بونتلاند (بلاد بنط) ومساعي الانفصال.. آلام أخرى في المشهد الصومالي

بونتلاند (بلاد بنط) ومساعي الانفصال.. آلام أخرى في المشهد الصومالي

 

أعلن إقليم بونتلاند (بلاد بنط) الغني بالنفط والذي يتمتع بالحكم الذاتي، عزمه العمل كدولة مستقلة عن الصومال لحين الموافقة على التعديلات على الدستور الصومالي.

يأتي ذلك بعد مرور نحو شهرين على إعلان إثيوبيا توقيع مذكرة تفاهم مع إدارة إقليم صوماليلاند يوفر لأديس أبابا منفذا بحريا، في خطوة نددت بها الحكومة الصومالية الفيدرالية مشيرة إلى أنها تهدد الاستقرار الإقليمي في المنطقة.

موقع بونتلاند

يقع إقليم بونتلاند في شمال شرق الصومال، يحدها من الغرب أرض الصومال ومن الشمال خليج عدن، ومن الجنوب الشرقي المحيط الهندي بينما تحدها إثيوبيا من الجنوب الغربي وولاية جلمدغ من الجنوب.

وتقدر مساحة الإقليم بأكثر من 212 ألف كيلومتر مربع، وتشكل ثلث مساحة الصومال تقريبا.

وقد ذكر اسم بونتلاند في العديد من المراجع التاريخية باسم "بلاد بنط" في إشارة إلى الصومال حيث كانت التجارة مزدهرة بينها وبين العديد من البلدان عبر البحر خاصة المصريين القدماء.

وأعلنت بونتلاند إنشاء سلطة ذاتية في عام 1998، ولكن دون إعلان الانفصال بسبب استمرار الحرب والصراع في الجنوب.

التعديل الدستوري 

وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء، الاثنين، أن مجلس وزراء بونتلاند أعلن أن الحكومة الفيدرالية في العاصمة الصومالية مقديشيو "استبدلت بصورة غير قانونية" الدستور بدستور جديد ينطوي على "دوافع خفية".

وجاء بيان الإقليم عقب اجتماع أعلن خلاله أنه يعتزم الانسحاب من الاتحاد.

وأضاف أن "حكومة بونتلاند قد سحبت اعترافها وثقتها في الحكومة الاتحادية لحين التفاوض حول إطار دستوري شامل يوافق عليه الشعب الصومالي، الذي بونتلاند جزء منه".

وتصرّ حكومة بونتلاند على الاعتراف فقط بنسخة 2012 من الدستور الصومالي، الذي تقول إن حكومة مقديشو تسعى إلى تغيير بنود فيه.

من جهتها، أكدت الحكومة الصومالية أنّ التعديلات ضرورية لإقامة نظام سياسي مستقر، وهي تشمل نظاماً انتخابياً جديداً لشخص واحد وصوت واحد، وإدخال انتخابات رئاسية مباشرة والسماح للرئيس بتعيين رئيس للوزراء من دون موافقة البرلمان.

وأعلن رئيس مجلس الشعب الصومالي شيخ آدن محمد نور مادوبي، يوم السبت، الموافقة المجلس بغرفتيه البرلمان والشيوخ على تعديلات دستورية.

وبحسب مادوبي، فإن التعديلات تشمل تغيير نظام الحكم في البلاد من البرلماني إلى الرئاسي، ومنح رئيس البلاد سلطة تعيين رئيس للوزراء، واعتماد نظام الاقتراع العام المباشر بدلاً من انتخابه عن طريق البرلمان، وتمديد الفترة الرئاسية إلى 5 سنوات بدلاً من 4 سنوات.

وأشار رئيس البرلمان إلى أن 254 عضواً في مجلس الشعب أيّدوا القرار من أصل 275 عضواً، إلى جانب تأييد 42 من أصل 45 عضواً في مجلس الشيوخ.

يشار إلى أن النظام المجزّأ في الصومال أدى إلى حدوث اقتتال داخلي في البلاد، إلى جانب استغلال الجماعات المسلحة الأوضاع لتنفيذ خططها كما تفعل ميليشيا حركة "الشباب" الإرهابية.

كما تعرّضت الخطط الجديدة لانتقادات باعتبار أنها تهدف إلى تركيز السلطة لدى الهيئة التنفيذية، وقد عارضت سلطات الولاية هذه التغييرات، متّهمة الرئيس حسن شيخ محمود بانتهاك الدستور وفقدان شرعيته.

وكانت بونتلاند واحدة من عدة ولايات لم تشارك في محادثات الإصلاح ولم يوقّع عليها رئيسها سعيد عبدالله دني.

أول انتخابات مباشرة 

وفي شهر مايو الماضي، نظّمت بونتلاند أول انتخابات مباشرة لها منذ عام 1969 خلال انتخابات المجالس المحلية، قبل أن تعود إلى نظام الاقتراع القائم على العشائر خلال الانتخابات البرلمانية في يناير الماضي.

كما عارض الرئيس الصومالي السابق محمد عبدالله فرماجو الإصلاح قائلاً إن العملية المستخدمة لتحقيق نظام رئاسي غير قانونية.

يذكر أنه بعد عقود من الصراع، يعاني الصومال من صراع دموي تقوده حركة "الشباب"، إلى جانب الكوارث الطبيعية التي تضرب البلاد، بما في ذلك الجفاف الشديد الذي ترك الملايين يواجهون خطر الجوع.

وكانت الحكومة الصومالية وولايات البلاد أعلنت، العام الماضي، أنّ الانتخابات ستجرى اعتباراً من 2024 بناءً على مبدأ "شخص واحد صوت واحد"، بموجب اتفاق تاريخي يضع حداً لنظام انتخابي غير مباشر ومعقّد يثير جدلاً.

وتوصل الاتفاق، خلال مؤتمر المجلس الاستشاري الوطني في الصومال، إلى الانتقال من رئيس البلاد ورئيس الوزراء إلى الرئيس ونائبه في الهيكل الحكومي للدولة، مع تشكيل لجنة انتخابية وطنية، على أن تُجرى الانتخابات مطلع العام المقبل 2024.

أزمات متعددة

الخلاف مع بونتلاند يأتي في ظل أزمة تشهدها مقديشو مع صوماليلاند، التي بدأت تتصرّف بعيداً عن هيمنة الحكومة المركزية وهو ما اتضح بعد توقيعها مذكرة تفاهم مع إثيوبيا، في خطوة يرى مراقبون أنها تمهّد لنيلها الاستقلال النهائي.

في المقابل، رفضت الحكومة الفيدرالية التوجّهات التي يسعى إليها إقليم "أرض الصومال الانفصالي"، وأكدت أن الولاية هي جزء من دولة الصومال، حيث أعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أنه لن يقبل بأن تؤخذ "قطعة من أرض البلاد"، واصفاً الخطوة بأنها "انتهاك صارخ للقوانين الدولية ولا يمكن تنفيذها إطلاقاً".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية