حرية الرأي والتعبير.. حق أساسي مكبل بالقيود في 4 دول عربية

حرية الرأي والتعبير.. حق أساسي مكبل بالقيود في 4 دول عربية

بتفاوت ملحوظ في مستوى التدهور والردة بمجال حرية الرأي والتعبير والصحافة، تأثرت عدة دول عربية بحجم الاضطرابات والتوترات السياسية التي شهدتها على مدى 13 عاما مضت.

وتعد حرية الصحافة هي المَبدأ الذي يشير إلى وجوب مراعاة الحق في الممارسة الحرة للتعبير عن الرأي من خلال كل وسائل الإعلام المتاحة، التقليدي والرقمي، وتتضمن هذه الحرية غياب التدخل المفرط للدول، وحمايتها بالدستور والقانون.

وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1948 على أن "لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير؛ ويتضمن هذا الحق حرية الفرد في تكوين آراء بدون تَدَخُل أحد، والبَحث واستقبال ونقل المعلومات والأفكار من خلال كل وسائل الاتصال بصرف النظر عن حدود الدول".

وواجهت عدة دول عربية أزمات متعدد كالصراعات والعنف والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية المستمرة التي تقود الهجرة والأزمات البيئية والتحديات الصحية وغيرها ما يجعل انتشار المعلومات المضللة أمرا مؤثرا بشكل خطير على المؤسسات التي تقوم عليها الديموقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان.

وعادة ما تحتل حرية الرأي والتعبير والصحافة وسلامة الصحفيين مركز الصدارة في اهتمام الأمم المتحدة، إذ تعد مؤشرا قويا على مستوى الحريات والحقوق الإنسانية في الدول.

اليمن

منذ نشأتها في خمسينيات القرن الماضي، تعاني الصحافة في اليمن ويلات الانغماس في نزاع مسلح دخل عامه العاشر، منذ اندلاع حرب دامية جراء الانقلاب الحوثي في عام 2014.

وأثر النزاع الُمُسلح الدائر في اليمن، على حرية الرأي والتعبير والإعلام، بينما نجحت الدعاية والمعلومات الُمُضللة المدفوعة بالنزاع في تعميق الانقسامات الأيديولوجية والاجتماعية والسياسية في جميع أنحاء البلاد.

ووفق مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2023، الذي تصدره منظمة "مراسلون بلا حدود" (غير حكومية، مقرها باريس)، احتل اليمن المرتبة 168 من أصل 180، حيث يعد البلد العربي من أخطر بلدان العالم على سلامة الصحفيين.

وبجانب التقييد والمنع والتهديدات والانتهاكات، فإن حرية الصحافة واجهت موجات تجريف ممنهجة في اليمن، إذ تحول الإعلام إلى منبر للصوت الواحد وجرى طمس التنوع الإعلامي الذي كان سائداً في البلاد قبل عام 2014.

وعزا المراقبون أسباب تراجع حرية الرأي والتعبير والصحافة بشراسة في اليمن إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية والتعاطي الهامشي لقضايا الحريات وحقوق الإنسان والحريات الصحفية في البلد المأزوم.

وأدت تلك العوامل إلى نزع الشرعية عن عمل الإعلاميين، وتهيئة بيئة الرقابة الذاتية، وتنامي الرأي العام السلبي والمخاطر والتهديدات والمضايقات والتي بلغت حد الملاحقات والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والقتل العمد.

كما واجه الصحفيون والإعلاميون العديد من التحديات، أبرزها القيود المفروضة على حرية التنقل لزيارة المواقع والمنشآت المتضررة، فضلاً عن صعوبة الحصول على المعلومات والتقارير الرسمية.

ووفق تقديرات نقابة الصحفيين اليمنية، توقفت 165 وسيلة إعلامية عن العمل، بسبب الحرب وتبعاتها الأمنية والاقتصادية والسياسية، فيما جرى توقيف العديد من الصحفيين وإصدار أحكام بالإعدام على 4 صحفيين آخرين. 

سوريا

للعام الثالث عشر على التوالي، واصلت سوريا احتلال أسوأ المراتب والتصنيفات العالمية، فيما يخص حرية الرأي والتعبير والصحافة والعمل الإعلامي.

ويقول الخبراء والإعلاميون في سوريا، إنه منذ اندلاع الحراك الشعبي في عام 2011، تفننت مختلف أطراف النزاع في ممارسات انتهاكات حرية الصحافة والرأي والتعبير.

وتنوعت أنماط الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري بحق الصحفيين والعاملين في قطاع الإعلام، إذ لا يزال يحظر وسائل الإعلام المستقلة، ويتحكم بشكل مطلق بالإعلام الحكومي، ويقيد حرية الرأي والتعبير أمام الإعلاميين والمواطنين مستنداً إلى القوانين والمراسيم، ما يتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتُقيد حرية الصحافة والرأي والتعبير.

وصنف مؤشر حرية الصحافة العالمي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" عام 2023، سوريا ضمن الدول المعادية لحرية الصحافة والتعبير، إذ احتلت المرتبة الـ 175 من أصل 180 دولة، إذ تليها خمس دول تعد أعتى الدكتاتوريات في العالم، أبرزها إيران وكوريا الشمالية والصين.

وسعى النظام السوري إلى تقييد حرية الرأي والتعبير، وتوسيع نطاق الاتهامات الفضفاضة، لشرعنة عمليات الاعتقال الواسعة التي مارسها وإطلاق يد عناصر أجهزته الأمنية تجاه الصحفيين والمواطنين، بحسب المراقبين.

وفي عام 2023، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مقتل 715 من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، بينهم 52 بسبب التعذيب، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا منذ عام 2011.

وقبل ثورة 2011 كانت سوريا في مرتبة أفضل بالنسبة لترتيبها على جدول حرية الصحافة، فقد سجلت 126 من أصل 180 دولة عام 2002، بينما دخل تصنيفها إلى اللون البنفسجي "الخطير" منذ عام 2010.

تونس

وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، تحولت تونس من درة تاج ثورات الربيع العربي، إلى دولة تشهد انتكاسة وتراجعًا في مجال حقوق الإنسان وحريات الرأي والتعبير والصحافة.

وبحسب المراقبين، فقدت تونس المكاسب التي تحققت بشق الأنفس خلال العقد الماضي، على وقع إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد، إجراءات استثنائية في 25 يوليو 2021، بدأت بحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات رئاسية وإقالة رئيس الحكومة.

واحتلت تونس المرتبة الـ121 في مؤشر حرية الصحافة العالمي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" عام 2023، لتشهد تراجعا بواقع 27 مركزا عن العام السابق عليه.

وفي يونيو 2023، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك: "باتت تونس تشهد سن تشريعات فضفاضة وغامضة تُستخدم من أجل تجريم الصحافة المستقلة وخنق الأصوات المنتقدة".

وأضاف تورك: "نعاين حاليًا توسّع نطاق الحملة القمعية التي نفِذَت في وقت سابق من هذا العام واستهدفت القضاة والسياسيين والقادة العماليين ورجال الأعمال والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، فأمست تستهدف اليوم الصحفيين المستقلين، الذين يتعرضون لمضايقات متزايدة ويُمنعون من القيام بعملهم".

وخلال عام 2023، استخدمت السلطات التونسية في خمس مناسبات مختلفة تشريعات غامضة الصياغة بهدف استجواب 6 صحفيين واعتقالهم وإدانتهم، أبرزها تشريعات بشأن الجرائم الإلكترونية وحفظ الأمن ومكافحة الإرهاب.

وتنطوي هذه التشريعات على أحكام تنص على فرض غرامات عقابية وأحكام بالسجن المطول لنشر أخبار أو معلومات أو شائعات كاذبة مزعومة، كما تخول العناصر المكلفين بإنفاذ القانون الوصول إلى أي نظام معلومات أو جهاز، بغية تفتيشه وجمع البيانات المخزنة فيه.

وكانت حرية الرأي والتعبير والصحافة والإعلام، أحد أبرز مكاسب ثورة الياسمين في تونس، غير أنها باتت على شفا الانهيار، إذ يقرع الصحفيون ناقوس الخطر، لما يتعرضون له من اعتقالات ومضايقات وانتهاك لحريتهم في العمل الصحفي.

مصر

وبتأرجح لافت، تقف أكبر دولة عربية من حيث السكان، بين المنح والمنع في مجال حقوق الإنسان وحريات الرأي والتعبير والصحافة، وفق رأي الخبراء والمراقبين.

وتواصل مصر حجب عدد من المواقع الإخبارية، إذ احتلت المرتبة الـ166 في مؤشر حرية الصحافة العالمي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" لعام 2023.

وتعاني حرية تداول المعلومات والأخبار والبيانات في مصر من فراغ تشريعي، وذلك أن الدستور المصري ينص على إقراره والمساعي المتكررة للمطالبة بإقرار تشريع متوازن.

ونصت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي تم إقرارها في عام 2021 على كفالة حرية الرأي والتعبير، غير أنها لم تحدد الآليات التي من شأنها تنفيذ تلك البنود والمبادئ.

ونصت المادة 65 في دستور 2014 على أن "حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه قولا أو كتابة أو تصويرا أو غير ذلك من وسائل النشر"، لكن التنفيذ على أرض الواقع غالبا ما يواجه المعوقات.

وقبل عام 2011، رصدت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية، وقوع انتهاكات متكررة لحرية الرأي والتعبير والتنظيم، غير أن الأمور شهدت انفتاحا واسعا عقب أشهر قليلة من الثورة قبل أن يضيق مناخ الحريات مجددا مع تولي جماعة الإخوان المسلمين مقاليد الحكم في عام 2012.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية