيدين الشعري والفني.
ويهدف هذا الاحتفال العالمي إبراز أهمية اللغة في لم الشمل لإجراء حوار بَنّاء بين الثقافات، وتشكيل التصورات، وتعزيز التفاهم في المشهد العالمي الحالي الذي يتسم بالشكوك والاضطرابات.
كما يعد اليوم العالمي للغة العربية منبراً ثابتاً للتعمق في مناقشات بشأن تأثير اللغة العربية في تشكيل المعارف، والتحولات المجتمعية من خلال الشعر، فضلاً عن تأثيرها في الفنون، مع تعزيز التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات.
وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات، كما أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء.
وسادت اللغة العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيراً مباشراً أو غير مباشر في كثير من اللغات الأخرى مثل التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية، وبعض اللغات الإفريقية مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وبخاصةً المتوسطية منها مثل الإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.
كما مثلت اللغة العربية كذلك حافزاً لإنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة.
وأتاحت إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي، في إطار دعم وتعزيز تعدد اللغات وتعدد الثقافات، قرارا بالاحتفال بكل لغة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة.
وأوضحت اليونسكو أنها ستسلط الضوء على المساهمات الغزيرة للغة العربية في إثراء التنوع الثقافي واللغوي للإنسانية، فضلاً عن مساهمتها في إنتاج المعارف، وذلك من خلال موضوع الاحتفال لهذا العام.
يبدع العديد من الشعراء في ذكر محاسن اللغة العربية، إذ يظل من أبرزها البيت الشعري الرائع لأمير الشعر العربي أحمد شوقي الذي قال فيه "إِنَّ الـذي مَلَأَ اللّغاتِ مَحاسِناً... جَعَلَ الجَمالَ وَسَرَّهُ في الضّاد".
وتحتوي اللغة العربية على 28 حرفاً، ويعتقد بعض اللغويين أن الهمزة حرف من أحرفها لتصبح لغة ذات 29 حرفاً، وتكتب هذه اللغة من اليمين إلى اليسار، وهي بذلك تشبه كلّاً من اللغة العبريّة والفارسيّة، كما أنها تعتبر من أغزر اللغات من ناحية المادة اللغوية.
وتظل اللغة العربية واحدة من أرقى وأهم اللغات في العالم، لغة القرآن الكريم التي فضلها الله سبحانه وتعالى على جميع اللغات في العالم.