البيئة في لبنان تحت مرمى القنابل الفسفورية المحرمة دولياً

البيئة في لبنان تحت مرمى القنابل الفسفورية المحرمة دولياً

لبنان- بلال نور الدين

مع استمرار القتال الدائر بين لبنان وإسرائيل في جنوب لبنان، تتوسع حدة القصف الإسرائيلي فلا يسلم منها الحجر ولا الشجر، إذ عمد الإسرائيليون إلى استخدام القنابل الفسفورية المحرمة دوليا، مستهدفين أطراف بعض القرى، مسببين بذلك أضرارا كارثية للحياة والبيئة وتهديدا خطيرا لحياة الإنسان.

رئيس بلدية كفركلا الجنوبية حسن شيت كشف في حديثه مع "جسور بوست" أن "البلدة تعرضت عدة مرات لاستهداف بالفوسفور الأبيض المحرم دوليا، وقد تضرر من جراء القصف ما يقارب 20 دونما من الأراضي المشجرة بالزيتون يملكها حوالي 30 مزارعا من أبناء القرية".

وأضاف شيت أنه نتيجة شدة القصف "لا يمكن لنا أن نعرف مدى تأثر المياه بالفسفور، إلا حين انتهاء حالة الحرب الموجودة، وعموما فالآثار من جراء الفوسفور ستظهر جلية بعد انتهاء العدوان والتي يمكن أن تؤثر على كل من الحياتين البرية والحيوانية".

وفي وقت سابق، ذكرت وزارة الزراعة، أن الفسفور الأبيض فتك بأكثر من 200 ألف طير دجاج، ونفق حوالي 700 رأس ماشية، وتضرّر 250 قفير نحل و60 خيمة زراعية.

وردا على سؤال حول ما إذا اطلع أصحاب الأراضي على الأضرار التي لحقت بأرضهم، يكشف شيت أن "وصول أبناء البلدة إلى أراضيهم خطر في الوقت الحالي، كون العدو الصهيوني هو عدو غير إنساني ومن الممكن أن يقصفهم بالفوسفور أو غيره، خصوصا أن هدفه من الضرب بالفوسفور هو حرق ما يمكنه من ثروتنا الزراعية، والتأكد من عدم خروج أحياء من المدنيين".

حسن شيت

آثار قاسية على النظام البيئي

مصدر في جمعية "الجنوبيون الخضر" كشف في حديثه مع "جسور بوست" أن "مساحة الأراضي المتضررة، تتجاوز خمسمئة هكتار وتتوزع بين مناطق كثيفة الأحراج ومتوسطة ومفتوحة ومناطق زراعية، وهي تمتد من مرتفعات كفرشوبا في قضاء حاصبيا، إلى الناقورة في قضاء صور، مروراً ببلدات أقضية مرجعيون وبنت جبيل المحاذية للحدود مع فلسطين".

ويتابع "وأكثر المناطق استهدافا هي تلال كفرشوبا وحلتا ومحيطها والمنطقة الممتدة بين علما الشعب والناقورة فضلاً عن محيط عيتا الشعب ورميش".

ويشير المصدر إلى أن "الحريق الذي يسببه الفسفور الأبيض يقضي على مختلف أنواع النباتات ولا يوفر أنواع الحيوانات المختلفة التي تجد نفسها عالقة وسط النيران على مساحة واسعة، كما أنه شديد السمية عند تنشقه أو امتصاص الجلد له من قبل الكائنات الحية، ويؤدي إلى تلف الأنسجة حتى العظام وفشل الأعضاء الداخلية، والموت بعد معاناة".

ويضيف "كما يمكن أن يلوث الفوسفور الأبيض التربة والمسطحات المائية ومجاري الجداول، ويمكن أن يستمر هذا التلوث لفترة طويلة، ما يجعل المناطق المتضررة غير مناسبة للعديد من الأنواع ويتسبب باختلال النظم البيئية، وتؤدي ترسبات الفسفور الأبيض في المسطحات المائية إلى الإضرار بالنظام البيئي والأسماك والبرمائيات والأنواع المائية الأخرى، بالإضافة إلى مصادر غذائها".

وردا على سؤال حول الآثار بعيدة المدى لهذه القنابل قال "ذلك يتوقف على أمرين: حجم الاختلال في النظام البيئي ونسبة وكثافة تركز مخلفات حمض الفسفور في التربة والمياه، وهذا يتطلب تقييماً واسعاً بعد نهاية الاعتداءات لكل المواقع التي استهدفها القصف وتحديد الأضرار وحجم التلوث الذي أصاب التربة والمياه، وبناء عليه وضع خطط إعادة تأهيل للمواقع، وهو يتطلب وقتاً طويلاً بالتأكيد، خاصة أن الأضرار لحقت أحراشا معمرة وتعويضها يتطلب جهدا ووقتاً، كما أنه من الأمور التي يجب الالتفات إليها هو أثر هذه الحرائق على كمية مخزون خزانات المياه الجوفية".

وفي ما يتعلق بوجود مؤشرات ملموسة بخصوص الضرر البيئي يقول المصدر "لدينا تقديرات تتناول المياه، ولا تزال هناك حاجة لدراسة عينات من المواقع المستهدفة.. بخصوص الهواء فإن المخاطر آنية، بعد دقائق من تفجر القنابل وانتشار الدخان السام. 

وبخصوص التربة، تابعنا من خلال أحد مستشارينا التقنيين بالتعاون مع جهات أخرى فحص عينات جمعت من تربة مناطق مستهدفة، وخلصت إلى بقاء الفسفور الأبيض فعالاً في التربة وقابلاً للاشتعال التلقائي بعد مرور 21 يوماً من القصف، وهو أمر ننبه إليه أهلنا في البلدات المستهدفة والبلديات فيها".

وحول دور الدولة والمطلوب منها يوضح المصدر أن "هناك نشاط الدفاع المدني اللبناني التابع لوزارة الداخلية وباقي فرق الدفاع المدني التابعة لكشافة الرسالة الإسلامية والهيئة الصحية الإسلامية، الذين يؤدون أعمالاً بطولية حقيقية ويتعرضون للاستهداف من قبل الجيش الإسرائيلي، كما حدث مع كشافة الرسالة الإسلامية في مكافحتهم الحرائق التي يتسبب بها القصف الإسرائيلي المتعمد بقنابل الفسفور الأبيض والحارقة للأحراش والمناطق الزراعية".

ويتابع المصدر "وفي ما خص الإجراءات الحكومية والوزارية المتخذة لغاية الساعة فهي لا تزال محدودة، فباستثناء تقييم الأضرار الذي صدر عن وزارات الزراعة والبيئة بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث نهاية شهر أكتوبر الماضي، ليس هناك إجراءات متخذة على الأرض على حد علمنا، وربما يعود السبب للأوضاع الأمنية ولاستمرار القصف الإسرائيلي للمناطق عينها بشكل أساسي وهو ما يواجهه ناشطونا كذلك".

ويضيف “وبخصوص الخطوات المطلوبة في هذه المرحلة، فهي تعزيز قدرات فرق الدفاع المدني المختلفة وتوفير الحماية لها من خلال ملاحقة الجيش والسلطات الإسرائيلية لدى المحافل الدولية بتهمة ممارسة جرائم حرب وانتهاكات للقانون والمعاهدات الدولية التي تحظر استخدامات الفسفور الأبيض ضد المواقع المدنية والبيئية، والعمل على التعويض عن الأضرار التي تسبب بها استعدادا لمرحلة ما بعد انتهاء الاعتداءات، للبدء بأعمال إعادة تأهيل وزراعة المناطق المحروقة وتعويض المزارعين".

خطوات لحماية البيئة

وأوضحت هيام مرديني من منظمة غرين بيس أن القنابل الفسفورية "قد تترك آثارًا خطيرة على البيئة، خاصة في المناطق الخضراء والماء والهواء".

وتتابع "وقد شهدنا كيف تتسبب الحرارة الشديدة الناتجة عن الانفجار في القضاء على الغطاء النباتي في المنطقة المتأثرة، فحين يصل الفسفور الأبيض إلى أي جزء من المنظومة البيئية مهما كانت نباتا أو حيوانا ستعاني من حروق جسيمة وعميقة قد تؤدي إلى القضاء عليها، ما يؤثر سلبا على التنوع البيولوجي والبيئي في المنطقة المتضررة على المدى البعيد".

وأضافت “مرديني” في حديثها مع "جسور بوست" أن "الفوسفور الأبيض ملوث هوائي خطير حيث يحمل الدخان الكثيف الناتج عن انفجار القنابل الفسفورية مواد سامة تتسبب في التهابات في الجهاز التنفسي للأفراد الذين يتعرضون له. 

كما قد تتسبب هذه القنابل في تلويث مصادر المياه، مثل الأنهار والبحيرات، حيث تتسرب المواد الكيميائية السامة إلى المياه وقد تبقى في حالة هامدة لفترة طويلة من الزمن حيث لا يتم التفطن إلى وجودها في المياه ما يؤثر على جودة المياه وما قد ينتج منها إن كانت هذه المصادر معدة للاستعمال البشري أو الزراعة، وبالطبع فإن الحياة البحرية تتأثر بهذه الملوثات حيث تمتصها أجسام الكائنات البحرية التي قد يستهلكها البشر للغذاء". 

وتابعت: "بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب الحطام والفتات الناتج عن الانفجار في تلويث التربة والغطاء النباتي بالمواد الكيميائية الضارة التي قد تصل إلى القضاء على الغطاء النباتي، الأمر الذي لا يتم تعويضه بسهولة أو في زمن قصير، وفي السياق البيئي العام، يُشير استمرار استخدام هذه القنابل إلى انخفاض التنوع البيولوجي وتدهور البيئة على المدى الطويل في جنوب لبنان، ويبرز ذلك أهمية التصدي لاستخدام القنابل الفسفورية واتخاذ إجراءات فورية للحفاظ على البيئة والحياة البرية في هذه المنطقة المتأثرة".

وحول الخطوات التي يجب القيام بها للتصدي للتحديات البيئية والصحية تقول “مرديني” "أولاً، ينبغي إجراء دراسات علمية دقيقة لتقييم الأضرار البيئية الناتجة عن استخدام القنابل الفسفورية، بما في ذلك تأثيراتها على الهواء والماء والتربة، ثم يجب تطوير تقنيات فعّالة لإزالة الملوثات الناتجة عن القنابل من الهواء والماء والتربة، مع التركيز على استخدام تقنيات صديقة للبيئة".

وتابعت "علاوة على ذلك، يتعين تنفيذ برامج لإعادة تأهيل وتنقية المصادر المائية المتأثرة، وتحسين جودة المياه وحماية الحياة البحرية، فيمكن زراعة النباتات المقاومة التي تساهم في تحسين جودة التربة وإعادة بناء البيئة النباتية في المنطقة، ومن المهم أيضًا تنفيذ برامج لحماية وزيادة التنوع البيولوجي، بما في ذلك الحفاظ على الحياة البرية المتضررة وتشجيع على نمو الأنواع النباتية والحيوانية المحلية".

وأعربت هيام مرديني عن القلق البالغ لمنظمة "غرين بيس" إزاء استخدام القنابل الفسفورية "وذلك نظرا لآثارها الضارة على البيئة والإنسان، إذ يثير استخدام هذه الأسلحة تساؤلات حول مدى التزام الدول بالقانون الدولي الإنساني، خاصة البروتوكول الثالث لسنة 1980 المتمم لمعاهدات جنيف والمتعلق بمنع استعمال الأسلحة الحارقة على المدنيين أو أماكن تجمع المدنيين بما فيها الغابات والمناطق الطبيعية". 

ويضيف المصدر "إننا نطالب بالتحرك الفوري لحماية البيئة من تأثيرات هذه الأسلحة والالتزام بالمعاهدات والقوانين الدولية المنظمة لاستعمال الأسلحة الكيميائية والخطرة في النزاعات المسلحة، ويتعين على المجتمع الدولي التكاتف للحفاظ على البيئة ومنع التلوث الخطير الذي يترتب عن استخدام القنابل الفسفورية".

يجب الضغط على إسرائيل

وقالت عضو منظمة العفو الدولية رينا وهبي في حديث مع "جسور بوست" إن "فريق المنظمة جمع أدلة دامغة توثق استخدام الفسفور الأبيض في مناطق الضهيرة والماري وعيتا الشعب الحدودية، في الفترة ما بين 10 و16 تشرين الأول. 

وتابع "كما أن مختبر أدلة الأزمات في منظمة العفو الدولية، تحقق من مقاطع فيديو وصور رقمية تظهر قذائف مدفعية تحتوي على دخان الفوسفور الأبيض في هذه المناطق، بالإضافة إلى ذلك أجرينا مقابلات مع رئيس بلدية الضهيرة، وأحد سكانها، ومسعف قام بتيسير نقل المدنيين المصابين إلى مستشفى قريب، وطبيب طوارئ يعمل في المستشفى الذي استقبل المدنيين المصابين، فوثقنا من خلال هذه الشهادات إصابة ما لا يقل عن 9 مدنيين، بالإضافة إلى أضرار لحقت بمواضع مدنية".

وأضافت "كما تحقق مختبر أدلة الأزمات من صور التُقطت في 18 تشرين الأول بالقرب من الحدود اللبنانية تظهر قذائف ذخيرة من دخان الفسفور الأبيض عيار 155 ملم بحوزة الجيش الإسرائيلي، وتتميز هذه القذائف بنقشات واضحة متسقة مع رموز الذخيرة التي تحتوي عادة على الفسفور الأبيض".

وكشفت “وهبي” عن أن “الهجوم الذي طال الضهيرة يوم 16 أكتوبر لم يميّز بين المدنيين والعسكريين، وأدى إلى إصابة ما لا يقل عن 9 مدنيين، وألحق أضرارًا بمواضع مدنية، وبالتالي فهو غير قانوني ويجب التحقيق فيه باعتباره جريمة حرب”. 

وأوضح المصدر أن المنظمة “تتابع بشكل يومي ومتواصل كافة الهجمات التي توقع ضحايا من المدنيين، وتوثقها، وتسعى للتحقيق فيها إن توفرت الأدلة”.

وأردفت "لقد وثقنا ونشرنا معلومات عن استخدام الأسلحة الفوسفورية في الضهيرة، وصنفناه كهجوم يجب التحقيق فيه كجريمة حرب، وسوف نستمر في فعل ذلك عن بعد ومن على الأرض، بعدما استخرجنا التصاريح التي تسمح لفريقنا بدخول المنطقة الحدودية".

وحول كيفية ضمان عدم تكرار استخدام سلاح الفسفور الأبيض، قالت رينا وهبي "إن استخدام الفسفور الأبيض ليس محظوراً بشكل كامل -أي له استخدامات مشروعة- بموجب القانون الدولي الإنساني، ولكن لا يجوز أبدًا أن يصوّب على مناطق سكنية مأهولة وبنية تحتية مدنية أو بالقرب منهما، لأنه من الممكن جدًا أن ينتشر الحريق والدخان اللذان يتسبّب بهما، وتُعدّ مثل هذه الهجمات، التي لا تميّز بين المدنيين والمواضع المدنية والمقاتلين والأهداف العسكرية، عشوائيةً، وبالتالي فهي محظورة".

وتابعت: "للأسف، تاريخ إسرائيل مع الإفلات من العقاب طويل، لذلك يجب متابعة الضغط عبر مؤسسات العدالة الدولية وحملات المناصرة في دول العالم لتحقيق المساءلة والمحاسبة في استخدام الفوسفور الأبيض في أماكن مأهولة بالسكان كما في أي انتهاكات أخرى للقانون الإنساني الدولي.. نحن نضع تحقيقاتنا على طاولة العالم، ويبقى توثيقنا شاهدا على كل هذه الانتهاكات".

وعن دور المجتمع الدولي في الضغط على إسرائيل أكدت أنه "يتعين على حلفاء إسرائيل الرئيسيين -الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وألمانيا- أن يعلقوا المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل، نظرا للخطر الحقيقي المتمثل في استخدامها لارتكاب انتهاكات جسيمة، إذ تحظر سياسة الولايات المتحدة نقل الأسلحة إلى الدول التي من المرجح أن تستخدمها في انتهاك القانون الدولي".

وعن مدى تأثير الحكومة اللبنانية في هذا الشأن تبين أن "المحكمة المختصة بالنظر في جرائم الحرب هي المحكمة الجنائية الدولية، ولكن لبنان لم يوقع على نظام روما الأساسي الذي يخوله تقديم شكوى أمامها، ومن هنا تبرز أهمية أن يوقع لبنان بشكل عاجل على نظام روما الأساسي للمحكمة".

ويتابع "يجب مقاضاة إسرائيل، ومن هنا أهمية انضمام لبنان لنظام روما الأساسي الذي يخوله مقاضاة إسرائيل على جرائم الحرب أمام المحكمة الجنائية الدولية".

يذكر أن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، كما أن لبنان تعرض لخمسة اعتداءات بالفسفور في السنوات 1982 و1993 و1996 و2006 و2023، وأيضا ففي عام 2021 صادقت غالبية الدول في الأمم المتحدة على قرار يلزم إسرائيل بدفع 856 مليون ليرة للبنان كتعويض عن أضرار بيئية سببتها خلال حرب 2006، إلا أن إسرائيل لم تدفع شيئا حتى الآن.

واختتمت رينا وهبي، قائلة: “رصدنا خبر إيعاز وزير الخارجية إلى بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، لإدانة استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض، ولكن تبقى المحكمة الجنائية الدولية الجسم القضائي المخول بالتحقيق، وأن يصدر أحكاماً ملزمة قانوناً، وبالإضافة إلى ذلك، نحث الدولة اللبنانية على التحقيق في الاستخدام غير المشروع للفوسفور الأبيض ونشر نتائج هذا التحقيق، وهو ما يجب أن يحصل في أي اعتداء على لبنان قد يكون مخالفاً للقوانين.. ونتائج هذه التحقيقات يجب أن تكون علنية".

ووفق ما نقلت وسائل إعلام لبنان، فإن رسالة لبنان ستطالب بإرسال بعثة تقصّي حقائق تابعة للأمم المتحدة، للكشف على الأراضي التي استهدفتها إسرائيل بالقنابل الفسفورية وتثبيت خرق إسرائيل للاتفاقات الدولية.

لبنان سيقاضي إسرائيل

عضو لجنة البيئة في البرلمان اللبناني، النائبة نجاة عون صليبا، قالت في حديث مع "جسور بوست" إنه "لا توجد طريقة لوقف الاعتداءات على الإحراج والأماكن الزراعية إلا بتطبيق القرار 1707 وبالعودة للقرارات الدولية ووقف الحرب بحيث لا تكون الحرب بقرار فئة ما، كما أنه من الضروري أن يكون الجيش اللبناني هو المحافظ على أراضينا، وهكذا سنتمكن من التحدث مع دول العالم للسعي من أجل تطبيق تلك القوانين ولمنع أي تعدٍ على الأراضي".

وردا على سؤال بخصوص مقاضاة إسرائيل، توضح أن "ملف مقاضاة إسرائيل لحرقها المساحات الخضراء، سوف يلاحق من قبل مجلس الوزراء ومكتب وزير البيئة، كما أن لجنة البيئة في مجلس النواب أثارت هذا الموضوع"، وتتابع "ستعتمد الدولة، في ملفها، على التقارير التي صدرت عن (منظمة العفو الدولية) و(هيومين رايتس ووتش)".

النائبة نجاة عون صليبا 

وكشفت صليبا عن أن "وزارة الزراعة ذكرت أنها ستعوض عن الأضرار التي لحقت بالأراضي، وأعتقد أن من واجبات الوزارة أن تحمي الغابات من الحرائق وأن تكون لديها خطة لإعادة تشجير تلك المناطق".

واعتبرت أن "تكلفة الأشجار يجب أن تقاس بعدد السنوات التي عاشتها كل شجرة، فهناك أشجار معمرة يتراوح عمرها ما بين 20 و100 سنة، وبالتالي إذا حسبنا كم أخذت تلك الشجرة من ثاني أكسيد الكربون وكم أعطت من الأكسجين، فستكون التكلفة خيالية.. لأنها أعطتنا هواء نقيا وثمارا وساهمت بتنظيف التربة".

ووفق تقديرات وزارة الزراعة فإن أكثر من 47 ألف شجرة زيتون تضررت من جراء الفسفوري، وما بين 5 إلى 6 ملايين هكتار من الأراضي تعرضت للحرق.

وكان وزير الزراعة عباس الحاج حسن قد ذكر في وقت سابق أن لبنان وقّع اتفاقاً للحصول على 250 ألف غرْسة زيتون مجاناً من منظمة أكساد التابعة لجامعة الدول العربية، واعدا بزرع 10 شجرات عن كل شجرة زيتون أحرقت، كما طلب لبنان مساعدة من تركيا لإعادة تشجير الثروة الحرجية وبساتين الزيتون.

مخاطر صحية وإمكانات محدودة

مصدر طبي -طلب عدم ذكر اسمه- قال لـ "جسور بوست"، إن "استخدام القنابل الفسفورية يعد تهديدا خطيرا لحياة الإنسان كونه “يمكن أن يؤدي إلى حروق شديدة قد ينتج عنها تلف في الأنسجة وإعاقات طويلة الأمد، خاصة أن الفسفور تصل حرارته إلى أكثر من 800 درجة عند الاحتراق، كما أن استنشاق أبخرة أو جزيئات الفوسفور يمكن أن يؤدي إلى مشكلات في الجهاز التنفسي حتى الوفاة".

وأضاف المصدر أن "وزارة الصحة أصدرت عددا من الإرشادات مؤخرا بخصوص كيفية التعامل مع أعراض الإصابة في حال حصلت، وأنها دعت سكان المناطق المتضررة لعدم الاقتراب منها، ويتابع "مع ذلك لم تقم الوزارة بدور توعوي كافٍ، فاليوم إذا ما سألنا المواطن اللبناني فهو يكاد لا يعرف شيئا"، ويضيف “المطلوب حملات أوسع في الإعلام اللبناني وحتى في المدارس والجامعات من أجل بث المعلومات الحقيقة بين فئات المجتمع كافة، وليس فقط الاكتفاء بنشر معلومات لا يمكن ضمان وصولها لكل الناس".

ووصف المصدر حال الدولة بالصعب بسبب الأزمة الاقتصادية، ويكشف أن ذلك “انعكس على القطاع الصحي وطبيعة الخدمات الصحية التي تقدمها الدولة، فصحيح أن المستشفيات تعاملت مع بعض المصابين، وصحيح أنه اليوم في حال وصول إصابات يمكن للدولة التعامل معها، ولكن ماذا إن ارتفعت أعدادها في ظل الإمكانات المحدودة؟ عموما الدولة تتصرف بالمتاح، رغم عدم كفايته".

وكانت بعض المصادر الصحية ذكرت معلومات عن نقل أكثر من 100 إصابة إلى المستشفيات الأقرب لمناطق الاعتداءات، توزّعت ما بين حالات اختناق وحروق بالفسفور، من دون أن تسجّل أي حالة حرجة أو وفاة.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية